-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
جهاد عبدو نجم هوليوود العربي الجديد لمجلة الشروق العربي

أعتز بتشريف بلدي بهوليوود.. ولكن للأسف أمريكا خيّبت آمالنا تجاه ما يحدث في سورية

طارق معوش
  • 58
  • 0
أعتز بتشريف بلدي بهوليوود.. ولكن للأسف أمريكا خيّبت آمالنا تجاه ما يحدث في سورية
تصوير: فيصل حمداني

من الموسيقى انطلقت موهبة الفنان السوري المقيم حاليا في لوس أنجلس، جهاد عبدو، وهو عازف الكمان الذي شاءت له الأقدار أن يذهب إلى رومانيا لدراسة الهندسة، حيث قدم ذات مرة إلى جانب زملائه مجموعة من الإسكتشات الكوميدية التي تركت انطباعا مذهلا لدى الجميع آنذاك، لاسيما لدى عميد الجامعة الذي تنبّأ له بمستقبل كبير، وشجعه على دراسة التمثيل.. وهذا ما فعله، حيث اتجه فورا بعد عودته إلى دمشق إلى المعهد العالي للفنون المسرحية. وشيئا فشيئا، تتحقق النبوءة ويبدأ صعود نجمه.

جهاد عبدو، أو جاي عبدو، كما يُعرف عالميا، ممثل سوري شهير في سوريا والوطن العربي، وعالميا في السنوات الأخيرة. قدم الكثير من الأعمال للتلفزيون والمسرح، بالإضافة إلى إتقانه أنواعا عدة من الرقص الشرقي والغربي. جهاد عبدو، فنان مثقف واسع الاطلاع، يتقن 5 ٍ لغات: العربية، الإنجليزية، الإسبانية، الرومانية، الروسية، وقليلا من الفرنسية، وهو ما ساعده على البدء من جديد في الولايات المتحدة الأمريكية عندما ضـاقت به سوريا بسبب موقفه الداعم للثورة السورية.

عن هجرته إلى أمريكا والمعاناة التي عاشها، وجديده بهوليوود، يحدثنا جهاد عبدو، في هذا اللقاء الخاص جدا.

أعتز بتشريف بلدي بهوليوود.. ولكن للأسف أمريكا خيّبت آمالنا تجاه ما يحدث في سورية

 خرجتَ من دمشق بعد اندلاع الثورة السورية لتنضم إلى نقابة الفنانين الأميركيين، ومن ثم شاركت في التمثيل في هوليوود وبدأت تؤدي أدوارًا رئيسة إلى جانب نجوم عالميين. كيف تنظر الآن إلى مشوارك الفني؟ وما هي أبرز المحطات التي صنعت منك النجم العالمي جهاد عبده؟

منذ نعومة أظفاري، أنا شغوف بالمعرفة. وهذا ما دفعني إلى تعلم كثير من الأشياء مثل الموسيقى، اللغات، الرياضة، الرقص.. إلخ. وبالرغم من بعض الاستهزاء من بعض الناس حولي، لم أكترث وثابرت على التعلم بكل سرور، لأنني أؤمن بأن تطوير الذات واكتساب المهارات هي طرق النجاح. وفعلًا جاء الوقت الذي سخّرت فيه إمكاناتي ومعرفتي وموهبتي لأجد نفسي متميزًا. كل الأعمال التي شاركت فيها، سواء أكانت في سورية أم في رومانيا أم في تركيا، أضافت إلي كثيرًا من الخبرات والمهارات في مهنة التمثيل. مسرحية «سكان الكهف»، مسلسل «نهاية رجل شجاع»، «الطير»، سلسلتي «مرايا»، و«بقعة ضوء»، وغيرها من أعمال درامية وكوميدية. كل هذه الأعمال جعلت مني ممثلًا باحثًا، وكذلك تعلمت كثيرًا من زملاء عملت معهم أو شاهدت نجاحات لهم على المسرح أو على شاشات التلفزيون والسينما. وحين وقفت أمام أكبر نجوم العالم؛ شعرت بالندية أمامهم، وقد لمست تقديرهم لعملي، وهذا ما عزز ثقتي بنفسي.

بتقديرك، أين هي القضية السورية ومعاناة السواد الأعظم من السوريين من المواضيع التي تعالجها سينما هوليود؟

هوليوود فيها كل شيء. مثل أي وسط فني في العالم. لكن العمل الذي يتطرق إلى قضايا إنسانية ملحة يحظى بتأييد النقاد، لكن مع الأسف، لا يحظى بالشعبية التي يستحقها. بكل فخر، حصدت أفلام سورية جوائز مهمة ووصلت إلى سباق “الأوسكار”، وقد شاركت بثلاثة أفلام قصيرة سويسرية وأميركية رُشحت لجائزة “الأوسكار”. وأعدّ هذا وسامًا على صدري، وواجبًا تجاه شعبي وبلدي.

دخلت أنت وزوجتك الفنانة التشكيلية فاديا عفاش، في إضراب عن الطعام تضامنًا مع ما يجري في سورية، مطالبين بوقف القتل وطلب الحماية للمدنيين. اروِ لنا أهم التفاصيل التي مررتما بها في تلك الأيام. وكيف تنظر إلى نتائج ذلك الإضراب اليوم؟

 صدقني، إذا قلت لك لم نشعر بالجوع أو التعب، لأننا كنا نفكر في معاناة أهلنا في كل مكان، داخل أو خارج سورية. لكن، في الفترة الأخيرة، نصحنا الطبيب بالعودة تدريجيا إلى حياتنا الطبيعية وإنهاء الإضراب خوفًا على صحتنا. كنا آنذاك في حالة نفسية صعبة، لبُعدنا عن أهلنا ولشعورنا بالعجز تجاه ما يحصل في سورية.. وللأسف، السياسات الأميركية خيّبت آمالنا تجاه ما يحدث في سورية، والأمل ضعيف جدا بأن تغيّر الإدارة الأميركية الآن من سياساتها هذه. فلم يكن أمامنا سوى محاولة لفت نظر الناس إلى المعاناة والظلم الواقع على السوريين، عبر إضرابنا عن الطعام.

عملت في توصيل البيتزا بامريكا ونجحت في تحطيم الأنا التي نحملها في دواخلنا كفنانين

الشروق: على حسب علمي أنك عملت أكثر من مهنة بعيدا عن الفن بأمريكا قبل دخول مجال السينما الأمريكية، ماذا أضافت لك تلك المهن العادية وماذا أخذت منك؟

 يسكت قليلا ثم يرد مبتسما… عملت في توصيل الورود والبيتزا، كما عملت سائق سيارة أجرة، وقد أحببت جدا أن أكون سائقا، كانت فرصتي في التعرف على المجتمع الأميركي والتحدث مع مختلف الشرائح، هذه التجربة جعلتني أحس بإنسانيتي أكثر، وكسرت هذا الوهم الذي تشرّبه الفنان في بلادنا البائسة.

لقد عشت تجربة أهل بلدي المساكين، الذين يكدحون ليل نهار من أجل قوت يومهم، كما ساعدتني هذه الأعمال لاكتشاف ذاتي وقدراتي، وأنا في الـ 55 من عمري، نجحت في تحطيم الأنا التي نحملها في دواخلنا كفنانين في دول وعوالم لا تحترم الإنسان ولا تقدس العمل.

نجاحك بهوليود يُلهم كثيرا من السوريين إن لم نقل العرب ككل، ماذا تقول لهم؟

 أقول للفنانين خاصة تجربة قاسية جدا، كل واحد منا يجب أن يكون مثالاً للآخر، يجب أن ننجح لنثبت لأنفسنا ولغيرنا أننا نستحق حياة أفضل في بلادنا وفي العالم وفي أي مكان آخر. أما أنا، فما زلت في بداية الطريق وأمامي الكثير الكثير لأحققه. نعم، أنا في بداية الطريق وسعيد لأنني مشيت أولى خطواتي في الطريق الذي أصبو إليه، وأتمنى ذلك لكل مجتهد، سوري أو من أي بلد آخر.

 رغم أنك لم تكن من وجوه الصف الأول في الساحة الفنية في بلدك، فقد لمع نجمك في هوليوود. ألأن مشروع الفنان لا يمكن أن ينمو ويترعرع ويستوي على عوده إلا في سياق من الحرية والديمقراطية، أم هناك أسباب أخرى؟

في بلاد القهر، لا يمكن لأي فنان، أو كاتب، أن يلمع نجمه إلا إذا سار مع التيار. وكل من كان له موقف مشرف اضطر إلى المغادرة أو دفع ثمنًا باهظًا..

ذكرتَ في حوار سابق أنه عُرِضَ عليك أكثر من مرة العودة إلى دمشق للاستقرار والعمل. من هي الأطراف التي قَدمت لك هذه العروض؟ وهل فكرت يومًا في العودة خاصة بعد الأزمة التي عاشها العالم ككل بسبب انتشار وباء كورونا؟

 ليس المهم مَن عرض عليّ العودة، لكن المهم أن الحملات التي شنها البعض ممن يريدون تحطيم البلاد، بمساعدة حلفائهم، لإعادة اللاجئين باءت جميعها بالفشل. نعم، أتوق إلى العودة، لكن إلى سورية مختلفة ينعم فيها الجميع بالعدالة الاجتماعية. ولو نتحدث عن كورونا، فهي بالعالم ككل.

كسوريين نعتبر الجزائر رمزا للسلام في العالم العربي، فحافظوا على بلدكم من الفتن

 إذا اتفقنا على مصطلح “دراما المعارضة”، فإن سؤالي: لماذا لم تستطع هذه الدراما محاكاة وقائع ثورة السوريين، بما يليق بتضحياتهم الجسام؟ هل لغياب نصوص وسيناريوهات قادرة على توثيق ما عايشناه خلال سنوات الجمر؟ أم بسبب تكاليف الإنتاج المرتفعة وقلة الإمكانات المادية؟ أم لعزوف القنوات الفضائية العربية عن دراما الثورة السورية؟ أم هناك أسباب أخرى، برأيك؟

مع احترامي للبعض، فلا توجد محطات جدية راغبة في تمويل أعمال كهذه. المحطات تحكمها سياسات تسعى لتخريب الوطن.. وهذا ما نراه في أغلب الدول العربية التي تحارب الإعلام، سواء عبر القنوات أم عبر النت، وربما بالجزائر أيضا يوجد مثل هذه التصرفات بحكم متابعتي للأخبار، علمت أن بعض الدخلاء يسعون لزعزعة استقرار الوطن، ولكن ما أنصح به الجزائريين: حافظو على بلدكم من الفتن ومن تدخل الغير بشؤؤنكم، فنحن كسوريين نعتبر الجزائر رمزا للسلام وللأمان بالعالم العربي ككل.

 هل تعتقد أنه بإمكان الفنان أن يعبّر عن آرائه السياسية؟

 مهما حاول البعض عزل الفن عن السياسة، لا يمكن أحداً أن يفصلهما، لأنّ الفن يولد من رحم المجتمع بكلّ عناصره من السياسة إلى الشارع ومن رجال السلطة إلى الناس العاديين. كما أنّ الفن قد يحقق ما لا تحققه السياسة، وأهم مثال على ذلك “باب الحارة”، الذي وحّد الجمهور العربي على اختلاف مشاكلهم وأفكارهم وانتماءاتهم. وأنا لا أرى مشكلة في التعبير عن الآراء السياسية بتهذيب ودون تجريح، لأنّ الفنان كأي شخص آخر يهتمّ بالسياسة ولا بدّ من أن يكون له آراؤه التي تميّزه.

الحرب هي التي أثرت سلباً في أداء كل من يعمل في الدراما السورية

 ما الأسباب التي أدّت إلى تراجع مستوى الدراما السورية بعيداً عن ظروف الحرب الدائرة منذ 10 سنوات؟

 لا سبب آخر لذلك. فقط الحرب هي التي أثرت سلباً في أداء كل من يعمل في الدراما السورية بدءاً من الكاتب، فهو ابن البيئة التي تحترق، وكيف له أن يكتب نصا غريباً عما يحصل في سوريا!

 في السنوات الأخيرة، تابعنا بعض المسلسلات السورية الاجتماعية التي تناولت قصصاً جريئة جدا جعلت المشاهدين ينفرون من الدراما السورية، ما تعليقك؟

 هناك فعلاً بعض الأعمال السورية الهابطة التي أُنجزت بسبب تقاعس الكتّاب الحقيقيين الذين لم يساعدهم مزاجهم يومها في كتابة نصوص راقية، ما اضطر شركات الإنتاج إلى الاستعانة بكتّاب مبتدئين قدموا أعمالاً سيئة.

 في رأيك، هل الفن مصدر رزق للفنانين المخضرمين خاصة؟

للفنان الحقيقي نعم.. ولكن عليه أن يكون حكيما بإدارة حياته في ظل الظروف الحالية الصعبة.

انتهيتَ في مارس الماضي من تصوير فيلم «الجيران» للمخرج مانو خليل. بم تحدثنا عن هذا العمل؟

يتحدث فيلم “الجيران” عن ثلاث عائلات تسكن بجوار بعضها البعض، في مدينة القامشلي في الشمال الشرقي لسورية. وهو يتطرق إلى مدى الحب والتضحية التي يهديها الجيران لبعضهم البعض، رغم الاختلاف الجذري بينهم، ورغم الرعب الذي كانت تفرضه عليهم دولة الدكتاتورية في ثمانينيات القرن الماضي.

فخور جدا بهذا الفيلم، لأنه يتطرق إلى فترة مهمة جدا من تاريخ سورية القريب الذي لا بدّ من سبر أغواره لفهم كيف وصلنا إلى هنا. ولمعرفة من دمّر النسيج الاجتماعي السوري للسيطرة عليه واستعباده، وكيف استخدمت الدكتاتورية سياسة “فرق تسد” بأدواتها القذرة، وبزرع الفتن ونشر الخوف بين السوريين.

 ما الجديد الذي تستعد له هذه الأيام في رحلتك الهوليوودية، ونحن ما زلنا نعيش في ظل جائحة “كورونا”؟

يتم التحضير الآن لفيلم أميركي جديد عن سورية. وأعكف على إنهاء الصفحات الأخيرة من فيلم سينمائي من تأليفي. لكننا جميعًا معتكفون في منازلنا علّنا نخفف من عبء هذا الوباء، بانتظار لقاح يزيح هذا الجمود حتى نستطيع العودة إلى العمل

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!