-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
سفير الأغنية الشاوية نصر الدين حرة للشروق العربي ..

أعكف حالیا على أعمال من شأنها أن تأخذ الأغنیة الشاویة

طارق معوش
  • 588
  • 0
أعكف حالیا على أعمال من شأنها أن تأخذ الأغنیة الشاویة
تصوير: عبد الكريم شنيقل

يأخذنا الفنان، نصر الدين حرة، صاحب الأغنية الشاوية الأصيلة، في هذا اللقاء، الذي جمعه بالشروق العربي، وبمنزله بباتنة، في جولة فنية تغوص بنا في أعماق الأغنية الشاوية، حيث يتوقف عند أهم محطات هذا الطابع الغنائي.

ضيفنا، فنان أصيل، حلق عاليا في سماء الأوراس، وعلى خطى الكثير من أقرانه الفنانين، قاد الأغنية ذات اللحن والإيقاع الشاوي، نحو العديد من المهرجانات الدولية منها والوطنية… إلى نص الحوار.

الشروق: نصر الدن حرة من الفنانین القلائل المتمسكین بأداء الأغنیة الشاویة الأصیلة. ھل ھذا یعني أنه ثائر على الطبوع الأخرى؟

– أنا عندي طریقتي الخاصة، أعمل بھا، حتى عند تأدیتي طبوعا أخرى، كالراي، وكل ما یصب في خانة الطبوع الغنائیة. فأنا ھمي الوحید، الحفاظ على اللغة.. فالكلمات تأتي في طلیعة اھتماماتي. وطابع الراي، ھو الغالب على السوق الجزائریة، وحتى العالمیة. لھذا، أدیت الأغنیة الرایویة، لكن، بكلمات شاویة وإیقاع متمیز. وذلك، حرصا مني على أن أرجع الجمھور الشاوي إلى الأغنیة الشاویة، من خلال الراي. وبالفعل، استطعت ونجحت في تحقیق ذلك، وإیصال رسائل عدة من وراء أغلب إنتاجاتي.

الشروق: ھل یتفق نصر الدين حرة مع القول الشائع في الوسط الفني بأن المشكل الذي یكمن وراء عدم انتشار الأغنیة الشاویة یعود إلى حصرھا في بعض الآلات الموسیقیة القدیمة؟

– سأقدم مثالا من شأنه أن یوضح ذلك، إلى كل قراء الشروق العربي. طابع الراي، أصبح یؤدى كثیرا في الملاھي اللیلیة، عكس الطبوع الأخرى، إن لم نقل إنه نشأ بین أحضان ھذه الملاھي.. ولعل ھذا ما ساعده على الانتشار، لاسیما أن ھذا الطابع یوظف بعض الكلمات والألفاظ الخادشة للحیاء، في بعض الأحیان. في حین، اإن الأغنیة الشاویة ھي طابع محافظ، والكل یعرف ھذا، شأنھا، شأن الأغنیة الأمازیغیة. وحتى فنانو الراي الذین ذھبوا بھذه الأخیرة إلى العالمیة، ھم أناس كانوا قریبین جدا من بعض مراكز الإعلام العالمي، خاصة في باریس، التي تعرف بعاصمة ”الموسیقى العالمیة”. فھناك كبار الموزعین والمنتجین. فالكینغ خالد، مثلا، كان أول فنان حقق الانتشار العالمي، بعد ظھوره في باریس، التي فتحت له مجال الشھرة. فالقضیة إذا، تبتعد عن مجرد حصرھا في بعض الآلات الموسیقیة كـ”القصبة” و”البندیر”، إنما حقیقة المشكل، تكمن في الإمكانیات ومكان تواجد الفنان، ما يعتبر مسألة مھمة جدا وأساسیة. فلو یذھب فنان شاوي إلى باریس مثلا، ویعرف كیف یستغل الفرصة، سیكون ھناك منتج عالمي. وھذا، ما أعكف علیه حالیا، من خلال أعمال جديدة، ستكون بمثابة محاولة لنشر الأغنیة الشاویة التي لم تراوح حدود الوطن، وأحضّر لمشروع جدید، من شأنه أن یأخذ الأغنیة الشاویة بعیدا، ویحقق ما نصبو إلیه.

الشروق: لماذا لم تستطع الأغنیة الشاویة، بحسب رأیك، اختراق حدود الوطن، رغم رواجھا الكبیر على المستوى المحلي؟

– الأغنیة، مھما كان طابعھا لكي تذھب بعیدا، تستلزم توفر شروط كثیرة في الفنان، منھا الشكل، اللباس، طریقة التحرك على الخشبة.. بالإضافة إلى العدید من الأمور. فإذا توفرت كل ھذه الشروط، وتوحدت، یستطیع أي طابع غنائي الذھاب إلى العالمیة. وأؤكد القول، إنه في وجود المغنین الحالیین، فإن الأغنیة الشاویة لن تجد طریقھا أبدا إلى العالمیة. وأؤكد أن الجمھور الغربي، من خلال تجربتي، معجب كثيرا بالأغنیة الشاویة، وبإیقاعھا المتمیز. وقضیة الانتشار والعالمیة، أعتقد أنھا مسألة وقت فقط. لكن، في ظل توفر الشروط التي أشرت إليھا سابقا.

من سبقونا بالنغمة الشاوية.. عبّدوا لنا الطريق ونحن على دربهم ماضون

الشروق: وما سبب غیاب الصوت النسوي عن الطابع الشاوي في بلادنا في رأیك؟

– لا توجد لدینا أصوات نسویة في الأغنیة الشاویة والأوراسیة، على حد سواء. وھذا، راجع إلى سبب وحید ورئیس، وھو طبیعة البیئة المحافظة، التي تتمیز بھا منطقة الاأوراس، المعروفة بتقالیدھا وعاداتھا..

الشروق: ما الفرق بین الأغنیة الشاویة والأوراسیة؟

– الفرق بین الأغنیة الأوراسیة ونظیرتھا الشاویة، أن الشاویة تغنى بالأمازیغیة، أما الأوراسیة، فھي عبارة عن كلمات عربیة، تؤدى بریتم وموسیقى شاویة.

الشروق: لنعد قليلا إلى الوراء، الجميع لا يعرف الطريقة التي دخلت بها عالم الفن، فهلا عدت بنا إلى بداياتك؟

ـ دخولي عالم الفن، لم يكن صدفة، منذ أن كنت ضمن براعم الكشافة الإسلامية بباتنة، وعمري لا يتجاوز في ذلك الوقت خمس سنوات، وأنا أؤدي عددا من الطبوع الغنائية والإنشادية، خاصة الموشحات العربية، قبل أن أقرر بعد سنوات، رفقة زملائي، تكوين فرقة أطلقنا عليها تسمية فرقة “المستقبل”، تمكنا من خلالها من المشاركة في العديد من المهرجانات الدولية بالجزائر وفرنسا وتونس.

الشروق: تعتبر من بين الفنانين الذين اعتمدوا على إعادة الأغاني القديمة من التراث؟

ـ نصر الدين حرة، ليس فنانا مقلدا للأغنية القديمة، بل هو فنان يملك العديد من الأغاني الجديدة ذات الطابع المتميز، كما أن إعادتي عددا من الأغاني القديمة، يعتبر بمثابة شرف أعتز به كثيرا، والدليل على كلامي، أن أغنية “يا العوامة” التي أداها في وقت سابق الفنان الكبير، رابح درياسة- رحمة الله عليه- نالت نجاحا وإعجابا من الجمهور، الذي اكتشفها بعد مرور أزيد من 34 سنة على تأديتها، إضافة إلى أغان أخرى.

الشروق: ماذا عن الفنانين الذين تأثرت بهم في بداية مشوارك الفني؟

– كنت شغوفا بالاستماع إلى كل فناني الأغنية الشاوية، ولم أكن أستثني أحدا، فكلهم ناضل وترك بصمته بطريقته الخاصة، ولهم مني كل الاحترام والتقدير.. عبدوا لنا الطريق ونحن على دربهم ماضون.

الفنان الجزائري مغبون جدا.. من الضروري أن يكون هناك قانون يحمي الفنان

الشروق: الفنان الجزائري يدخل الفرحة إلى الناس ويعالج هموم الشعب.. لكن أوضاع الفنان الجزائري تثير الشفقة ماديا واجتماعيا.. أليس كذلك؟

– هذا صحيح ومؤلم، في نفس الوقت.. الفنان الجزائري مغبون جدا، وصراحة: الفن وحده لا يكفل للإنسان العيش بكرامة، قد يكفل الفن ذلك لواحد في الألف من الفنانين الجزائريين. لذلك، أنصح بألا يعوّل الفنان على العيش من الفن وحده. هذه مخاطرة كبيرة في الجزائر، إذ لا وجود لحفلات على مدار السنة، عدد المهرجانات محدود جدا، كما أن الفراغ يقتل الفنان، لذلك، الوضع صعب جدا. كما أن بعض محافظي المهرجانات يتعمدون إقصاء الفنانين، لأسباب خارج النص الفني. وخير دليل، ما عشناه في فترة كورونا، الذي هو درس لنا ولكل فنان. أنا دائما أشبه الفنان الجزائري بالصرصور، الذي ينشط في الصيف ويختبئ في الشتاء للعيش من مدخراته. هذه هي الحال. من الضروري أن يكون هناك قانون يحمي الفنان، ومن الضروري أيضا أن يكون هناك تقاعد وتأمين ونقابة فنانين، تساعدهم على مجابهة الظروف الاجتماعية ومتطلبات الحياة.

الشروق: هل أنت راض عن مشوارك الفني؟ ـ الحمد لله، أنا راض كامل الرضا عن مشواري الفني، بالرغم من الصعوبات التي واجهتها بمشواري، إلا أنني أفتخر بأنني شرفت بلدي الجزائر، داخل وخارج الوطن، وفي أكبر المحافل العالمية.

الشروق: بعد هذا المشوار والعطاء.. إلامَ يسعى نصر الدين؟

– بكل صراحة، أسعى إلى جعل الموسيقى الشاوية تنصهر مع مختلف الطبوع الموسيقية العالمية، دون المساس بروحها طبعا.. وهذا، ما يجعل الأذن تستسيغها. فأما بالنسبة إلى كونها تصبح عالمية أم لا، فهذا يعتمد على الجانب الإعلامي. أنتم وغيركم. وكما صرحت لك من قبل، فالكثير من فناني المنطقة قدموا وما زالوا يقدمون أعمالا رائعة.. لكن، عندما لا يخصص لأعمالهم وقت في مختلف القنوات والإذاعات والمجلات، فهذا سيجعل فنهم رهينة رقعة جغرافية ضيقة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!