الجزائر
تشجع أيضاً على "الحرقة" والإرهاب

أغاني الملاعب تمجِّد الخمور والمخدرات والسجون

الشروق أونلاين
  • 4658
  • 11

تعدُّ الملاعب المرآة العاكسة للمشاكل التي يتخبط فيها المجتمع ولسان صدق لما يلاقيه المواطن البسيط من صعوبات وذلك من خلال الأغاني التي يرددها مناصرو مختلف الفرق الرياضية والمواضيع التي يتطرقون إليها من مشاكل سياسية، اجتماعية وحتى قضايا دولية مهمة. غير أن الأمر بات يشكل خطرا كبيرا عندما يتعلق بالقصر والذين صاروا فريسة لبعض الأفكار المشجعة على الانحراف.

لم تتمكن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها المديرية العامة للأمن الوطني والخاصة بمنع القصر من دخول الملاعب بدون مرافقة أوليائهم من توفير الحماية اللازمة لهذه الفئة الشابة والحساسة؛ فالملاعب تحولت في السنوات الأخيرة إلى بؤرة للعنف ومقرٍّ للتحريض على الفوضى والتسرُّب المدرسي والكثير من المنكرات، وهو ما يتضح جليا من خلال التغيرات السلوكية الملاحظة على تصرفاتهم في الحياة اليومية والمدرسية، ولم تستطع التدابير والإجراءات الصارمة الرامية إلى منعهم من ارتياد الملاعب من الحيلولة دون ذلك خاصة وأن أغلبية القصر يستنجدون على عتبات الملاعب برجال وشبان كبار في السن يطلبون منهم مرافقتهم للداخل والادعاء بأنهم أخوالهم حتى لا يكتشف أمرهم ويتفطنوا للاختلاف بين اللقب العائلي، ومن القصّر من لا يملك ثمن التذكرة فيتسوله من المارة وهو ما يمكن ملاحظته جليا بمجرد المرور بالملاعب في رويسو، القبة، بولوغين والمحمدية ساعات قليلة قبل انطلاق المباريات.

 ولعل الأغاني الرياضية التي تحمل كما هائلا من الأفكار السوداوية والتشاؤمية والتي يرددها الشبان والمراهقون على حد سواء لا تخلو من العنف والدعوة إلى المنكرات من “سُكْر” وتعاط للمخدرات والحبوب المهلوسة والممجدة لـ”الحرقة” والرافضة لـ”الميزيرية” التي يعيشها ملايين الجزائريين، فهي العامل الرئيسي والمشجع للشبان على الانحراف حيث تترسخ هذه الأفكار السوداوية داخل تفكيرهم لتتحول بمرور الوقت إلى واقع يعملون على تكريسه كأغنية “جيبولي الويسكي”، وهي أغنية شهيرة لأنصار أحد الفرق العاصمية انتشرت بسرعة في الأوساط الشبابية وهي تدعو إلى السكر واحتساء “الويسكي”، وفي نفس الأغنية يردد المناصرون بصوت واحد “سلعة مغنية ضعيفة سَمِّية” في إشارة إلى المخدرات التي تُجلب من المغرب بأنها من نوعية رديئة، فيما يتغنون بالمخدرات القادمة من بوفاريك ويثمِّنون  جودتها.

 وتعجُّ الملاعب بعشرات الأغاني على شاكلتها فأنصار فريق عاصمي آخر يرددون في كل مقابلة “الحمراء الحمراء، الزرقاء الزرقاء، لارطان لارطان” وهي دعوة صريحة لتعاطي الحبوب المهلوسة. ومن الشعارات التي يرفعها المشجعون في الملاعب دوما شعار “الشعب يريد الزطلة باطل” لتنتقل تلقائياً من داخل الملاعب إلى الأحياء والشوارع وحتى داخل المؤسسات التعليمية حيث يرددها القصَّر في كل مرة. 

وما يثير مخاوف بعض الأولياء الذين يمارسون رقابة لصيقة على أبنائهم بمنعهم من دخول الملاعب إلى جانب المصطلحات غير اللائقة والتشجيع على الانحراف، العبارات العنصرية التي يطلقها المشجعون ضد سكان المناطق الأخرى أو أحياء أخرى في العاصمة فيعيّرونهم بها، وما يبعث على الحيرة هو اندماج مراهقين لا تزيد أعمارُهم عن 16 سنة مع جملة من الأغاني المشجِّعة على “الحرقة” والهروب من الوطن وتغيير الاسم إلى آخر أجنبي، أو أخرى تحرِّضهم على التمرد والإرهاب، حتى إن البعض منهم يندمج تماما وهو يردد كلمات أغان تصف لياليه في سجن الحراش البارد والمظلم، وحديثه لوالدته التي يوصيها بعدم البكاء عنه لكونه “رجلا يُعتمد عليه”، حتى يخيل إليك أن مغنيها من مرتادي الإجرام وخريجي السجون.

ومع أنه ليس بوسعنا إغفال الدور المهم الذي تلعبه الملاعب والأغاني الرياضية من معالجة معمقة للواقع الاجتماعي والسياسي حتى إن بعض الأحزاب اتخذتها منبرا للترويج لحملاتها السياسية، إلا أن ضم الملاعب لشبان من مختلف الطبقات الفكرية والاجتماعية واحتكاك القصر بهم يزيد من مخاطر الانحراف عندهم، لذا أصبح من الضروري جدا إيجاد إجراءات رادعة تحظر دخولهم حتى برفقة ذويهم حفاظا على سلامتهم النفسية والجسدية.

مقالات ذات صلة