-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها؟

عمار تو
  • 862
  • 0
أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها؟
ح.م

أهي شرورنا تلاحقنا في المعمـورة، أم هو ابتـلاء يمتحـن إيمانـنـا، أم هو حفـز لشحـذ عزائـمنا العلمية لخدمة الإنسانية، أم هي هذه كـلها مجتمعة؟

أ- من آي الله العزيز الجبار، للعبرة:

1- “ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل؟ ألم يجعل كيدهم في تضليل؟ وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول؟” (سورة الفيل).

2- “ألم تر كيف فعل ربك بعاد، إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد” (سورة الفجر، الآيات:6، 7،8، 9، 10، 11، 12، 13، 14).

3- “اذهب إلى فرعون إنه طغى.. فكذب وعصى… فقال أنا ربكم الأعلى.. فأخذه الله نكال الآخرة والأولى.. إن في ذلك لعبرة لمن يخشى” (سورة النازعات، الآيات: 17، 21، 24،25، 26).

4- ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها، إنا من المجرمين منتقمون (سورة السجدة، الآية 22).

5- وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون (سورة المؤمنون، الآية 78).

6- كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى (سورة اقرأ، الآية 6 و7).

7- وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا (سورة الإسراء، الآية 16).

8 – إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديــد (سورة فاطر، الآية 16).

9- وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون (سورة الأنعام، الآية 123).

10- سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهم الموج فكان من المغرقين… قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم… وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين… ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين… فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير (سورة هود، الآيات: 43، 48، 67،94، 112).

11- فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمــين… فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والـــدم آيــات مفصـلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين… فأغرقناهم في اليمّ بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافـــلين وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها. (سورة الأعراف، الآيات: 64، 113، 136 وجزء من الآية 137).

12- وإن تتولُّوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم (سورة محمد. الآية 38).

13- وما أنزلنا على قومه من بعده من جنــد من السماء وما كنا منزلين. إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون… ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون… أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم، بلى وهو الخلاق العليم؟ (سورة يــس، الآيات: 28، 29، 31، 81).

14- فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (سورة العنكبوت، الآية 40).

15- وما كان ربُّك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون (سورة هود، الآية 117).

ب- الحيثيــات والآمال:

يقترب عدد ضحايا جائحة “كورونا” عالميا من ثلاثة ملايين مصاب منهم ما يقارب 200000 هالك. ويحتمي بالحجر المنزلي، في نفس الوقت، ما يفوق ثلاثة ملايير شخص يرجون رحمة الرب سبحانه وعناية الطب والصيدلة لعلهم يهتدون لإنقاذهم بعون الله.

ويستذكر التاريخ الطبِّي للجائحات المختلفة مكتفيا بالمقارنات العددية للمرضى والهلكى وبالانتشار الجغرافي، فلا يهتدي إلى جمع كل عناصر المقارنة المقنعة. كما يستذكر العلم المخبري والسريري الأعراض ومراحل النشوء والارتقاء، فلم تتوفر لديه بعد، كل أوجه التشخيــص والمقارنة لتوصيف العلاج والوقاية، فيكتفي بالترخيص لاستعمال المتوفر من علاجات سبق أن نفعت في الماضي لمداواة أمراض أخرى تشترك مع “كورونا” في بعض الأعراض لاسيما في المرحلة الأولى بالخصوص، من ظهور المرض والمرحلة الثانية استدراكا نافعا، يرفع الأمل في دوام الحياة بالشفاء.

فيختصم كبار القوم في “القرية العالمية” حول من تسبَّب في ظهور “الطفرة الجينية” أصل المرض وفي التستُّر على ظهوره وفي التوظيف السياسي والجيوسياسي للجائحة، فتنسى أوروبا تضامنها المؤسساتي وتضحِّي بأحد أعضائها المؤسسين، في عز الجائحة. ويلتقط المُجيدون للرياضة الجيوستراتيجية، الكرات الضائعة لتسجيل أهداف عديدة، تواليا، في مرمـى الاتحاد الأوروبي أساسا وفي الشباك الغربي على وجـه العموم.

ويتفطن الخصوم إلى زلاتهم بعد فوات الأوان، فيهرعون إلى تدارك ما يمكن تداركه. لكن الفأس كان قد سقط على الرأس، ولم يكن ميسرا لهم سوى “التطبيب” بما تهيأ لهم، جريا في كل الاتجاهات. وحتى أطباؤنا الجزائريون المهمَّشون المضطهدون المستغـَـلُّون “المحقورون” عند بعضهم، استرجعوا عزتهم وكفاءتهم وحق تسوية أوضاعهم رغم الحاجة الملحّة إليهم في بلدهم الذي حملهم حبا ووهنا على وهن وولدهم حبا ورباهم وعـلّمهم، على قصر يده المالية. لكنه يعتزُّ بهم ذخرا، رهن الإبداع في صيغ مفتوحـة للاستفادة منهم. فهم أبناؤه الكرام البررة، رغم حرقة غيابهم. وعزاء الجزائر فيهم هو الحث على الجرأة للتعلم واستراق السمع العلمي الابتكاري لصالح بلدهم.

وأمام هول الجائحة التي بدأت تفتك بالأرواح وتهدد الكبير أكثر من الصغير بما فيهم كبار القوم. وأمام الأرقام المهولة القياسية في المرضى والهلكى، وأمام انحصار اقتصادات الدول وتهديد أقوات الناس وتوتر العلاقات بين الدول وفي الشركات والإدارات والعائلات، وأمام رهن نتائج الانتخابات التي قد تقـلب الموازين في العلاقات الدولية، تحركت “الدول العميقة” عند أكثر المتضررين الذين راحوا يتبادلون التهم حول أسباب الجائحة ويلوّحـون بواجب التعويض عن الأضرار، بموجب تشريعات بدأت تُطبخ تحت الخوف من الآفاق الانتخابية غير المطمئنة بمشرِّعين هم الخصم والحـكم.

وانجرارا وراء بعض المتخصصين المسخَّرين، نسي القوم عندهم، أن الحلقة المفرغة هي تلك المتعلقة بظاهرة “الطفرة الجينية” التي تحرر بها فيروس “كورونا” من منبته، والمتعلقة بمواصفات الظاهرة التي لا يزال العلم يسعى، حثيثا، إلى تحديدها، في ظـل أطروحات لا تزال، في هذا الشأن، يفنــد بعضُها البعض الآخر.

فهل سيُبعَد هذا الكابوس، شديد الرهبة، عن البشرية قريبا، في الوقت الذي لا تزال دولٌ عديدة السكان ومتينة الاقتصاد، تتمنى الوصول إلى ذروة الجائحة أو كسر استقرارها المقلق في أعلى المستويات؟

لأول مرة في تاريخ البشرية تجتاح جائحة سريعة الانتشار شديدة الفتك بالبشر، كل العالم في أسابيع معـدودة. ولأول مرة يختار مرضٌ الأغنياء من الدول ويرعبهم قبل الفقراء. ولأول مرة يموت الأمريكان على أرضهم في “حرب” ليست كالحروب التي خاضوها كلها خارج أرضهم، بأقل الضحايا وأقل التكاليف (الحربان العالميتان، حرب الفييتنام، أفغانستان… وغيرها). فعدد “القتلى” عندهم، قارب، إلى غاية كتابة هذه المحاولة، خمسين ألف هالك، ويلامس عدد المصابين عندهم، المليون مصاب.

لا الترسانات النووية والبالستية والجوية والبرية والبحرية درأت عنهم مخاطر “كورونا”، ولا الجيوش الجرارة والقواعد العسكرية المكينة أوقفت زحف الجائحة، ولا الدولار ولا عملات الدفع العالمية الأخرى المطبوعة بلا حسيب أو رقيب، أوقفت الفتك بأبنائهم. ولا الإعلام الرهيب عندهم والذي يطيح بكيانات ويقيم أخرى، ردّ السكان عندهم عن التهافت على اقتناء وتخزين المؤن والأدوية خوفا من المجهول. ولا وسائط التواصل الاجتماعي لديهم هدّأت من روع شعوبهم وقادتهم أو استطاعت تغليب وجهها الجميل على وجهها القبيح من أجل تحسين الرشد والترشيد. تماما ككل الشعوب موسرها ومعسرها.

وإذا كان القصد هو كذلك، فنظرية المؤامرة قد يجسّدها، هذه المرة، سلاحٌ فيروسي لا يُرى بالعين المجردة. لكن بأيِّ إرادة ومن أجل أي هدف؟ أم هو مجرد انفلات مخبري علمي محض؟ حينئذ، ما الهدف من هذا النوع من التجارب، إن ثبتت، رغم التصريحات الصينية بتواجد الفرنسيين والأمريكان والروس، بطريقة أو بأخرى، في مخبر “أوخاي” الصينية، ورغم التصريحات الروسية بتاريخ 22 أفريل 2020 النافية للشكوك الأمريكية؟

في انتظار الرد العلمي والسياسي على هذا الأمر، تكاد الانعكاسات الجائحية تخنق الاقتصاد العالمي وتجوّع العباد وتحشر الناس قهرا في المنازل، وتكاد المؤونات الغذائية تنفد لدى الأسر والدول. ويُضرب الإنتاج في الصميم، ويحال الملايين إلى البطالة، في علاقة مع التضيــيق القسري على حركة الأشخاص ووسائل النقل.

انهيار سعر المبيعات الآجلة للبرميل من النفط الأميركي إلى أقل من صفر دولار في 20 أفريل 2020 (غير السوق العادية التي حافظت على انسجامها مع سوق البرانت) وذلك لقــلة الطلب وتشبّع طاقات التخزين في البر وعلى البواخر ناقلات النفط، رغم تخفيض مستوى الإنتاج لدول “أوبيك زائد”، بعشرة ملايين برميل يوميا ابتداء من شهر ماي 2020.

وأول الإفلاسات بين شركات البترول الصخري الأميركية الخاصة بدأت تعـلن تباعا حتى وإن كان الاختصاصيون يستبعدون إفلاس هذه الشركات كلها، نظرا لارتباطاتها العضوية باقتصاد صناعة البترول، أميركيا ودوليا، ونظرا لحمايتها من قبل جمعية المتحكمين في هذه السوق أميركيا، ونظرا للحظوة التي تتمتع بها لدى أصحاب القرار السياسي الذين أصدروا التعليمات لحشد الأموال من أجل دعمها الضروري.

والانعكاسات على سوق البترول عالميا، عميقة جدا، مع ما لذلك من آثار وخيمة على التوازنات المالية للدول المصدِّرة للبترول، فانهيار سعر البترول الخفيف “البرنت” في 21 أفريل 2020 إلى أقل من 18 دولاراً للبرميل، وهو أدنى مستوياته منذ 2001، قد ينذر بإصابة كثـير من الاقتصادات في الصميم. والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الجزائر، بهذا الشأن فور حدوث هذا الانهيار، تخلق الأمل في التعاطي مع الأزمة بأقل المخاطر. إذ تشـير الإسقاطات التقديرية إلى تحسُّن هذه السوق تدريجيا في أفق الثلــث الأخير من السنة الحالية 2020.

وفي انتظار ذلك، فإن الضبابية، في المقابل، راحت تتزايد في العلاقات الاقتصادية الدولية. وظهرت، مع الأسف الشديد، تحت ضغط أزمة “كورونا”، أنانيات قصيرة النظر عند دول أو مجموعة دول، تنكّرت لالتزامات موثقة، فداست على أدنى قواعد التآزر، رغم بكاء الجميع موتاهم، من نفس الفيروس: في “أوخاي” أو في باريس أو في نيويورك أو في الجزائر أو في السنغال أو في روسيا والسعودية وفي غيرها، كما قال أحدهم.

إن الدراسة التي أنجزها معهد”باستور الفرنسي” بتاريخ 20 أفريل 2020 حول “كورونا” في فرنسا إلى غاية الأسبوع ما قبل المنصرم، تطرح عديدا من الأسئلة دون تقديم كل الأجوبة على كل الأسئلة المطروحة، مع الوصول، في المقابل، إلى نسبة وفيات، في فرنسا، أقل بكثير مما كان متداولا عندهم على أساس هول الجائحة وعلى أساس أعداد المصابين في نفس الفترة (من 10% في تصريح الرسميين الفرنسيين إلى ,75 % التي أظهرتها الدراسة). فــتبقى، بذلك، كل الآمال الوردية قائمة، لكنها لا تحل وضع الحجر الصحي للمسنين لما فوق السبعين سنة، ولا تهتدي (الدراسة) إلى إيجاد الصيغة المثلى للخروج من الحجر الصحي وبتكاليف أقل من مستوى تكاليف الإبقاء على الحجر مطولا.

ويبقى الأمل، فوق كل ذلك، في العلم والعلماء، قائما في التوصل سريعا إلى العلاج واللقاح الموصوفين ضد هذا الفيروس، على مستوى التجارب المخبرية والسريرية الجارية في مواطن مختلفة من العالم، وحيث يمكن معهد “باستور” الجزائر الذي يتمتع بالصفة التمثيلية الجهوية لمنظمة الصحة العالمية، الإسهام، بما اكتسبه من خبرة، في هذا المجهود الكوني.
هو العلم والعلماء تسخِّرهم الرعاية الإلهية لخدمة الإنسانية في حدود طاعته سبحانه وتعالى.
فكما بدأنا هذا الطرح نختتمه بالرجوع إلى آي العـليــم الحكـيـم الغفور الودود، رفعة للعلم والعلماء وتواضعا أمام عظمته سبحانه، حتى يرقوا إلى درجـة هذه الرفعة:

ج – حفز لشحــذ العـزائم العلميــة، تذكيرا بعظمة من علم الإنسان ما لم يعلم:

– سبحن الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمــون (سورة يــس، الآية 36)
-… وما يعلم جنود ربك إلا هو” (سورة المدثر، من الآية 31).
-…..”إنما يخشى الله من عباده العلماء…..( سورة فاطر، من الآية 28 ).
-……. ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا (سورة الإسراء، الآية 85).
-……… وفوق كل ذي علم عليم (سورة يوسف، الآية 76).

أفلا يتدبرون القرآن؟ أم على قلوب أقفالها؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!