-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أمهات أطفال التريزوميا.. تضحيات وتحديات في وجه القدر والمجتمع

نسيبة علال
  • 788
  • 1
أمهات أطفال التريزوميا.. تضحيات وتحديات في وجه القدر والمجتمع

ولادة طفل تريزومي، حدث يرعب الكثير من الأمهات، ويملأ أيامهن بالخوف والحيرة، قبل أن يتعودن على هذا الوجود الجميل الذي يغير حياتهن الهادئة إلى فيض من العطاء والتضحيات والمرح، الكثير من التعب أيضا في مجتمع لا يقدم الدعم المعنوي ولا المادي، ولا يقدر الاختلاف.

أغلب الأمهات اللواتي ينجبن أطفالا مصابين بمتلازمة داون لا يكتشفن هذا الأمر إلا ساعة الولادة، ما يعني أن الصدمة تكون قوية ومضاعفة للكثيرات. وهنا تبدأ الرحلة، إما انهزام ومعاناة واستسلام لتصنيف المجتمع، أو خوض التحدي، والاستمتاع برعاية طفل فريد مع بعض المتطلبات الإضافية.

أولياء عاجزون عن تقديم واقع أفضل

ليس هناك إحصائيات دقيقة لأعداد المصابين بمتلازمة داون، لكنها على الأرجح أكبر فئة لذوي الاحتياجات الخاصة المنتشرة عبر العالم، بالعودة لأرقام كل دولة، مع هذا، لا يزال هؤلاء مهمشين ولا يستفيدون من أدنى رعاية اجتماعية في دولة بحجم الجزائر. تقول السيدة خديجة ثامر، والدة لطفل تريزومي، وعمة لطفلة تريزومية: “إن ما يؤلمنا ليس قدر الله في اختيارنا لنكون أولياء أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، وإنما عدم قدرتنا على تغيير وضعهم الاجتماعي وعجزنا عن توفير حياة طبيعية لهم، كأن ينعموا بالتعليم وتطوير المهارات كغيرهم، وأن يدمجوا بصفة عادية في المدرسة والشغل، نظرا إلى كفاءتهم، يهون كل تعبنا عندما نستطيع أن نصنع مكانة لأطفالنا المصابين داخل المجتمع بعد جهد كبير”.

أما السيدة نورة، والدة ريماس، ذات عشر سنوات، فتصف وضعها وتحدياتها اليومية قائلة: “التعب الجسدي الذي أبذله كأم في إطعام ابنتي التريزومية، وتنظيفها وتقديم الرعاية الصحية لها ومحاولاتي الكثيرة لرفع مستواها الفكري، لا يساوي شيئا أمام الإرهاق الذهني الذي يصيبني بالوهن وأنا أحاول حمايتها من التحرشات والاغتصاب والتنمر، فضلا عن تفكيري المستمر في مستقبلها القريب والبعيد، وماذا لو اختفيت من حياتها، كيف ستواجه هذا المجتمع الذي يستضعف بشدة هذه الفئة”.

العيد بن سديرة: “أمهات أطفال التريزوميا دون دعم”

يؤكد السيد العيد بن سديرة، رئيس التنسيقية الوطنية لأولياء تلاميذ تيريزوميا 21: “لا تحصل الأمهات اللواتي يرزقن بطفل تريزومي على أي رعاية نفسية ساعة الولادة، حتى تتجاوز التفكير السلبي، ولا من المحيط، ولا حتى من العائلة، بعضهن يستطعن تجاوز الصدمة وتقبل الوضع، وبعضهن لا يسعهن إيمانهن لفعل ذلك، خاصة إذا كان المولود يعاني من مضاعفات صحية.. فهذه الفئة معرضة بكثرة للتشوهات الخلقية التي تمس القلب على وجه الخصوص..”. قد تساهم ظروف المعيشة في جعل الوضع أصعب لدى الكثير من عائلات أطفال التريزوميا، في غياب تكفل الدولة بهم، فالفقر يمنعهم من الاندماج والحصول على فرص في التعليم والتكوين والشغل”.

مختصون: “مهمة جدا الرعاية الأسرية، أفضل ما يناله التريزومي”

يؤكد خبراء نفسانيون على أن تقبل الطفل داخل الأسرة وإحاطته بالحب والاهتمام يحسن كثيرا من حالته النفسية وتقبله لوضعه، كما يسهم في بناء شخصية قوية ومتماسكة وطموحة”. أم أنفال، سيدة كرست حياتها منذ ولادة طفلتها التريزومية لتعليمها فنون الطبخ. وقد برعت في ذلك في سن مبكرة جدا، وهي تسعى دائما لجعلها تتمتع بحياة طبيعية كأقرانها، بل إنها تنظر إلى صغيرتها على أنها متفوقة على بقية من هم في سنها، في الكثير من الجوانب.. وهذا أمر وارد لدى العديد من الحالات المصابة بتريزوميا 21، تقول: “لا أتوقع حياتي من دونها. فارتباطي بها يفوق علاقة الأم بابنتها، إنه ارتباط روحي فريد، فالطفل المصاب بمتلازمة داون نعمة من الله، لو علم الأولياء الآخرون بحجمها لتمنوا طفلا تريزوميا”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • جمال2

    وتحديات في وجه القدر ... ما هو القدر يا الأخت نسيبة ؟