“أميار” فرنسا يسألون عن أحوالكم؟
بلغ عدد شيوخ مختلف بلديات فرنسا، الذين زاروا الجزائر، منذ بداية السنة الجديدة سبعة، استقبِل بعضهم من ولاة ومديري جامعات، وآخرون من طرف الوزراء، والتقى عمدة باريس برئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة.
ولظاهرة الزيارات الكثيرة لشيوخ بلديات فرنسا في الآونة الأخيرة إلى الجزائر، عدة قراءات، إما أن فرنسا ترى قمّتنا في مستوى قاعدتها، أو أن رئيس البلدية في فرنسا هو فاعل في الدولة، عكس رؤساء بلديات الجزائر الغارقين في احتجاجات السكنات الريفية ومشكلة القمامة، أو أن شيوخ بلديات فرنسا باشروا عملية نقل وجع الجالية الجزائرية أو مزدوجي الجنسية إلى السلطة الجزائرية، تحضيرا لإرسال البعض منهم أو طردهم إلى الجزائر، أو إجبار الجزائريين على المساهمة في معالجة بعض مشاكل بلديات فرنسا، على اعتبار قناعة فرنسية راسخة بأن أي مشكلة في فرنسا، إنما جذورها جزائرية، وفي كل القراءات نشمّ الكثير من “الاستعلاء” الفرنسي، وأيضا حرص الفرنسيين على مصالح بلادهم، من رئيس البلدية إلى رئيس الدولة، وستكون نكتة لو نفكر فقط في إمكانية أن يحظى رئيس بلدية جزائري باستقبال فردي أو حتى عابر، من رئيس فرنسا، أو حتى من شيخ بلدية في فرنسا .
صحيح أن منصب عمدة أي بلدية في فرنسا، هو الطريق إلى قصر الإليزيه، وصحيح أن قيادة البلديات في هذا البلد الأوروبي، هو تكليف وليس تشريفا، ويأتي عبر الانتخابات النزيهة، وليس “العروشية” و”الشكارة”، كما يحدث في الضفة الجنوبية، وصحيح أن عمدة بلدية باريس عندما التقت رئيس الجمهورية، تحدّثت عن باريس المدينة، أكثر من الجزائر القارة، ولكن الصحيح أيضا، أن هؤلاء “الأميار” ما قاموا بهاته “الرحلات الجريئة” خارج بلدياتهم، إلا إلى الجزائر، ويمكن العودة إلى أجندة رئيس بلدية بوردو، آلان جوبيه، الذي زار وهران، أو عمدة باريس، آن هيدالغو، التي تحدثت عن العلاقات الجزائرية الفرنسية في حضرة الرئيس بوتفليقة في بلدية العاصمة، أو عمدة ليون، جيرار كولومب، الذي زار سطيف وجامعاتها، وغيرهم من رؤساء البلديات الفرنسية الذين زاروا مدنا ومنشأت جزائرية، نكاد نجزم بأن شيوخ البلديات من الجزائريين لا يعرفون الكثير عنها.
لا يمكن أن نصنع بلدا قويا من دون أن نضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وعندما تحصي الوزارة الأولى ووزارة الداخلية، أكثر من خمسة آلاف احتجاج في مختلف البلديات، فمعنى ذلك أن الجذور ميتة، ونحن ننتظر قطف الثمار، ولن يقدم الرئيس أو الحكومة أو الدستور أي حل للمشاكل، وأداء رؤساء البلديات مازال محصورا بين “القمامة” و”الاحتجاجات“.
مؤلم أن نشاهد رئيسة بلدية باريس في التلفزيون الجزائري، وهو يقدم تصريحات “معاليها”، ونحن لا نعرف لشيخ بلدية عاصمتنا صوتا ولا صورة، ومؤلم أن يحفظ أهل وهران اسم رئيس بلدية بوردو، ولا يعرفون لرئيس بلديتهم اسما ولا لقبا ولا أفعالا؟