-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
المخرجة الفنانة السورية رشا شربتجي لمجلة الشروق العربي

أنا مشاكسة بطبعي.. وأفضّل الأعمال التي تفرض إشكالية وتثير الجدل

طارق معوش
  • 939
  • 0
أنا مشاكسة بطبعي.. وأفضّل الأعمال التي تفرض إشكالية وتثير الجدل
تصوير: داوود الشامي

إلى جانب كونها الأنثى الوحيدة التي سطع نجمها في عالم الإخراج على الساحتين السورية واللبنانية، ودوران كاميرتها في مصر ودول الخليج العربي، تقبض المخرجة الفنانة السورية رشا شربتجي بجرأة على الجمر متمسّكةً بأرشيفها الزاخر بالأعمال الإشكالية، وتعالج مسلسلاتها قضايا اجتماعية وإنسانية بأسلوبها المشاكس الذي يطغى على العمل منذ بدايته حتى المشهد الأخير… فماذا تكشف لنا رشا شربتجي في هذا الحوار لمجلة الشروق العربي؟

الشروق: عندما يُذكر اسم رشا شربتجي، تُذكر معه أعمالٌ لها مكانتها الفنّيّة المرموقة: “الولادة من الخاصرة” و”زمن العار” و”تخت شرقي” و”غزلان في غابة الذئاب”… هل توجهت في الفترة الأخيرة إلى أعمالٍ من الوزن الأخف؟

– حارة القبة ومسلسل “بروفا” من الأعمال المرموقة أيضاً!

الشروق: ولكن لا نستطيع أن نقارنها بعمق مع “زمن العار” مثلاً!

– لا نقارن “بروفا” بـ”زمن العار”، بل نقارنه بما يشبهه. لا يمكنك تأطير المخرج، ولكلّ عملٍ زمانه ومسرح أحداثه، أي إطاره الخاصّ، هل يحقق “الولادة من الخاصرة” النجاح عينه لو عرضناه الآن مثلاً؟ أمّا مسلسل “شوق”، فهناك من قالوا لي شخصيّاً إنهم لم يتمكّنوا من متابعته حتى النهاية.. أما “النقلة” التي تتحدّث عنها، فيمكنني القول بأنني أهرب بأعمالي من الحرب الى الحب الملاذ الوحيد من آلام الحروب ومآسيها، وكفى المُشاهد ما يعانيه من مشكلات سياسية واجتماعية واقتصادية.

الشروق: أي نوع من الأعمال تفضّلين؟

– أنا مشاكسة بطبعي، وأفضّل الأعمال التي تفرض إشكالية وتثير الجدل.

الشروق: وربما هذا من الأسباب التي جعلت رشا تنسحب من الجزء الثاني لمسلسل “كسر عظم”؟

– انسحابي من مسلسل كسر عظم كان لعدة أسباب سبق وذكرتها عبر الإعلام، أهمها أني وجدت العمل لا يحمل أحداثا جديدة.

لست من المخرجين التجاريين المتسرّعين في أعمالهم ومربى العز جديدي برمضان

الشروق: وماذا عن جديد رشا شربتجي برمضان؟

– إن شاء الله.. فيه مسلسل بيئة شامية وحاليا احنا بصدد البداية فيه بعنوان – مربي العز – عن نص من تأليف علي معين صالح ومن إنتاج قناة ام بي سي، ومعي العديد من نجوم الدراما السورية بشكل مبدئي، ولم يتم بعد توقيع العقود بشكل رسمي، ومن أبرزهم الفنان عباس النوري، أمل عرفة، نادين تحسين بيك، ابراهيم شيخ وخالد سكر..

الشروق: تركّز عملك في السنوات الأخيرة ضمن الإنتاجات المشتركة، ما هي شروطك للعمل في هذا النوع من الإنتاج الذي يحمل في كثير من الأحيان استهتاراً درامياً لصالح تعدد الجنسيات؟

– بالنسبة إليّ، رفضتُ الأعمال غير المرتكزة على المنطق الدرامي في الجنسيات، لأنّ هذا يعكس انعدام صدقية العمل.. حاولت أن أراعي المنطق، سواء في “سمرا” أم “ما فيي” أم “علاقات خاصة”، حيث أخضعت وجود شخصيّات هذه الأعمال إلى منطقية وجودها في محيطٍ واحد كمدينة بيروت التي تحتضن جنسيات عدّة وفي رأيي، أن مراعاة المنطقية أولوية وليست كمالية. وأود أن أشير هنا، إلى أن الجمهور بصفة عامة يفضّل الدراما المشتركة من بلاد الشام.

الشروق: البعض يقول إن رشا شربتجي تستغرق وقتاً طويلاً في الإخراج وتأخذ لقطات أكثر من المعتاد، فما قولك؟

– لدي منهجية خاصّة في الإخراج، تتيح لي إنجاز عمل جيّد في وقت محدّد. لا أصوّر كل مشهد من زوايا عدة، بل أولّف المشهد في رأسي، أقطّعه، ثمّ أصوّره لأخدم إيقاع المشهد وإيقاع الممثل معاً، ولأُشعر المشاهد بأنه يعيش معنا في المكان ذاته 75 يومَ تصوير لمسلسل مؤلف من ثلاثين حلقة، ليس بالعمل البطيء أبداً، خصوصاً أنني أقدم أعمالاً تدخل إلى بيت المشاهد من دون أن تخدعه أو تستغلّه، ولست من المخرجين التجاريين المتسرّعين في أعمالهم، ومَن يُريد أن يقدم عملاً يحترم المتلقّي فليأتِ إليّ، وإلّا فلا.أخشى انقراض أمثال منى واصف.. وتكاثر “المتجمّلات”.

تعرضت لأذى معنوي كبير وتنمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي

الشروق: هناك بعض المخرجين البارزين نراهم يغيبون سنوات، ثم يعودون فلا نلمس تطوراً في عملهم، ما رأيك؟

– عندما يتحول عمل المخرج إلى وظيفة، تقع المشكلة. نصيحتي لأي مخرج من الشباب الجدد أو المخضرمين، ألّا يفقد روح الاستمتاع بعمله، فعندها يفقد الشغف وحبّ التحدّي والتطور وينتفي الإبداع.

الشروق: يبدي الكثير من الناس امتعاضهم من المبالغة في لجوء عدد من الممثلات إلى عمليات التجميل والماكياج الصارخ، ما يؤثر في صدق الأداء والتعبير، رشا شربتجي كمخرجة.. مع أو ضد؟

– عندما تبنّيت فاليري أبو شقرا في الجزء الأول من “ما فيي”، نصحتُها بتجنّب التجميل. قلت لها “انظري إلى جمال منى واصف وجمال تجاعيدها وتعابيرها الطبيعية”، فلتكن منى واصف قدوتنا، علما أنني أخشى انقراض أمثالها، وتكاثر “المتجمّلات”… أنا ضد.

الشروق: تواجدك قليل عبر وسائل التواصل، على عكس معظم النجوم، لماذا؟

– وسائل التواصل سلاح ذو حدين، وله وجوه جيدة و«محرقة»، وهذا الأمر له علاقة بالذكاء، وكل شيء زاد عن حده انقلب إلى ضده، عندما كنا صغاراً كنا نندهش عندما نلتقي النجوم في الشارع، على عكس ما يحصل اليوم؛ حيث صار النجوم متاحين بكثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبعضهم يسيء التصرف والتعبير ولا يحسبها بشكل صحيح، فيخسر الجمهور.

التعامل مع وسائل التواصل يتطلب ذكاء وحكمة، وفي بعض الأحيان يكون ثقل الفنان في صمته وأهم من تواجده عبر وسائل التواصل. أنا لا أطلب أن يمنع أحد من الكلام، لكن في ظرفنا الحالي وحالات التنمر الموجودة في مجتمعاتنا، فإن التعليقات المؤذية لبعض الأشخاص الذين يختفون وراء أسماء وهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يمكن أن تعرض الشخص العفوي للأذى وأن تكسره، فلماذا يعرض نفسه للأذى؟ أنا من الأشخاص الذين يحزنون من التعليقات المسيئة.

الشروق: وهل تعرضت للأذى؟

– نعم.. بسبب الأعمال المشتركة، تعرضت لأذى معنوي كبير وتنمر. أنا كمخرجة، أتمنى ألا أتغرّب وألا أعمل خارج بلدي وأن أعمل في الدراما السورية لأن فضلها كبير عليّ، ولأني أحبها ولأنني عندما أصور في بلدي أكون في بيتي وإلى جانب عائلتي، ولكن هناك من يتهمني بأنني لحقت المشترك، من أجل المال، ومن قال إن أجري في الدراما السورية أقل منه في الدراما اللبنانية أو المشتركة.

أنا لست منتجة؛ بل مخرجة، والمنتج يرسل لي نصاً أو يسألني ما إذا كانت لدي نصوص جيدة، ونختار من بينها ونعمل. لكن النصوص الجيدة ليست متوفرة دائماً، وعدم عملي يعني جلوسي في البيت، وخسارة مورد رزقي.. الحمد لله أنا مكتفية، لكن بقائي في البيت لفترة طويلة، يمكن أن يكسرني مادياً.. الإخراج مهنتي ولا يوجد لدي عمل غيره.. ثمة من يعتقد أن أجري في الدراما المشتركة أعلى، لكنه واحد داخل سوريا وخارجها، والتعليقات الإيجابية عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي أكثر بكثير من التعليقات المسيئة.. أنا إنسانة بسيطة تحب الناس، والشهرة ليست نهاية المطاف، لذلك أزعل من يقيّم تجربتي من دون أن يعرف خلفيات ما يحصل.

كل الأحلام تُختصر اليوم في الوطن حتى يتعافى.

الشروق: وكيف تفسّرين العنصرية التي تتفشى وتنتشر على شبكات التواصل الاجتماعي، وتتطرق أحياناً إلى وضع الممثل اللبناني في مقابل السوري والعكس؟

– الفن الحقيقي أبعد ما يكون عن العنصرية وعن الجنسيات والطوائف. وهذه الأصوات الشاذة تشبه تفاحة فاسدة في صندوق من التفاح، تنشر رائحة العفن، لكنها بعزْلها تبقى منفردة. وعموماً، من مساوئ السوشيال ميديا، غياب الضوابط والرقابة التي تردع الذين يتخفّون بأسماء وهمية، ويستطيعون الوصول إلى الملايين والتأثير في آرائهم.

الشروق: أفهم من تصريحك أن البعض يصف العمل في الدراما المشتركة تهمة؟

– هم حولوه إلى تهمة في فترة من الفترات، مع أنني اشتغلت فيها قبل الحرب، من خلال «بنات العيلة» الذي شاركت فيه ممثلات لبنانيات، و«أشواك ناعمة» الذي شاركت فيه ابنة الممثل أحمد زاهر. الدراما المشتركة وفرت أدواراً مهمة للنجوم السوريين، واستفادوا منها كما أنها هي أيضاً استفادت من وجودهم فيها ومن شعبيتهم، أنا حاولت ألاّ تكون الدراما المشتركة «مفبركة»، وأن أوفر لها بيئة منطقية.

الشروق: من أين تستمدين قوتك؟

– من إيماني بالله وإيماني بالوطن والأم والبيت والتاريخ والجغرافيا، وأنا لست إلا واحدة من ملايين الشعب السوري العظيم الذي بقي وسيبقى يعشق بلد اسمه سوريا.

الشروق: ما هي أحلامك؟

– أحلامي لا تعد وطموحي لا حدود له، لكن كل الأحلام تُختصر اليوم في الوطن حتى يتعافى.

الشروق: من هي المرأة التي تخجل بعمرها برأيك؟

– أنا معجبة بالنساء اللواتي يعلنّ أعمارهن، لأّنّ في ذلك إظهاراً لثقتهن بأنفسهن، ولكن في المقابل إذا لم يكن لدي تحفظ على كشف عمري الحقيقي، لا أنتقد النساء اللواتي يخفين أعمارهن الحقيقية، فهذه مسألة شخصية، وربما تعود المشكلة إلى المجتمع الذي نعيش فيه، لأن الجميع أوصياء على الآخرين، إلى جانب تقييماتهم الخاصّة لعمر المرأة، وصلاحيتها للحب والزواج، فضلاً عن مراقبتهم لظهور التجاعيد، وإطلاقهم مصطلحات مثل العنوسة، وسن اليأس، وهذا المجتمع ذاته يمكن أن ينظر إلى نجمة عالمية مثل نيكول كيدمان بإعجاب في الخمسين، بينما يقول عن نجمة عربية إنّها عاجزة في الأربعين من عمرها.

الشروق: ما أكثر ما تحبينه في ملامحك؟

– أحب كل ملامحي لأنّها نعمة من الله.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!