الرأي

أندير واش أنحب!

جمال لعلامي
  • 1974
  • 4

لا ينكر إلاّ جاحد، بأن ما حدث هذا العام في المدارس، أخلط أوراق الأساتذة والتلاميذ والأولياء، فالبرمجة العشوائية والفوضوية النابعة من قرار ارتجالي واستعراضي لوزارة التربية، قلب الموازين، وأدخل الجميع في نفق مظلم، مازال الكثيرون داخله، بسبب تأجيل امتحانات الفصل الثالث، وتعليق الكثير من المدارس إلى أجل غير مسمّى!
المشكلة أن مدارس سرّحت تلامذتها، وأخرى ما زالت لم تنه بعد امتحانات الفصل الأخير، وتصوّروا كيف يُمكن أن يستوعب تلميذ في الابتدائي أو المتوسط، ظاهرة غريبة، نصف التلاميذ فيها في عطلة الصيف، والنصف الآخر ينتظر وما بدّلوا تبديلا؟
الواقع يقول، إن تعليمة أو أمرية الوزيرة نورية بن غبريط، إلى مديري التربية والمؤسسات، هي التي قلبت السحر على الساحر، فقد توعّدتهم بالعقاب ومجالس التأديب، في حال قدّموا الاختبارات إلى ما قبل العاشر جوان، وبعملية حسابية على طريقة العجائز، فإن الامتحانات ستستمرّ إلى غاية العيد، والنتائج طبعا بعد “الصابرين”!
الفوضى التي وجدت المؤسّسات التربوية نفسها فيها، في هذا رمضان، كان بالإمكان تفاديها وتجنـّب تداعياتها وآثارها السلبية، لكن الظاهر أن الفأس سقطت على الرأس، والدليل ما يتناقله الأساتذة والأولياء عن “النتائج الكارثية” في كشوف نقاط الفصل الأخير، بسبب التذبذب في الدراسة، والانقطاع، وعدم قدرة الوزارة على توحيد رزنامة الامتحانات في كل المدارس!
حتى وإن انتقل ما نسبته 96 بالمئة من تلاميذ “السانكيام” إلى الطور المتوسط، فإن هذا المؤشر يبقى عديم الجدوى، والعبرة ستكون بالنتائج، وليس بالأعراس، وتوقيع قرارات المرور، حيث أثبتت التجارب، أن الكثير من التلاميذ، يتوقف “حمارهم” في عتبة المتوسط والثانوي، لينهاروا في البكالوريا، وإذا اجتازوها بسلام وبقدرة قادر، أو عن طريق الغش والتسريب والفايسبوك، أو الحظّ، فإنهم يغادرون الجامعة بشهادات لا تصلح إلاّ لتعليقها على الجدران!
الإشكالية يا جماعة الخير، ليست في تأخير أو تقديم الامتحانات، وإنما القضية أعمق وأخطر، ولعلّ أخطر ما في الخطير والخطر، هو الانتقال إلى تسيير المدرسة بعقلية “التغنانت” و”تخطي راسي” و”أنا ديسيديت” و”أندير واش أنحبّ”، وهذا هو الذي جعل المعركة مستمرة بين الوزارة والنقابات، في نفس المواضيع، كلّ سنة، رغم الحلول والحوارات المتتالية!
المصيبة أن المتحاربين يستعملون في كلّ حرب، التلاميذ رهائن، ويجعلون من المستوى الدراسي ميدان رماية، وعندما “يخلوها” يجلسون على تلها، ويكون قد فات الأوان، وتكون الجزائر قد فقدت جيلا كان من المفروض أن يخدمها بالكفاءة!

مقالات ذات صلة