أنقذوا فريق جبهة التحرير
عندما نتحدث عن الكرة الجزائرية لا نستطيع نكران جميل ما قدمه لاعبو جبهة التحرير الوطني، الذين تركوا ذات يوم من سنة 1958 كل ما يملكون وتوكلوا على الله والتحقوا فرادى وجماعات بتونس، تأكيدا للرأي العام العالمي أن الاستعمار الفرنسي الغاشم يحتل بلدا اسمه الجزائر، ويقتل شعبه وينهب ثرواته.. لاعبو الأفلان أكدوا للعالم أجمع أنهم خير سفير لبلد المليون ونصف المليون شهيد في المحافل الدولية، فأسسوا ما سمي بفريق جبهة التحرير الوطني، الذي حمل القضية الجزائرية إلى شتى أنحاء العالم، فكانت الضربة القاضية للفرنسيين، الذين صدموا بمغادرة أحسن لاعبيهم للانضمام إلى الجزائر، خاصة الثنائي رشيد مخلوفي ومصطفى زيتوني، اللذين رفضا تقمص القميص الفرنسي وتمثيل الديكة في كأس العالم بالسويد 1985، فأينما حلوا وارتحلوا طالبوا العالم بمساندة القضية الجزائرية لأن شعبهم يعاني الويلات، وهو ما حققوه رغم أنف الفرنسيين، حيث سافروا حاملين الراية الجزائرية إلى عدد كبير من البلدان.. فمن تونس إلى بكين وبلغراد وهانوي وطرابلس والرباط وبراغ ودمشق ومحطات أخرى جعلت قضيتنا تتداول في أكبر المؤتمرات العالمية المساندة لكل الحركات التحررية.
ولا يستطيع أي كان أن يتجاهل، عن قصد أو غير قصد، ما قدمه هذا الفريق للجزائر وحتى بعد الاستقلال، أين ساهم معظمهم في تطوير الكرة الجزائرية، بإشرافهم على تدريب الأندية ومختلف المنتخبات الوطنية، كما تحصلوا على ألقاب عديدة وكونوا جيلا من اللاعبين، أهلوه للمونديال الكروي بإسبانيا أين فازوا بمقابلتين، ولولا لقاء العار بين النمسا وألمانيا لتأهلت الجزائر للدور الثاني قبل ثلاثة عقود من الزمن.. لتبقى بصمة الأفلانيين علامة مسجلة. فعندما تتحدث مع ماجر وبلومي وعصاد ونجوم 82، تعرف قيمة فريق جبهة التحرير الوطني الذي علم جيلنا الذهبي تسبيق حب الوطن على المال ورفع الراية الوطنية في شتى أنحاء العالم، تلك كانت القاعدة التي رسخها “الأساطير” في أذهان كل الرياضيين.
لكن ما يحدث هذه الأيام من خلافات واتهامات بين بعض أعضاء الفريق الأسطوري، الذين لا يزالون على قيد الحياة، يجبرنا على التحرك وبسرعة لإطفاء نار فتنة كبيرة قد تبقى وصمة عار في جبيننا جميعا.. لا أفهم لماذا لا يبحث المسؤولون عن حلول لهذه الخلافات الحادة بين أعضاء فريق جبهة التحرير الوطني، ولماذا لا تتدخل السلطات للمحافظة على رجال ضحوا في سبيل هذا الوطن؟
أعرف أن لاعبي فريق جبهة التحرير الوطني ومهما تحصلوا عليه من امتيازات فهي قليلة مقارنة بما قدموه لهذا الوطن، فحتى لجنة المصالحة التي أنشئت في الآونة الأخيرة لم تتمكن من لم شمل “المتخاصمين”، رغم المجهودات الكبيرة المبذولة، فهل سيلم الشمل من جديد..؟ أم إن أصحاب المصالح الضيقة لا يهمهم هذا الفريق ولا الأعضاء الذين لا يزالون على قيد الحياة؟ فلا تنسوا أن التاريخ لا يرحم..