أهمية الروضة والمدرسة التحضيرية في بناء مستقبل الطفل
يؤكد الخبراء أنه يمكن البدء في تنمية ذكاء الطفل ومهاراته في عمر ثلاثة أيام، وليس كما يعتقد الكثير من الأولياء، أن المدرسة هي المسؤولة عن هذه المهمة في سن متقدمة. فقد أثبت الأشخاص الذين تلقوا مهارات غير اعتيادية أو تعليما خاص في مرحلة متقدمة من العمر تفوقهم عن البقية، وظهرت عليهم النتيجة منذ أول سنة دراسية، واستمرت ما إن استمروا في المثابرة.
لا يولي الكثير من الأولياء، وحتى المعلمين، أهمية بالغة لقدرات الطفل المعرفية ومواهبه في السنة الأولى من المدرسة، التي غالبا ما يكتسبها من تعليمه التحضيري، بينما تشكل بالنسبة إليه فخرا داخليا لا يعرف سبيلا للتعبير عنه، يساهم كثيرا في بناء ثقته بنفسه ودفعه نحو المزيد من التميز في المستقبل.
التعليم والتطوير في مرحلة الطفولة المتقدمة يكوّن شخصية الفرد ويحدّد مساره في الحياة
يعيش الفرد في مرحلة الطفولة المبكرة، أي في ست السنوات الأولى من عمره، في أكثر مرحلة حساسية. في الوقت ذاته، تعتبر السنوات الست هذه الفترة الأهم في حياته كلها، لتطوير استيعابه ووعيه بالمحيط المادي والبشري. لهذا، تنصح الأخصائية في علم النفس والأرطفونيا وعلاج التوحد، الدكتورة سالم نسيمة، باستغلال سنوات ما قبل التمدرس، لتلقين الطفل مختلف الأساسيات، التي سوف يستوعبها بسهولة بالغة، خاصة حين يتم تلقيها في محيط مخصص ومع فئة أقرانه، أي في الروضة أو المدارس القرآنية والتحضيرية، ما يسمح له في ما بعد بالاندماج السريع في المدرسة والمجتمع، ويسهل عليه الإفادة والاستفادة من معلومات وخبرات الغير. وتؤكد الأخصائية أن هذه الفترة هي التي يتم فيها وضع الأسس، وتكوين شخصية رجل أو امرأة المستقبل. كما أنها الوقت المناسب للتنقيب بداخل الطفل عن الملكات التي حباه الله بها، وعن مهارات يمكن تطويرها، ويتم اكتشاف ميولاته ومواهبه ومتابعتها.
أولياء يستفيدون من الحضانة والمدارس التحضيرية
بغض النظر عن كونها المكان الأنسب والأكثر أمانا لرعاية أطفالهم، فإن الأولياء الذين يخضعون أولادهم للرعاية والتعليم في رياض الأطفال والمدارس التحضيرية، ليسوا من زوار العيادات النفسية، ولا يطلبون أخصائيين لعلاج بعض المشكلات الصحية الشائعة لدى الفئة الأخرى من الأطفال، كالتأتأة وتأخر النطق، والاضطراب في مخارج الحروف، ومشكلات أخرى تشمل الاستيعاب والتعلم.. ذلك، أنه قد تم الاستثمار في قدراتهم الفائقة في الفهم والتطور في العمر من ثلاث إلى ست سنوات.. تقول السيدة صوريا، وهي أم لخمسة أطفال: “عندما أنجبت ابني وابنتي الأولين، كنت عاملة، ما اضطرني إلى تسليمهما إلى الحضانة قبل بلوغهما الرابعة، ثم التحضيري، وكانت نتائجهما ممتازة جدا بمجرد دخولهما المدرسة، حتى سلوكهما سوي، ويتطوران بسرعة على جميع الأصعدة..”. بعدما استقالت صوريا من الوظيفة، قررت الاحتفاظ ببقية أطفالها في المنزل تحت رعايتها شخصيا، إلى أن يدخلوا المدرسة، تضيف: “لاحظت أنه في فترة تعليم الطفل يمكن أن ينشغل بأي شيء ولا يتلقى المعلومة الموجهة إليه وحده، كما أنني لا أكون دائما بذات العزيمة والاستعداد لتلقينه مهارات وأفكارا جديدة، نظرا إلى مسؤولياتي الكثيرة في المنزل، عكس الوضعية في الحضانة، حيث ينشغل الأطفال جميعا بما تتفرغ المربية لتقديمه، كما أنهم يتنافسون للتفوق”.
يجدر الذكر أن المرحلة التحضيرية ليست بالضرورة برنامجا أو منهجية يجب اتباعها حتى يثمر الطفل ذكاء واتزانا وحيوية فكرية، إذ يختلف تحضيره حسب البيئة التي يعيش بها، والعمر، ووفقا للعديد من المقومات، الأهم فيها هو تهيئته للحياة الاجتماعية والتعليمية، سواء من الناحية النفسية أم العقلية، وتغطية الجوانب التي يغفل عنها الآباء أو ينشغلون عنها.