الرأي

أهمية الوصول إلى لحظة الانطلاقة؟

محمد سليم قلالة
  • 941
  • 5
أرشيف

هناك الآلاف من القضايا المطروحة على وزاراتنا ومؤسساتنا، والأهم من ذلك هناك الآلاف من الحلول المقترحة أيضا، وهناك الآلاف من الإرادات الخيِّرة المُستعِدة لتنفيذ هذه الحلول، بما في ذلك مسؤولين على مستويات عليا. ما الذي يجعلنا لا ننطلق، ونسعى باستمرار إلى تعقيد الأوضاع أكثر فأكثر، وإلى البحث حيث الإرادات السيئة، أو حيث رفض الإصلاح والإبقاء على الوضع القائم؟

بكل تأكيد قوى الجمود، والتعطيل والفساد، لم تختف من الساحة، لأنها لا يُمكن أن تختفي فجأة، ولا يُمكن حتى اكتشافها بالكامل في ظرف وجيز، بل نحن في حاجة إلى ثقة في النفس، وإلى عمل  دؤوب ومستمر للتغلب عليها في أي من القطاعات، إذ ليس من السهل تصحيح الأوضاع بالحد الأدنى من الخسائر وفي وأقل وقت ممكن.

إن هذا الأمر يحتاج إلى عمل ذكي، وإلى صبر، وإلى نية خالصة، وإلى ثقة في الأفكار الجديدة التي يتم طرحها، وقبل هذا وذاك إلى معرفة كيف نُميِّز بين الثانوي والأساسي، بين الخطير والأخطر. وكيف لا نُخضِع الاستراتيجية إلى التكتيك، وكيف لا نقع في ضرب أنفسنا بأنفسنا ونحن نريد الإصلاح، وكيف لا نجد أنفسنا ضحية مناورات الآخرين الذين مازالوا  يقاومون، سرا وعلانية، ضد أي إصلاح حقيقي ممكن، بل وكيف لا نقع مرة أخرى ضمن الأخطاء ذاتها التي وقع فيها الكثير مِمَّن كانت لديهم النوايا الحسنة ووجدوا أنفسهم في آخر المطاف ضحايا هذه النوايا…

إن قطاعات عديده بدأت تطرح اليوم أفكارا جديدة لا يُمكن سوى الاتفاق معها، إلا أن المسألة الجوهرية تبقى: كيف يُمكن لهذه الأفكار أن تتجسد في الواقع، ولا يَحصل لها ما حصل لأفكار كفاءات سابقة كانت لامعة وراقية على المستوى الفردي؟

إن الأمر يتعلق بديناميكية عامة للمجتمع ينبغي أن تتحرك، وباتفاق ضمني بين الناس. أننا ينبغي أن نتغير، وبنوعية قرارات ملموسة تؤكد بالفعل جدية هذا المسار.

وهذا لن يتأتى إلا عندما يتم الشروع بالفعل في تنفيذ مشروع اقتصادي واجتماعي واضح المعالم وفعّال للبلاد بعيدا عن كل مزايدات أو مناورات.

متى سيكون لنا ذلك؟ متى سنشعر أننا انطلقنا الانطلاقة الصحيحة؟ كيف سيتم ذلك؟ تبقى أسئلة مطروحة على أكثر من صعيد، وتبقى هذه المهمة لمن يتولى أمرها، مهمة استراتيجية بمعنى الكلمة، إذا ما استطعنا تفعيل انطلاقتها، فإننا لن نحتاج سوى لأكثر من بضع سنوات لنُصبح أفضل مما تصورنا أن نكون… وإذا لم نستطع فإن مصير كل هذه الأفكار الجيدة التي تُطرح اليوم في أكثر من مجال سيكون كمصير سابقتها؟ هل نستطيع تحقيق انطلاقة فعلية هذه المرة؟ ذلك هو الأمل الذي يحدونا جميعا وعلينا العمل جميعا لأجل تحقيقه كل بالقدر الذي يستطيع. قال تعالى “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ” [الرعد:11]، صدق الله العظيم، وتقبل الله الصيام والقيام وغفر لنا ولكم أجمعين.

مقالات ذات صلة