الرأي

أوقفوا الأفسدة والأجرمة!

جمال لعلامي
  • 707
  • 4
ح.م

الأرقام تقول أن نوعا من الجزائريين “يحرقون” ما لا يقلّ عن 1000 مليار قبيل وخلال إحياء المولد النبوي الشريف، وهذا الرقم مخيف، لأنه يأتي في وقت يشتكي منه المجتمع من “الزلط”، لكن الظاهر أن عقلية “التفرعين” تبقى مستمرّة رغم الأزمة المالية التي تسببت فيها الحكومات المتعاقبة، وأنتجت أزمات ترابطية، في التربية والصحة والجامعة والإدارة، وحتى في الأخلاق والعلاقات الأسرية والزوجية!

“أفسدة” الوزراء والمسؤولين والولاة والنواب والأميار ومديري عديد المؤسسات ورجال الأعمال، خلال العشرين سنة الماضية، قابله أيضا “أجرمة” فئات واسعة من أطياف المجتمع الجزائري، فقد شاعت الجريمة وتحوّلت إلى ظاهرة يومية تقرؤها أرقام العدالة والأمن في مجال الاختطافات والقتل العمدي والاغتصاب والاعتداءات والسرقة، إلى جانب الجرائم الاقتصادية!

تفجير “المحيرقات” ومختلف “القنابل” المستوردة في المولد، كلّ سنة، قد يؤشر إلى “العنف” الذي سكن دواخل جزائريين، من الكبار والصغار، بطريقة تستدعي تحليلا نفسيا عميقا، وحلولا عاجلة، حتى لا تتفاقم المشكلة، والحال أن العارفين، في عزّ الأزمة الأمنية والمأساة الوطنية في التسعينيات، حذروا آنذاك بطريقة استشرافية مما أسموه مرحلة ما بعد الإرهاب!

عشرية الدم والهمّ والغمّ والدموع، لم تكن سهلة على أغلبية الجزائريين، وقد دفعوا الثمن غاليا في المداشر والجبال والقرى النائية والمدن، وحدث ما حدث، إلى أن “ماتت القلوب” في تطور خطير لم يتعوّد عليه الفرد الجزائري المعروف برحمته وتسامحه وعفوه عند المقدرة، لكن حجم تلك الأزمة، غيّر العقليات وبدّل الذهنيات، ونقل الرعب والقلق والحيطة والشك إلى كلّ البيوت!

الذين عاشوا المرحلة، وعايشوا آلامها وأوجاعها وتضحياتها ومخاطرها وتحدياتها، يعرفون جيّدا معاني الأمن والطمأنينة والاستقرار والسكينة والسلم والسلام، ولذلك لا يرغبون حتى في سماع دويّ “التفجيرات” التي يتسلى بها أطفال ورجال وعائلات بأكملها في ليلة “المولود” بشكل يوحي بأن الأمر يتعلق بـ”حرب” وليس “احتفالية” سلمية!

الملايير التي تُحرق و”تـُشوّط” وتـُبذر باسم إحياء مولد النبي صلى الله عليه وسلم، لا تمتّ بأيّ صلة لخصال المصطفى عليه السلام ووصاياه، ولا للعقلانية الاقتصادية والمالية، وهي إن دلّت فإنما تدلّ في الكثير من زواياها المظلمة على جنوح “المحتفلين” إلى خيار “التعنيف” حتى في الأعراس والاحتفالات والأفراح، بما يستلزم مراجعات فكرية وتربوية، تقودها المساجد والمدارس والعقلاء ووسائل الإعلام، لوقف النزيف ووضع كلّ مليم في مكانه، والابتعاد عن كلّ الأضرار والأخطار التي “أدّاتنا للواد”، بينما كان الجمع يردّد “محلاها برود”!

مقالات ذات صلة