-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أولياء تائهون بين التوفير لتأمين مستقبل الأبناء ومواكبة نمط الحياة العصرية

نسيبة علال
  • 1106
  • 0
أولياء تائهون بين التوفير لتأمين مستقبل الأبناء ومواكبة نمط الحياة العصرية
بريشة: فاتح بارة

تسير الحياة العصرية بسرعة صوب التصعيب والتعقيد، وتصبح متطلبة كل يوم أكثر، ما يدفع كثيرا من الأولياء إلى القلق والحيرة حول مستقبل أبنائهم. في أثناء ذلك، يعيشون ضغطا خاصا أيضا، إن كان عليهم توفير ما يتطلبه نمط العيش الجديد أم الادخار والاستثمار لمستقبل مريح.

هل ينسينا الحاضر التفكير في المستقبل؟

تستوجب التربية الحديثة وجود مساحات أوسع للعب الأطفال، ولعبا خاصة يتم من خلالها تنمية المهارات، ويحتاج هؤلاء إلى وسائل تكنولوجية تسمح لهم بمواكبة سبل التعلم الجديدة، ناهيك عن الاحتياجات العادية لأي طفل، التي شابها التطلب والمبالغة.. كل هذا، جعل من عمل الأب لوحده غير كاف لتغطية النفقات، وأخرج الأمهات من الطبقة المتوسطة والضعيفة إلى سوق العمل أيضا، أو دفعهن إلى البحث عن مصادر لدخل إضافي من المنزل.. ولا تزال العديد من العائلات غير قادرة على الاكتفاء بخصوص الحاضر، حتى تتمكن من التفكير في مستقبل أبنائها. تقول السيدة بسمة، إطار بمديرية الغابات، وزوجها مهندس إعلام آلي: “نعتبر أنفسنا محظوظين، لدينا راتبان محترمان كل شهر، ونستطيع أن ننفق على توفير أكل صحي، وملبس أنيق لأطفالنا الأربعة، هم يدرسون في مدارس عمومية، لكنهم في حاجة إلى دروس دعم، ودروس خصوصية لتنمية مهاراتهم اللغوية، نستطيع أيضا اقتناء بعض الأجهزة والألعاب بالتناوب كل نهاية الشهر، والأمر يتوقف هنا، لأننا مهما حاولنا الادخار لتحقيق حلم مسكن خاص أو توفير مبلغ احتياطي لمستقبل صغارنا، نجد ذلك مستحيلا مع نفقات الإيجار والمصاريف غير المتوقعة كل مرة”.

لهذه الأسباب تفشل مهمة التغيير وإنقاذ مستقبل الأبناء

سارة، من الأمهات اللاتي لا يروقها البتة نمط الحياة السائد، فحاولت أن تغير ذلك في حدود أسرتها، وبما أن أبناءها في الطورين المتوسط والثانوي، فشل الأمر تقريبا: “أنا مؤمنة بأرزاق الله، مع هذا، وجدت أن علي السعي لفعل شيء من أجل مستقبل أبنائي الصحي والمادي.. شعرت بالخطر عندما بلغوا المراهقة، بدأت أفكر في تغيير نمط أكلهم، بدلا من الإنفاق على الأكل الخفيف والطعام الجاهز غير الصحي، طبخت في المنزل ومنعتهم من المصروف، كانت فترة عصيبة جدا، توقفنا فيها عن الخروج العشوائي للتنزه، ودفعتهم إلى قاعات الرياضة، سمعتهم يتحدثون يوما بأن حساباتهم على الأنستغرام أصبحت مملة، لأنهم لا ينشرون ما يثير الأصدقاء.. دخل أبنائي في حالة اكتئاب، وكدت أفقد ثقتهم وحبهم لأشتري مستقبلهم..” سارة في وضعها تشبه ملايين النساء اللواتي لا هن راضيات عما آلت إليه عوائلهن، بسبب التأثيرات الكثيرة والمستفزة في حياتهم، ولا هن قادرات على التغيير، فيصنفن متأخرات أو ((معقدات))”.

التنشئة الصحية للأطفال منذ الصغر أقصر السبل لمقاومة مغريات الحياة العصرية

يشير الخبير الاجتماعي، الأستاذ لزهر زين الدين، إلى أن إحلال التوازن في الحياة هو مهمة الأولياء، وأول مشروع في حياة الزوجين معا، يقول: “في حال لم يضبط الأولياء استراتيجية صارمة لتنشئة أبنائهم، ويلزموا أمامهم وأمام أنفسهم منذ الصغير، بالعيش وفق برنامج مريح لكنه يضمن التوفير. فإن مهمة الخروج عن نمط الحياة العصرية المتطلبة بلا حدود تعد مستحيلة، ذلك أن الأطفال في سن مبكرة قد يتمكنون من التعود والاقتناع بأنواع صحية من الطعام، وينشؤون غير متطلبين بخصوص أغراضهم الشخصية وجودتها أو عددها، لكن الطفل إذا اعتاد منذ الصغر على البذخ وتوفير كل ما تطاله عيناه أو مخيلته، رغم الميزانية المحدودة للأولياء، فإنه لا قوة قد تكبحه لاحقا، وقد ينحرف في أولى محاولات تغيير مساره، ما يجعل الوالدين يعيشان ضغوطات لامتناهية حول تغطية حاجياته الحالية، والقلق حيال مستقبل لم يتمكنوا من تأمينه أو تحسين معالمه”

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!