الرأي

أويحيى المُنقذ.. وأوهام السلطة!

قادة بن عمار
  • 3439
  • 7
ح.م
أحمد أويحيى

رغم كلّ الأحكام القضائية الصادرة ضدّه، وتلك الملفات التي سيُحاكَم بسببها قريبا، إلاّ أنّ رئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى ما يزال حتى الآن يتخبط داخل وهم كبير، معتقدا أنه “أنقذ البلاد من الإفلاس”، بل “ساهم في الحفاظ على بقاء المؤسسات الوطنية مفتوحة، مع ضمان استمرارية العديد من العمال في مناصبهم”!

هذا الكلام الخُرافي أدلى به أويحيى خلال محاكمة رجل الأعمال مراد عولمي في ملف تركيب السيارات المعروف إعلاميا بـ”نفخ العجلات”، والواضح أن زعيم حزب “الأرندي” سابقا، غيّر منطقه وبدّل صفته، فمن “رجل المهمّات القذرة” الذي أطلقه على نفسه يوما، إلى “المنقذ الوطني للاقتصاد”، وهي مهمّةٌ شريفة ونظيفة، لكن لو كانت صادقة فعلا، ولم يُكذبها الواقع المرير الذي يعرفه الجزائريون جميعا.

وقد لا يكون هذا رأي أويحيى وحده، بل ربما امتد الوهم إلى آخرين، فلو سألنا عبد العزيز بوتفليقة اليوم عن “خطاياه السياسية” لاعتقد أن العهدة الرابعة وبعدها الخامسة المزعومة، كانتا استجابة لتطلعات الشعب فعلا، وربما قال شقيقه السعيد إنه تكفل بتسيير البلاد نيابة عن الرئيس المريض “حرصا على سلامة الأمن القومي وحفاظا على سمعة البلاد في الخارج”، وهكذا دواليك من الأوهام وأضغاث الأحلام، بل ليس غريبا أن يقول سلال يوما ما، إنه ساهم بتهريجه المستمر “في الترفيه عن الشعب بنكته، وفي الرفع من معنوياته”!

الغريب أنك لا تسمع من هؤلاء، نبرة أسف أو ندم على ما ألحقوه بالبلاد من فساد وخراب ودمار، نتيجة تلك المغامرات المجنونة، وعدم احترامهم لعقول الجزائريين!

هل هي حالة نفسية مرضية؟ ربما، أو أنها مرتبطة بالفترة الزمنية الطويلة التي استمر فيها هؤلاء بالسلطة، حتى أنهم أطلقوا الكذبة على الناس، ثمّ وبمرور الوقت صدّقوها!

وفرضا أنّ نيّة أويحيى كانت حقيقية في الحفاظ على المؤسسات وحمايتها من الإفلاس، فماذا عن فضائح الفساد بالملايير، ونهب المال العام وتهريبه إلى الخارج، وكذا توزيع الريع على الأبناء والزوجات وفقا لسياسة “الأقربون أولى بالمعروف”.. وبالصفقات؟ أم أنّ أويحيى حدث له، كمن نهب مالا حراما لا يستحقه، ثم بنى بجزء منه جامعا ليصلي الناس فيه، مقنعا نفسه الأمّارة بالسوء أن الله تواب رحيم؟!

لو خرج أحدُ هؤلاء المسؤولين السابقين على الشعب متأسفا أو نادما فربما احترمهم أكثر، أو ربما أفادتهم التوبة النصوح في الدنيا بالتخفيف قليلا من عذاب يوم الآخرة، لكن تصريحات أويحيى تدلُّ على أن هؤلاء ما زالوا حتى الآن، مصرّين على استغفال الشعب والسخرية منه، وإلا كيف نُفسّر قول أويحيى دوما إن مراد عولمي استفاد من الاستثمار كأيّ مواطن جزائري بسيط وهو الذي حصل على قروض بمئات الملايير، دون الحديث عن امتيازات أخرى، تكفي مطالعة تفاصيل المحاكمة للوقوف على ضخامة حجمها ومدى خطورتها؟

بعض المسؤولين لا يتعلمون الدرس حتى وهم خلف القضبان، وبعضهم الآخر ما يزال حتى الآن، يرى في نفسه أكثر وعيا من الشعب وأكثر دهاء منه، وهو تفسير خاطئ سيكلّف صاحبه ثمنا كبيرا، طالما استمر فيه معتقدا أنه المالك الحصري للحقيقة في البلاد، فكلّما احترم المسؤول عقول الناس احترموه أكثر، بل وتجاوزوا عن أخطائه، وربما منحوه فرصة جديدة بدلا من استمراره في الخطأ، وتحدّي الواقع والجهر بالمعصية.

مقالات ذات صلة