-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أيامٌ‮ ‬عصيبة أمام المسلمين

حسين لقرع
  • 2361
  • 0
أيامٌ‮ ‬عصيبة أمام المسلمين

يبدو أن فرنسا تريد معالجة تداعيات تفجيرات باريس على حساب الجالية المسلمة،‮ ‬التي‮ ‬تعيش على أراضيها،‮ ‬وليس عبر مراجعة سياستها الخارجية وتدخّلها في‮ ‬مالي‮ ‬وسوريا ودول أخرى‮.‬

وحينما‮ ‬يدعو الرئيس هولند إلى تعديل الدستور،‮ ‬قصد إزالة الحواجز القانونية،‮ ‬التي‮ ‬كانت تقـيّد الأمن الفرنسي،‮ ‬فيما‮ ‬يتعلق بالاعتقال بالشبهة،‮ ‬والتقنين للاعتقال الإداري‮ ‬للمشتبه فيهم،‮ ‬فإن ذلك‮ ‬يعني‮ ‬أن الملايين من مسلمي‮ ‬فرنسا مقبلون حتما على أيّام عصيبة،‮ ‬يمكن خلالها لأي‮ ‬شرطي‮ ‬أن‮ ‬يعتقل أي‮ ‬مسلم بمجرد‮ “‬الاشتباه‮” ‬في‮ ‬أنه‮ “‬متطرّف‮” ‬أو‮ “‬ينوي‮” ‬القيام بعمل إرهابي‮ ‬في‮ ‬فرنسا‮. ‬وبعدها‮ ‬يُزجّ‮ ‬بهذا‮ “‬المشتبه فيه‮” ‬في‮ ‬السجون لأوقات‮ ‬غير محدّدة،‮ ‬بذريعة أنه‮ “‬يُشتبه‮” ‬في‮ ‬أنه‮ “‬يشكل خطرا على الأمن الفرنسي‮”‬،‮ ‬تماما كما‮ ‬يحدث في‮ ‬الكيان الصهيوني‮ ‬من اعتقالات إدارية تعسفية تطال مئات الفلسطينيين‮ “‬المشتبه فيهم‮”‬،‮ ‬الذين‮ ‬يعتقلون أشهرا طويلة دون محاكمة‮. ‬وهي‮ ‬التجربة التي‮ ‬يبدو أن فرنسا قد تأثرت بها وتريد استنساخها في‮ ‬تنكّر واضح لقيم‮ “‬حقوق الإنسان‮” ‬و”الحرية‮”‬،‮ ‬التي‮ ‬طالما تشدّقت بها واعتبرت نفسها عاصمة لها‮.‬

ما ستعيشه فرنسا بعد تعديل دستورها قريبا،‮ ‬سيكون بمثابة تقنين لـ”الإسلام فوبيا‮”‬،‮ ‬أي‮ ‬إن هذه الآفة التي‮ ‬كانت مقتصرة على اليمين المتطرّف فيها،‮ ‬ستتحوّل الآن إلى سلوك دولة‮ ‬يضبطه دستورٌ‮ ‬وقوانين وتشريعات‮.‬

أما على الصعيد الشعبي،‮ ‬فحدّث ولا حرج؛ فبذنب‮ ‬8‮ ‬مسلمين قاموا باعتداءات باريس الأخيرة،‮ ‬يقوم اليمين المتطرف وكل الحاقدين على الإسلام والمسلمين بفرنسا،‮ ‬بشنّ‮ ‬حملة كراهية شديدة ضد ستة ملايين مسلم‮ ‬يعيشون في‮ ‬هذا البلد،‮ ‬برغم أنه من‮ ‬غير المنطقي‮ ‬محاسبة هذا العدد الكبير من المسلمين بذنب نفرٍ‮ ‬منهم‮ ‬يحملون الجنسية الفرنسية‮.‬

تنظيم مظاهراتٍ‮ ‬ضد مسلمي‮ ‬فرنسا،‮ ‬والدعوات إلى طردهم منها،‮ ‬والاعتداءات عليهم،‮ ‬وإحراق المساجد وتدنيسها‮… ‬وغيرها من التصرّفات الاستفزازية التي‮ ‬تعبّر عن كره الإسلام والمسلمين،‮ ‬لا‮ ‬يمكن أن تخدم استقرار فرنسا ووحدتها،‮ ‬وقد تدخلها في‮ ‬دوامة من الاضطرابات الاجتماعية والمواجهات التي‮ ‬لا تحمد عقباها‮.‬

لا شكّ‮ ‬أن اعتداءات باريس الإرهابية قد قدمت خدمة ثمينة للحاقدين من اليمين المتطرف وأجّجت أحقادهم وكراهيتهم للإسلام والمسلمين،‮ ‬ولكن لماذا سكت هؤلاء عن الشاب المسلم زهير الذي‮ ‬منع انتحاريا من دخول ملعب فرنسا وأجبره على الفرار،‮ ‬وجنّب بذلك عشرات المتفرجين مجزرة في‮ ‬صفوفهم وربما مجزرة أخرى في‮ ‬صفوف المئات بفعل التدافع الناجم عن رعب الانفجار؟ لماذا لم‮ ‬يركز هؤلاء الحاقدون،‮ ‬قبل ذلك،‮ ‬على المسلم المالي‮ ‬الحسن باثيلي‮ ‬الذي‮ ‬أنقذ‮ ‬15‮ ‬يهوديا من مجزرة بمتجر‮ ‬يهودي‮ ‬بباريس في‮ ‬أوائل جانفي‮ ‬الماضي‮ ‬بعد أن أخفاهم في‮ ‬الطابق الأرضي‮ ‬بعيدا عن أعين المالي‮ ‬الآخر كوليبالي‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬ينوي‮ ‬ارتكاب مجزرة في‮ ‬المكان؟

إذا كان هناك مسلمون طالحون،‮ ‬فهناك مسلمون صالحون،‮ ‬لكن اليمين المتطرّف بمهاجمته المسلمين في‮ ‬فرنسا دون تمييز،‮ ‬وإهانة رموزهم،‮ ‬يريد التعميم وتجريم الجميع‮.. ‬والأدهى أن الدولة الفرنسية ستضفي‮ ‬الشرعية على تجاوزات هذا اليمين بالإجراءات التي‮ ‬تنوي‮ ‬القيام بها في‮ ‬حق المسلمين بعد تعديل دستورها عوض أن تراجع سياستها الخارجية‮.‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • ابو الياس

    لا يضر ان شاء الله. و الله خير الحافظين. قل لن يصيبنا الا ما كتبه الله لنا. خير ان شاء الله تعالى.

  • zawali uk

    كثرت مقالات الاسترزاق مؤخرا حول فرنسا و الجالية المسلمة و كأن هؤلاء معاقون ذهنيا لا يمكنهم الدفاع عن انفسهم ...فيجب الحكم بالعدل و القسط و شجب الظلم في جميع انحاء العالم... و الوضع في الجزائر ابعد مايكون عن المثالية سياسيا اقتصاديا و اجتماعيا ... و المظالم التي حذثت و تحذث يعلمها جيدا اصحاب الدار ... و لا داعي التخفي وراء الجالية و مشاكلها ... فهذه الجالية المغبونة لو وجدت العدل و الكرامة و التربية و العمل و الحياة الكريمة لما هجرت و هجرت بالضمة بالملايين في جميع بقاع العالم ...

  • بدون اسم

    فإن ذلك‮ ‬يعني‮ ‬أن الملايين من مسلمي‮ ‬فرنسا مقبلون حتما على أيّام عصيبة،‮ ‬يمكن خلالها لأي‮ ‬شرطي‮ ‬أن‮ ‬يعتقل أي‮ ‬مسلم بمجرد‮ "‬الاشتباه‮" ‬في‮ ‬أنه‮ "‬متطرّف‮" ‬أو‮ "‬ينوي‮" ‬القيام بعمل إرهابي‮ مثلما كان يفعل الأمن في التسعينات.و متى تمتع المسلمون الجزائرية بالحياة و ذلك منذ دخول فرنسا الجزائر.فبعد الاستقلال عشنا إلى اللحظة هاته كوارث لا يمكن وصفها و من حكامنا خاصة .