جواهر
صاغة وأصحاب محلات يحذّرون

أيتها اللصة.. إذا غفلت العين “تشوفك” الكاميرا!

جواهر الشروق
  • 5555
  • 0
ح.م

بخفة وثقة عاليتين، ونظرات تتقافز في كل اتجاه تمسح المكان، تسحب المسروقات وتخفيها في ثيابها أوفي حذائها أو حتى تحت لسانها، ثم تتظاهر بأنها لم تعد راغبة في رؤية المزيد من السلع المعروضة، أوقد تكتفي بشراء كيس”سباقيتي”، أوعلبة طماطم مصبّرة، وقبل أن تغادر المحل، تكون عينا البائع قد رصدت الحادثة، فيوصد الباب ويبدأ الحساب، أوقد تنفذ بفعلتها ولا عين رأت ولا كاميرا “شافت”.

هذا ملخص عن القصص التي رواها لنا العديد من أصحاب المحلات التجارية بسطيف، ونحن بصدد إجراء روبورتاج حول كاميرات المراقبة التي ترصد عمليات السرقة التي تقوم بها المرأة داخل المحلات والمساحات التجارية، ونحن نتنقل من محل إلى آخر، سمعنا الكثير من القصص عن نساء امتلكن تقنيات مذهلة في السرقة تعبر عن “خبرة” سنوات طويلة اكتسبنها من كثرة”الممارسة”، الأمر الذي جعل ضحاياهن من الرجال لا ينسون تفاصيلها، ويعيدون سردها علينا بكثير من الدهشة والذهول.

هل المحل مزود بكاميرا؟

البداية كانت من محل لبيع الحقائب والأحذية والإكسسوارات النسائية، حيث أخبرنا صاحبه أن عمليات السرقة التي تتم عن طريق النساء والفتيات، أصبحت أمرا متكررا في الكثير من المحلات، لذلك يقوم أصحابها بتثبيت كاميرا في الزوايا المطلّة على السلع المعروضة ويقومون بمراقبة الزبائن من خلال شاشة صغيرة، بينما يتظاهر البعض منهم بأنه يضع كاميرات في مكان ما لا يمكن مشاهدته، على اعتبار أن الكاميرا عادة ما تكون صغيرة الحجم، أو تأخذ شكلا آخر غير شكلها المعروف، وهذا ما تدركه اللصات على وجه الخصوص، ومن جهته، قام بتعليق ورقة فوق ركن مخصص للإكسسورات تتضمن عبارة “المحل مزود بكاميرا”حتى يتقي السرقة، سيما وأن هذا الجزء من المحل كثيرا ما تتجمع حوله الفتيات، وبإمكانه أن يتعرض للسرقة دون أن ينتبه، خاصة أنه يعرض عدد كبير من الإكسسوارات الصغيرة.

صاحب محل آخر لبيع العطور ومستحضرات التجميل، صّرح لنا بأنه كان فعلا يستعين بكاميرا في محله قبل أن يتم تجديده ويقوم بنزعها بشكل مؤقت، ولكنه لايقوم بمشاهدة كل الأفلام عند غلق المحل، لأن الأمر يثير الملل ويضيع الكثير من الوقت، مثلما قال، ولكن ليس الأمر سيان بالنسبة لصاحب محل كبير لبيع الأواني والأجهزة الكهربائية، الذي كان يستعيد مشاهدة الصور، حين اكتشف أن امرأة سرقت مجموعة من الأواني بقيمة 3000دج، ما جعله يصاب بنوبة غضب شديدة.                    

ابتلعت خاتما لتنفى عنها السرقة

وفي محل آخر لبيع الحقائب والأحذية النسائية، أخبرتنا البائعة عن حادثة وقعت في محل لبيع الإكسسورات والقطع النحاسية يقع قبالة محلها، حيث تقول إنها كانت تجلس في محلها عندما اقتحمته فتاة يبدو عليها القلق والتوتر، وطلبت منها أن ترافقها إلى المحل الذي يقابلها بغرض تفتيشها على اعتبار أنها المرأة الوحيدة في ذلك الحي التجاري، لأن صاحب المحل اتهمها بسرقة خاتم من فضة، وتضيف البائعة أنها فعلا بدأت في تفتشيها أمام صاحب المحل الذي أيّد الفكرة، بل وطلب منها أن تنزع لها ثيابها وتفتشها تفتيشا دقيقا لأنه رآها في المرآة المقابلة لها وهي تسرقها، وما إن بدأت ذلك، ووصلت إلى جيبها، حتى أخرجت الفتاة اللصة الخاتم وابتلعته أمام مرأى البائعة وصاحب المحل حتى لا يبقى لديه أي دليل لإدانتها، ولكنها أخذت منه ما ما يجرح فؤادها من كلام قبيح.

وفي حادثة مشابهة، رواها لنا أحد الصاغة بسطيف، حيث استقبل ذات يوم زبونة طلبت منه أن يعرض عليها مجموعة من الخواتم الذهبية، وفي غفلة منه، وضعت خاتما في اللبان الذي كانت تلوكه، ثم همّت بالمغادرة، وعندما اكتشف أن أحد الخواتم التي عرضها عليها اختفت، أغلق الباب، وطلب منها أن تعيده بهدوء، ولكنها نفت أن تكون قد أخذته، وبعد أخذ ورد، نزعته من اللبان وسلمته إياه وهي تتقاطر خجلا.

سرقة جماعية

من أشهر الأساليب التي تستخدمها المرأة اللصة أثناء عملية السرقة، استعانتها بأشخاص آخرين قد يكونون من عائلتها أو لصوص مثلها، هذا ما أخبرنا به العديد من أصحاب المحلات التجارية، حيث يقول صاحب محل لبيع الزهور والنباتات الطبيعية، أنه كان متواجدا عند صديقه الذي يمتلك محلا كبيرا لبيع المواد الغذائية، حين شاهد، وهو خلف زجاج عاكس، امرأة ترفع رضيعها من عربته ليقوم الرجل الذي كان برفقتها، بسرقة مواد مختلفة من الرفوف ويضعها داخل العربة، وفي رمشة عين أعادت المرأة الرضيع إلى مكانه، ثم أخذت كيس”سباقيتي”وتوجهت إلى البائع لتدفع ثمنه، فخرج من مكانه وفضح أمرهما لصديقه الذي لم يخطر بباله أنه تعرض للسرقة، وعن نفسه يقول، إنه تنبّه لطفل صغير دخل المحل مع أمه قام بوضع نباتات طبيعية صغيرة الحجم داخل حقيبة ظهر، وحين اتهم أمه بأنه هي من طلبت منه أن يفعل ذلك، نفت بشدة وقالت إنها لم تره وهو يسرقها.

وإذا كان هذان البائعان قد استرجعا مسروقاتهما التي لم تكن باهضة، فإن أحد الصاغة تكبّد خسارة كبيرة تقدر ب 60 مليون سنتيم، وعن هذه الحادثة قال لنا صديقه، إنه استقبل في محله عائلة مكونة من الأطفال والأب والأم، هذه الأخيرة التي طلبت منه أن يريها”محزمة” ذهبية، ولأنه لا يمتلك غيرها، طلب من صديقه أن يرسل له شكلين آخريين من نفس النوع، وفي غفلة منه، قامت المرأة بإخفاء”المحزمة” الأولى، ثم غادرت المحل هي وأسرتها بعد أن أبدت عدم رغبتها في الشراء، وبعد يومينّ، تذكّر الصائغ أن المرأة لم تُعد له “المحزمة”، وأنه لم يعد بإمكانه استرجاعها لأنه لا يعرفها ولم يشاهدها من قبل.

المقلد مكان الذهب

ومن طرق السرقة التي أصبحت شائعة بين الصاغة الذين باتوا يحتاطون منها، استبدال قطع مقلدة بأخرى ذهبية، خاصة في ظل الانتشار الكبير للإكسسوارات والمجوهرات التي تشبه الذهب، وغالبا ما يتم هروب السارقة قبل أن يتم اكتشاف جرمها، كذلك الأمر بالنسبة للقطع التي تسرق من مجموعة كبيرة مثل الخواتم، حيث تستغل اللصة انشغال البائع من زبونات أخريات، وربما مرافقات لها اتفقت معهن على العملية، لتقوم بإخفاء خاتم في ثيابها أو في حقيبتها دون أن يتم الانتباه لها، لذلك رأى أحد الصاغة الذين تحدثنا إليهم، أنه من الضرورة بمكان تعويض أي خاتم تشترى بخاتم أخرى فورا حتى لا يبقى هناك فراغ بين الخواتم الأخرى يقوم اللصوص باستغلاله.

ومن الأساليب المتكررة في سرقة الذهب، ما أخبرنا به أحد الباعة الذي قال، إن بعض النساء اللواتي ينوين السرقة يقمن بطلب نماذج كثيرة من الأساور التقليدية والحديثة، لتقوم الواحدة منهن بتثبيت إسورتين أو أكثر في الذراع، بينما تعيد البقية، وهذا ما حدث معه، حيث قام بتنبيه اللصة بلطف إلى الأساور التي تركتها في أعلى الذراع تمهيدا لسرقتها.

والغريب، أن كل الباعة الذين تحدثنا إليهم، كشفوا لنا أنهم لا يقومون بالتبليغ عن اللصات طالما أنهم يقومون باسترجاع مسروقاتهم في الحال إذا ما اكتشفوا أمرها عن طريق الكاميرا أو عندما يضبطون اللصة متلبسة بالسرقة، لأن الإجراءات القانونية تطول وتستدعي التفرغ لها وهو ما لا يحبذونه، ولكن ما اكتسبوه لدى تعاملهم مع هذا النوع من النساء الذي تجرد من أنوثته، أنهم أصبحوا أكثر حرصا، وعلى معرفة بالأساليب التي يستخدمونها في السرقة، وأكثر ما ساعدهم على هذه المهمة، هو استعانتهم بكاميرا المراقبة، فإذا استطاعت اللصة أن تنفذ بسرقتها لأن صاحب المحل لم يرها، إلا أن الكاميرا تكون قد التقطت صورها وسجلت كل الوقائع التي يمكنها أن تكون عونا لصاحب المحل في استرجاع مسروقاته.

ليست هذه هي كل حوادث السرقة النسائية التي استمعنا لها أثناء هذا الروبورتاج، فبعضها امتنعنا عن ذكرها لتشابهها مع عمليات سرقة ذكرناها، ما يوحي أننا أمام ظاهرة في طريق”النمو”و” الازدهار” سيما وأن “بطلاتها” أمهات، فماذا يمكن أن تنجب أما لصة غير أبناء لصوص وبنات لصات؟.

مقالات ذات صلة