جواهر

أينعدم الجود في زمن الموجود؟

أماني أريس
  • 5718
  • 20
ح.م

أنظر إلى أيامها فأجدها نسخا متشابهة يصبغها الملل والرتابة، أسترق النظر إلى وجهها وشعرها وهندامها فأجدها باهتة مهملة، أفتش عن بصمتها في تفاصيل حياتها؛ في مطبخها، في غرفتها، في أطفالها فلا أكاد أجد لها بصيصا من ألق، أتساءل في نفسي أين أنت من الحياة وفنّ الحياة؟ أين هي ألوانك الزاهية التي تعكس جمال روحك، ورقي فكرك، وتدل على أنك ابنة عصرك؟ أينعدم الجود في زمن الموجود؟

في زمننا باتت لديك الكثير من الخيارات والإمكانيات لتصنعي التميز وتحققي السعادة قدر المتاح، لكن الشقاء دائما فكرة كما يقال، فعلى مستوى ذهنيتك توجد العراقيل وتختلق الأعذار، لن تذوقي طعم السعادة الحقيقي مادمت تعيشين بثقافة القالب وطموحاتك لا تتجاوز حيّزه.

 سعادتك، زينتك، إبداعاتك ومواهبك، كثيرة هي حقوقك المقيدة لا سراح لها سوى في المناسبات، ببساطة لأنها رهينة بالغير لا بنفسك ذاتها، أنت يا عزيزتي تستهلكين زمن الحياة، لا تعيشين الحياة. ستدركين في لحظة صراحة تصفين فيها مع ذهنك كم قصّرت في حق نفسك، وكم ضيعت عليها فرصا لترتقي في معراج الحياة، وكم أخشى أن تمضي سنوات عمرك وتدركين متأخرة أنك كنت تستطيعين العيش أفضل، وكان بإمكانك تحقيق الكثير من الأمور الجميلة في حياتك لكنها ضاعت في خضم رحاك الدائر ولاء للقالب.

فنّ الحياة لا يحتاج منا أموالا طائلة، ولا يشترط وجود مناسبة ولا وقتا فائضا لنعيشه، هو ثقافة بسيطة نربي عليها أنفسنا فتصبح جزءا من حياتنا نعيشه تلقائيا في تفاصيلها الصغيرة، لن أخبرك عن قيمة التغيير الذي سيحصل في حياتك، وحجم السعادة التي ستملأ قلبك، لو أدرجت أمورا بسيطة جدا في حياتك الروتينية، كأن تستيقظي صباحا فتمارسي على غير عادتك حركات رياضية بكل طلاقة وتلقائية، ثم تدلّلي نفسك بوجبة فطور مخالفة للمألوف، ولتكن مثلا في حديقة البيت، أو في الشرفة بشيء من التفنن في تحضير السفرة.

بون شاسع بين أن تضيعي مبلغا من المال في شحن رصيدك الهاتفي للدردشة اليومية مع القريبات والصديقات، وأن تستغليه في إحداث تغيير بسيط في مظهرك وتفاجئي زوجك وأبناءك بلوك جديد يبهج قلوبهم. سلام وسعادة روحية لا تفيها الكلمات حقها تجنينها لو ابتدعت بدعة حسنة في حياتك كأن تعقدي صلحا مع الكتاب وتصبح المطالعة هوايتك الأولى في وقت فراغك.

أيتها المنفية في أقاصي الذاكرة، أنت خُلقت لتعيشي حياة واحدة، جودي على نفسك ولا تبخلي عليها بالتسامي، واستغلي كل مواهبك وإمكانياتك الروحية والمادية والفكرية والثقافية لتجعلي منها لوحة متفردة، فيها بصمتك الخاصة، وذوقك الراقي في كل التفاصيل.

مقالات ذات صلة