جواهر

أيها الأب اِبنتك بحاجة إليك

أماني أريس
  • 7523
  • 48
ح.م

في إحدى قصائدها تقول الشاعرة السورية المتألقة ريم هلال: ” كان بجانبي عينان تضيئان ألفي وبائي ” العينان اللتان نسجت بهما الشاعرة في وطأة الظلام ثوبا أبيضا أنار بصيرتها، ليستا عيني الحبيب أو الزوج، إنّهما عينا والدها الذي آمن بموهبتها وشذبها، وكان يتدخّل في كل مرة يشد أزرها، ويشحذ همّتها، ويضع بلسم كلامه على رضوض نفسها كلّما تعرضت للإهانة أو التهميش بسبب إعاقتها. وبفضله غدت شاعرة وأستاذة جامعية ملء السمع والفؤاد.

 اِعتدنا أن نجرش قصصا عن عظمة الأمّ، ونردّد عبارات تمجّد الأمومة، أو ننتقد تقصيرها ونتصيد هفواتها في تربية أبنائها، خاصة إذا تعلّق الأمر ببناتها، وبالمقابل كدنا نهمل تماما تحسس أثر الأب في أبنائه.

 قصة الشاعرة السورية، هي نموذج حي لأثر الأب في شخصية اِبنته، فالأب هو أول رجل في حياة ابنته، وهو أول من يشهد تبرعم أنوثتها، فلو قال لها وهي صغيرة أنت جميلة، ولطيفة، وذكية، بهذه الكلمات القليلة سوف يؤسس في نفسها صرحا شامخا من الثقة لا تهزّه أعاصير المنتقدين مهما عظمت، والعكس صحيح، كلماته المحبطة معها، تنخر كيانها وتجعلها هشّة مهزوزة الثقة بنفسها خصوصا مع الجنس الآخر.

فالأب هو الرجل الذي يرسم الملامح الأساسية لصورة كل رجل يعبر حياتها، ومن خلال تعاملها معه، وإدراكها لتصرفاته وأفكاره، تستطيع أن تستجمع الأجزاء المختلفة التي تكون بها صورة الرّجل في حياتها، حيث تبقى صورة الرجل الأول وكلماته هي الأصل، والبقية مركّبة لا تتمتع بذات المصداقية.

ومهما اِنداحت أجنحة الأم لتغطية حاجياتها معنويا وماديا، يبقى جانب من النقص لا يملؤه سوى الأب، وفي حال غيابه أو تواجده السلبي سيظهر في شخصيتها على شكل مشاعر متطرفة حبّا كانت، أو حقدا، أو خوفا، أو قلّة ثقة، غالبا ما تسبب لها المتاعب والفشل في حياتها.

مقالات ذات صلة