جواهر

أيها الممتهنون للقذف هل حجتكم كافية؟

جواهر الشروق
  • 5227
  • 11

الناظر إلى حال مجتمعنا اليوم، لا يخفى عليه كثير من المظاهر التي التبس فيها الحق بالباطل وارتدى فيها الخطأ عباءة الصواب، حيث بات التفريق بينهما في كثير من الحالات أمرا من الصعوبة بمكان، وهذا ما خلق بيئة خصبة للطعن الجزافي في الأعراض وتعميم الأحكام السلبية، وسوء الظن، وأخطرها على الإطلاق قذف النساء، هذه الآفة اللسانية الخطيرة التي ما فتئت تُستَسهَل وتنتشر، حتى غدت أمرا شائعا، لا يردعه رادع ولا يحده ضمير.

فكم من فتاة شُوِّهَت سمعتها ظلما، وكم من سيدة انفصلت عن زوجها وخُرِب بيتها بسبب قذفها في شرفها بهتانا، وكم من جرائم قتل حدثت لذات السبب؟

هل يدرك هؤلاء الطاعنون في شرف النساء، واللائكون للأعراض دون دليل صادق عظمة الذنوب التي يرتكبونها، وخطورة الكلام الذي يتلفظون به.

إن ما آل إليه المجتمع من انسلاخ ومفاسد، وكانت المرأة الطرف الأبرز فيها بتبرجها وسفورها وميوعها حقيقة وحكما، اضطرارا واختيارا، ليست حجة مقنعة ليمتهن هؤلاء اللوك في عرضها، والتربص بزلاتها، والتشهير بها، لحتى أصبح الواحد منهم يطلق أحكاما مجحفة تصب في خانة القذف والاتهام الصريح بالزنا، لكل امرأة متبرجة أو امرأة تعمل في إدارة، أو فتاة تدرس في جامعة، وحجته في ذلك واهية، تستند إلى مظهر تلك المرأة، أو إلى ما تبادر إلى سمعه من أخبار عن بيئة عملها أو دراستها وما شابه!  

فرب محتج بشبهة ما وضعت فيه المرأة نفسها، ومانح لنفسه حق اتهامها في شرفها، نسوق إليه هذه الرواية عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكيف تعامل مع قاذفي مغيرة بن شعبة رضي الله عنه:

جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فشهد على المغيرة بن شعبة بالزنا فتغير لون عمر، ثم جاء آخر، فشهد فتغير لون عمر، ثم جاء آخر فشهد، فتغير لون عمر، حتى عرفنا ذلك فيه، وأنكر لذلك، وجاء آخر يحرك بيديه، فقال: ما عندك يا سلخ العقاب، وصاح أبو عثمان صيحة تشبهها صيحة عمر، حتى كربت أن يغشى على، قال: رأيت أمرا قبيحا، قال الحمد لله الذي لم يشمت الشيطان بأمة محمد ( صلى الله عليه وسلم )، فأمر بأولئك النفر فجلدوا” أخرجه الطحاوي ( 2 / 286 – 287 ).

فصرامة الشريعة في تحديد أربعة شهود رجال، واشتراط إجماعهم على رؤية حادثة الزنا الأكبر رؤية واضحة لا اِلتباس فيها، دليل قاطع على مدى خطورة القذف والطعن في الأعراض.

مقالات ذات صلة