-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إذا عمّت.. فلن تخِفّ أبدا

إذا عمّت.. فلن تخِفّ أبدا

على بعد أيام قليلة من شهر رمضان، الذي يعني بالنسبة للمسلمين غزوة بدر الكبرى وفتح مكة والأندلس، تعيش أرض فلسطين حالة ثورة، لم تعد تستنفر القوات الإسرائيلية على مستوى غزة وجنين، بل امتدّت إلى مناطق أخرى في الخليل والقدس وحيفا ونابلس ورام الله، وجعلت رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو يُؤجِّل زيارة له إلى ألمانيا، بسبب خطورة الوضع، باعتراف إسرائيل نفسها، وتكمن الخطورة، في كون العالم يعيش أوضاعا متأزمة تجعل إسرائيل غير عارفة بدقة بما يحدث حاليا، فما بالك بما سيحدُث مستقبلا، كما كانت تقول في كل عملياتها السابقة، التي تسميها أحيانا “استباقية” وأخرى “كبح” ما يمكن أن يحدث مستقبلا، وكما كانت تعمل في رسمها للخرائط كما تشاء، وكأنها وحدها في الساحة، بل إنها كانت وحدها من دون أي منافس ولا نقول مقاتل.
تعرُّض المقاتلات الروسية لمُسيّرات أمريكية فوق البحر الأسود، وحالة الذهول التي أصابت أمريكا، وتسارع التقارب بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية من جهة وإيران من جهة أخرى، وخروج بشار الأسد من العزلة التي كانت مضروبة عليه، كلها مؤشراتٌ في غير صالح الدولة العبرية، التي كانت تسيطر على الوضع العالمي إلى درجة أن اعتداءاتها على غزة وجنين تلقى التهليل والدعم من بعض الدول العربية، فما بالك بالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، ولكن انشغال العالم الغربي منذ فترة بداية جائحة كورونا وتعقد الأوضاع في أوكرانيا، بأوجاعه الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، جعل إسرائيل بعيدة عن القلب هذه المرة.
عندما تنشغل أمريكا بما يجب أن تفعله قواتها قبالة البحر الأسود، ولا تجد وقتا للتعليق على ما يحدث في الخليج العربي وفي سوريا وإفريقيا، وتبدو غير معنية بطريقة تسيير أعضاء أوبيك لسوق النفط العالمي كما يشاءون بين زيادة وتقليص لحجم براميل النفط، لخدمة مصالح البلدان المنتمية للمنظمة، وليس لخدمة الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الفرصة تكون قد صارت جاهزة ليحقق الفلسطينيون بعض الخطوات، بعد عقود من العزف المنفرد من الآلات الحربية الإسرائيلية، التي كانت تعمل كما تشاء وفي الوقت الذي تشاء، وتنهي كل حروبها الكلاسيكية والجديدة ومجازرها وعدوانها بالانتصار الكاسح على كل الجبهات.
العالم يتغير بسرعة في اتجاه مغاير تماما لِما كان يؤلمنا في السابق، وهناك مؤشراتٌ تحوّلت إلى واقع معيش، تؤكد أن القوى المتجبِّرة حان زمن سقوطها أو على الأقل انكسارها، ولأنه كلما عمّت وانتشرت في قارات العالم، فقدتْ خفّتها، فإننا أمام زمن يمكن أن “نكون” فيه، بعد عقود “لم نكن فيه” قط، حتى صرنا نخسر معارك من دون أن نخوضها، ويربح غيرُنا معاركه، وهو نائم في بيته، الذي هو في الأصل بيتنا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!