-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بعد 6 أشهر من تفجر الخلاف بين البلدين

إسبانيا في ثوب “الخاسر الأكبر” من أزمتها مع الجزائر

حسان حويشة
  • 5895
  • 0
إسبانيا في ثوب “الخاسر الأكبر” من أزمتها مع الجزائر
أرشيف

خرجت إسبانيا في ثوب “الخاسر الأكبر” من أزمتها المتعددة الأبعاد مع الجزائر، بعد ستة أشهر من تفجر الخلاف بين البلدين، على خلفيّة انقلاب موقف حكومة رئيس الوزراء بيدرو سانشيث من قضية الصحراء الغربية، وإعلان تأييده لمبادرة المخزن بشأن الحكم الذاتي.
ومعلوم أن رئيس الوزراء الاسباني كان أعلن في 18 مارس 2022 تأييد حكومته لمقترح الحكم الذاتي الذي طرحه نظام المخزن قبل سنوات لتسوية قضية الصحراء الغربية، ولقي رفضا من طرف جبهة البوليساريو الممثل الشرعي والوحيد للصحراويين.
وفي اليوم الموالي 19 مارس أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية استدعاء سفير الجزائر في مدريد فورا للتشاور، موضحة في بيان حينها أن “السلطات الجزائرية تفاجأت بشدة من التصريحات الأخيرة للسلطات العليا الإسبانية بشأن ملف الصحراء الغربية”.
وأضاف البيان أن الجزائر تستغرب “الانقلاب” المفاجئ وتحول موقف إسبانيا تجاه القضية الصحراوية.
وفي شهر جويلية الماضي جرى نقل السفير الجزائري بمدريد سعيد مويسي إلى باريس خلفا لمحمد عنتر داود، في قرار وصفه متابعون بأنه يعبر عن استمرار الغضب الجزائري من الحكومة الاسبانية ورئيسها بيدرو سانشيث.
وبعد ستة أشهر من الاستدعاء وتفجر الأزمة، لم يعد السفير الجزائري إلى منصبه في مدريد، حيث أن السفير السابق، سعيد مويسي، عُيّن بباريس ولم يتم الإعلان عن خليفة له في العاصمة الاسبانية، وهو ما أكدته أيضا وسائل إعلام محلية في مدريد هذا الأسبوع.
وتكررت نداءات ورسالات الود الاسبانية تجاه الجزائر للعودة بالعلاقات الثنائية إلى طبيعتها ولو جزئيا، لكن النداءات الرسمية قوبلت بتجاهل تام من الطرف الجزائري.
أولى رسائل الود الاسبانية التي تجاهلتها الجزائر ولم ترد عليها اطلاقا، كانت من طرف رئيس الوزراء بيدرو سانشيث، خلال زيارته إلى ألمانيا، حين عبر عن أمله ورغبته في زيارة الجزائر.
وعاد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس ليبعث برسائل ود عندما قال في تصريحات صحفية قبل أيام إن بلاده تطمح لإقامة علاقات طيبة مع الجزائر تعود بالمنفعة المتبادلة على الطرفين، وهي الرسالة التي تم تجاهلها أيضا.
كما تجاهلت السلطات الجزائرية رسالة ثالثة من وزيرة التحول البيئي تيريزا ريبيرا، قبل أيام حين صرحت بأن الحكومة “الحكومة ستواصل العمل للحصول على أحسن العلاقات مع الجزائر”.

استمرار تعليق اتفاقية الصداقة وتقليص في المبادلات التجارية
ومن مخلفات الأزمة بين البلدين التي تضرر منها الجانب الاسباني، استمرار تعليق اتفاقية الصداقة وحسن الجوار، التي أعلنت الجزائر وقف العمل بها شهر جوان الماضي، والتي تعني أيضا تقليص التنسيق والتشاور في عديد الملفات السياسية والأمنية والدبلوماسية، على غرار الهجرة.
ومن تبعات تعليق الاتفاقية، تراجع المبادلات التجارية البينية، وتضرر عديد القطاعات الصناعية الفلاحية الاسبانية المصدرة نحو الجزائر، حسب تأكيد عدة جمعيات لقطاعات صناعية وفلاحية إسبانية، على غرار الخزف والسيراميك وأيضا مصدّري الأبقار والعجول الحية، والتي تراجعت مبيعاتها بشكل كبير على خلفية الأزمة.
كما تقلص التعاون وعلاقات العمل مع الجانب الاسباني في القطاع السياحي شهر جوان الماضي.

الغاز بأسعار مضاعفة من الولايات المتحدة وروسيا
كما أظهرت الأحداث أن مدريد قد عاقبت نفسها بنفسها في قضية الغاز إثر خلافها مع الجزائر، فمن جهة تقلصت إمدادات أنبوب “ميدغاز” التي كانت تصلها مضمونة وبأسعار تفضيلية، مقابل اللجوء إلى استيراد المزيد من الغاز الطبيعي المسال “جي.أن.أل” من الولايات المتحدة وروسيا، بأسعار باهظة جدا، في حين وجدت الجزائر فضاء تسويقيا لكميات إضافية نحو إيطاليا وفرنسا ودول أخرى.
كما ذكرت وسائل إعلام اسبانية الأسبوع الماضي أن اتفاقا على وشك التوقيع بين سوناطراك وشركة “ناتورجي” لمراجعة أسعار عقود الغاز، ما يعني أن مدريد ستشتري الغاز الطبيعي عبر أنبوب “ميدغاز” بأسعار جديدة، تتماشى وما أعلنت عنه سوناطراك شهر جويلية الماضي، بأنها في مفاوضات مع جميع الشركاء لمراجعة الأسعار وجعلها تتماشى مع واقع السوق الحالي.

المحلل بوقارة: الحسابات البراغماتية تؤكد أن إسبانيا هي الخاسر
في هذا السياق، أفاد المحلل الاستراتيجي وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدبلوماسية سابقا بجامعة الجزائر، حسين بوقارة، أن الأحداث والحسابات العقلانية البراغماتية تقول أن اسبانيا هي فعلا الخاسر الأكبر من تأزم علاقاتها مع الجزائر، خصوصا مع هذا الظرف المتميز بأزمة غاز عالمية.
وأوضح بوقارة في تصريح هاتفي لـ”الشروق” أن إسبانيا ربما كانت تعول على الاتحاد الأوربي في أزمتها مع الجزائر، ولاحقا راحت تطلق رسائل ود، محاولة كسر جليد العلاقات عبر رئيس الوزراء الذي عبر عن رغبته في زيارة الجزائر.
وعلق بالقول “الجزائر تجاهلت رسائل رئيس الوزراء الإسباني… لو يحدث تحول في موقفه السياسي بشأن الصحراء الغربية يمكن أن تكون هناك زيارة، لكن في هذا السياق لا أظن ذلك سيحدث”.
وتابع “حتى تجاريا الجزائر ليس لها ما تخسر مقارنة مع الطرف الإسباني في ظل الظرف الراهن وخصوصا ما تعلق بالغاز”.
وأوضح بوقارة أن الجزائر تنتظر تشكيلة سياسية جديدة في اسبانيا لإعادة النظر في العلاقات عقب انتخابات 2023، وهو واحد من الحلول، إضافة إلى ما يمكن أن يلعبه الضغط الداخلي الاسباني على الحكومة لتغيير موقفها على غرار مؤسسات دستورية، أحزاب سياسية، وجمعيات مجتمع مدني وغيرها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!