إسرائيل تفقد آخر حلفائها في المنطقة

عندما وقعت إسرائيل اتفاقيات كامب ديفد مع مصر أرادت أن تهمش دور مصر من الصراع العربي الإسرائيلي.. كانت اسرائيل حينها تستند إلى علاقة استراتيجية من تحالف خاص مع بلدين مسلمين: إيران وتركيا..

• ولم يكن السادات الذي وقع الاتفاقية مع إسرائيل يتجه إلى أكثر من استعادة سيناء مقابل اتفاقيات صلح إلا أنه لم يثبت أن الرجل حاول تطبيعا للعلاقات مع إسرائيل أو أنه كان حليفا لإسرائيل ضد العرب.. أو أنه تورط في مؤامرة على بلد عربي.. وبعد رحيل السادات تغيرت الامورليصبح النظام في مصر حليفا استراتيجيا للكيان الصهيوني..
• في اللحظات التي كان نظام الشاه يترنح كان التصالح مع مصر يتقدم.. سقطت قلعة من قلاع المشروع الأمريكي في المنطقة بسقوط الشاه وفقدت إسرائيل حليفا استراتيجيا فيما اكتسبت موقعا أكثر أهمية وأشد خطورة.. إنها مصر.
• واستعاضت اسرائيل عن خسارتها الاسترتيجية بفقدانها نظام الشاه بموقع له مكانة رئيسية ورائدة في الوطن العربي وقائدة للكفاح العربي ضد الاستعمار والصهيونية ورائدة على مستوى العالم في تشكيل قوة دولية لا شرقية ولا غربية تحت اسم كتلة عدم الانحياز.
• فأصبحت إسرائيل تتكئ على ركيزتين اقليميتين استراتيجيتين مصر وتركيا.. فمع تركيا تقيم اسرائيل علاقات أمنية واقتصادية وعسكرية حيث تقوم تركيا بما ينبغي أن تقوم به دولة في الحلف الاطلسي ولم تتوقف المناورات العسكرية المشتركة بين البلدين وقامت تركيا في العديد من المرات بمحاولات للضغط على العراق وسوريا وكانت تمثل مع إسرائيل طرفي كماشة ضد سوريا..
• أما مصر، فلم تقف عند حدود كامب ديفد مع خطورته بأن يستطيع النظام إخراج جيش مصر العربية والشعب المصري العربي الكبير من دائرة الصراع إلى هامش الصراع.. بل أخذ النظام في مصر أدوارا خطيرة عندما تجاوز موضوع الصلح مع اسرائيل إلى دور ممارسة الضغط على الفلسطينيين وإرغامهم على القبول بصيغ وأوضاع مذلة وإلى دور ممارسة التامر على العراق وتجنيد الجيوش للحرب على العراق.. ومارس النظام دور المحرض ضد العراق وضد سوريا وضد حزب الله بلبنان.. وهكذا أصبحت مصر تحت حكم النظام حليفا استراتيجيا للأمريكان وأحيانا وكيلا للسياسات الامريكية.
• ولكن السنوات القليلة الحالية تشهد خسارة استراتيجية لإسرائيل فمنذ العديد من الاشهر حاولت تركيا حزب العدالة والتنمية أن تتفلت من الدور القذر الذي ألزمت به تركيا وشيئا فشيئا حاول الاتراك الانفصال في المشهد السياسي عن السياسيات الاسرائيلية.. وبالفعل، حصلت مفارقات عديدة توحي بأن هناك اشتباكا تركيا اسرائيليا في بعض التفاصيل.. ورغم وجود بعض المصالح المشتركة وأوراق القوة بيد الاسرائيليين للضغط على تركيا، إلا أن الاتراك يحاولون بالافتتكاك من الضغوطو وهناك شعور كبير أن القطيعة مع تركيا مسألة وقت.
• والدور المتميز للنظام المصري في المرحلة السابقة يتكرس في شد خناق الحصار على الفلسطينيين في غزة والتدخل القوي لمنع عرفات من الخروج من الحصار المفروض عليه أثناء قمة بيروت وأصر عليه لمزيد من التنازل وقام الجهاز الامني المصري بالاشراف على تشكيل جهاز الامن الوقائي الفلسطيني الذي كانت مناطة به مهمة خاصة ألا وهي قمع المقاومة الفلسطينية والحركة الاسلامية في فلسطين مما أسس لصراع داخلي فلسطيني لم تزل كوارثه قائمة على الشعب الفلسطيني.
• الآن إسرائيل تخسر قواعد الارتكاز الكبيرة الاساسية: طهران، إسطمبول والقاهرة.. ولا يملك من يبحث عن أسباب لبقاء إسرائيل في المنطقة بعد الآن أن يجد ركيزة حقيقية لها..
• إن المتابع للموقف الاسرائيلي والامريكي من مصر يرى أن هناك اهتماما بالغا حيث تتم المتابعة بما يحصل في مصر من زاوية تأثير نتائج ما يحصل على العلاقات الامريكية المصرية والعلاقات الاسرائيلية المصرية.. ولا يتوقف التخوف الاسرائيلي عند حد فكل الاحتمالات قائمة.. ولم تكن إسرائيل في وضعية الاطمئنان من مصر رغم كل الاتفاقيات والمعاهدات.. وسبق لإسرائيل التحريض على مصر والتخويف منها وذلك إدراكا من إسرائيل بأنه لا ضمان أن تستمر حالة التعفن السياسي والمظالم الاجتماعية   قدرا على المجتمع المصري..
• إن إسرائيل تفقد قواعدها في المنطقة الامر الذي يعني أن لا تسلم اسرائيل بالموضوع بسهولة وستبذل كل ما باستطاعتها لإحباط ثورة الشعب المصري.. ولا يستبعد قيام إسرائيل في الساعات القريبة بأعمال شغب وإرباك في مصر.. المهم أن مصر لن تكون كما كانت.. لن تفقد دورها ومكانتها وهذا يعني أن إسرائيل تختنق؟