الرأي

إسقاط الحق العربي في مفاوضات النووي

سعي النظام الرسمي العربي في ضمان حضور في مفاوضات إيران مع مجموعة 5+1 باء بالفشل، كاشفا عن غياب أي ثقل مؤثر له في المجموعة الدولية المكلفة بدرء ما تراه خطرا نوويا يهدد أمن الشرق الأوسط ويخل بتوازنات القوى التقليدية.

سقط الحق العربي في طرح ما يراه خطرا على أمنه القومي، فهو المستهدف الأول في تطلعات قوة إقليمية تتمدد في أربع دول عربية، فقدت أمنها واستقرارها، وهي تتلمس ببطء طريق الوصول إلى استعادة سيادتها المسلوبة.

الاتفاق النووي لوزان 2015  الملغى بإمضاء الرئيس دونالد ترامب، فتح الطريق أمام إيران للمضي قدما، وبثقة أكبر، في تنفيذ مشروعها التوسعي الطائفي في منطقة الشرق الأوسط، وتحقيق أطماع وأهداف مشروعها القائم على إثارة الفتنة الطائفية، عبر زرع ميليشيات “الإرهاب الطائفي” في كل مكان.

وانتاب الغرور كبار المسؤولين الإيرانيين حينها وهم يتسابقون في الإعلان عن إعادة بناء الإمبراطورية الفارسية، التي بنت قواعد وجودها في بغداد وبيروت ودمشق وصنعاء وغزة، دون اكتراث بردود فعل النظام الرسمي العربي، أو مراعاة مشاعر الانتماء لدى الشعوب العربية.

كان اتفاق لوزان ثمرة المباحثات الثنائية الأمريكية – الإيرانية، التي أفضت عن تفاهمات غير معلنة، حول القضايا الإقليمية، واستراتيجية وسياسات البلدين في منطقة الشرق الأوسط، وآليات تبادل الأدوار

مصادر سياسية قريبة من مراكز القرار السياسي، ومسؤولون أمريكيون كبار، كشفوا أن تلك المباحثات السرية عززت دور إيران في منطقة الشرق الأوسط وتدخلها المباشر في شؤون دول عربية، وإسلامية ودعمها للجماعات المسلحة والطائفية في الدول العربية، ودول الخليج العربي، بما يعزز مشروع إعادة بناء الإمبراطورية الفارسية .

بررت إدارة باراك أوباما الصفقة مع إيران بما هو معلن فيها وما هو مخفي، بأنها ستقود إلى الاعتدال الإيراني، ولم تر أن صفقتها سترفع من سقف المطامع الإيرانية التي لا تقف عند حدود دول المشرق العربي.

لكن غياب المحاور الكبرى في مباحثات سرية استمرت عاما تقريبا، وتنقلت بين عدة مدن، سهل على المراقبين والأمريكيين منهم اكتشاف أهم البنود في الملحق السري المرتبط بالاتفاق النووي بين القوى الكبرى وإيران :

ضمان أمن دولة الاحتلال ومصالحها، وقبول أمريكا بالدور الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، طالما يخدم السياسات الأمريكية ولا يتعارض مع مصالحها. على أن تتجاهل أمريكا هيمنة إيران على دول عربية عبر ميليشيات طائفية خارجة عن القانون، تعمل على شق العالم الإسلامي، عبر إثارة الصراعات الطائفية، عزل أو شل دور دول عربية عن أداء دورها الإقليمي.

إحياء مفاوضات فيينا بتوافق دولي – إقليمي مؤشر إيجابي في إبعاد منطقة الشرق الأوسط من شبح حرب مدمرة، لكن تجاهل المطالب العربية خطر بحد ذاته لا يقل خطورة عن تعزيز الترسانة النووية في الشرق الأوسط، كما أن أنشطة إيران في مناطق النفوذ التي استولت عليها في العالم العربي هي الخطر المتنامي الذي تتغافل عنه مجموعة 5+1 عمدا باعتباره ورقة مساومة يلعب بها المفاوضون: مناطق النفوذ بديلا عن النووي!.

مقالات ذات صلة