-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إغتيال الحقيقة في محرقة غزة

محمد قيراط
  • 3427
  • 0
إغتيال الحقيقة في محرقة غزة

برج الجوهرة أو برج الصحفيين في قطاع غزة الذي يضم العشرات من القنوات العربية والدولية تعرض لقصف كما تعرضت منازل العديد من الصحفيين إلى الحرق والتدمير.

  • هكذا تواصل إسرائيل حربها، ليس فقط على الأطفال والأبرياء والعزل، وإنما كذلك على الصورة والكلمة حيث تستمر عمليات استهداف الصحفيين والإعلاميين، إذ قتل منهم أربعة وهم علاء مرتجى مراسل »إذاعة ألوان« وعلاء السيلاوي مصور »فضائية الأقصى« وباسل فرج مصور »التلفزيون الجزائري«، وإيهاب الوحيدي مصور »تلفزيون  فلسطين«، بالإضافة إلى عدد من الجرحى. في محرقة غزة تمارس إسرائيل إرهابا إعلاميا منظما ومنسقا حيث تستهدف الصحفيين بالقتل وتمنعهم من تغطية العديد من المناطق الحساسة التي لا تريد أحدا أن ينقل للعالم ما يجري فيها. والنتيجة في نهاية المطاف هي أن التغطية الإعلامية لأحداث غزة عانت وتعاني من عدم توفر الأخبار الحرة والمستقلة والموضوعية والنزيهة كما تعاني من التعتيم والتضليل المنهجي والمنظم من قبل إسرائيل.   
  • ما رددته كبريات المؤسسات الإعلامية الغربية هو »حق إسرائيل في الرد على الهجمات عليها« وأن »حماس منظمة إرهابية« و»من واجب إسرائيل حماية مواطنيها«، كما أن هذه الوسائل الإعلامية لم تتطرق إلى جوهر المشكلة، وإلى الحصار على غزة لأكثر من سنة، كما أنها لم تتطرق للضغوط التي مارستها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية لإلغاء نتائج الانتخابات الحرة التي فازت بها »حماس«. فصور الأطفال والجرحى، رغم دلالاتها ومعانيها غير كافية عندما تجرد من خلفيتها وسياقها والمتعلق بإرهاب دولة إسرائيل والأيديولوجية الصهيونية التي تهدف إلى استئصال الشعب الفلسطيني وتوطين يهود العالم في أرض ليست بأرضهم.
  • المعروف عن الكيان الصهيوني أنه قوي في مجال الإعلام والدعاية والحرب النفسية، والمعروف كذلك عن الأيديولوجية الصهيونية تمسكها الكبير ببرتوكولات حكماء صهيون خاصة تلك المواد المتعلقة بكيفية الاستثمار في وسائل الإعلام واستغلالها واستعمالها في كسب الرأي العام الدولي إلى جانب إسرائيل. فلا غرابة، إذا وجدنا أن اليهود يسيطرون على وكالات الأنباء العالمية وعلى المؤسسات الإعلامية النافذة والمؤثرة في العالم، كما يسيطرون على الصناعات الثقافية وشبكات التلفزيون وصناعة الإعلان. إلى جانب كل هذا نجد الكيان الصهيوني يمارس سياسة إرهابية خطيرة داخل الأراضي المحتلة على كل من يبحث عن الحدث والصورة والحقيقة سواء تعلق الأمر بالصحافي الفلسطيني أو بالمراسلين الأجانب.
  • يوم بعد يوم يكتشف العالم من خلال غطرسة وهمجية الكيان الصهيوني ومجازره المتتالية تناقضات إسرائيل وادعاءاتها الباطلة وأساطيرها المضللة. فالكيان الصهيوني اشتهر في الأدبيات الغربية أنه تلك الدولة الديمقراطية المحبة للسلام والأمن والطمأنينة، تلك الدولة الصغيرة المتواجدة في الشرق الأوسط والمحاطة بدول دكتاتورية مستبدة تريد بكل الوسائل والطرق التخلص من يهود إسرائيل وإبادتهم والرمي بهم في البحر. لكن بفضل الفضائيات بدأت الفضائيات تخترق الأكاذيب والأساطير وتقدم صور الاعتداءات العديدة والمختلفة ضد الأطفال الأبرياء والمدنيين العزل، لكن الوجه الخفي وغير المعلن للإرهاب الصهيوني يتمثل في الإرهاب الإعلامي والفكري المفروض على الصحافيين الفلسطينيين وعلى المراسلين الأجانب المعتمدين لدى الكيان الصهيوني
  • فإذا بدأنا بالصحافي الفلسطيني نجد أن حياته معرضة للموت يوميا حيث الممارسات التعسفية     والقمعية ضده من قبل سلطات الاحتلال. هذه الممارسات هي في جوهرها اختراق صارخ للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولمبدإ الاتصال والحق في المعلومة والحق في المعرفة. ونلاحظ هنا أن الكيان الصهيوني يضرب عرض الحائط اتفاقية جنيف وكل الأعراف والقوانين الدولية التي تحمي الصحافي في زمن الحرب. ونلاحظ أن الكيان الصهيوني الذي أبتزّ واستغل وضلّل الرأي العام الدولي ووسائل الإعلام العالمية يعمل جاهدا على اغتيال الحقيقة وإسكات صوت الحق وتقديم وجهة النظر الفلسطينية للرأي العام الدولي. فالإحصائيات تقول إنه منذ اندلاع الانتفاضة الثانية نفذ العدو الإسرائيلي 1200 اعتداء على الإعلاميين بين قصف وضرب وتعذيب وتهديد. وفي اليوم الذي اعتدى فيه شارون على القدس الشريف أطلق الكيان الصهيوني الرصاص على عدد من المحررين والمصورين الصحافيين أتناء القيام بعملهم فقتل البعض وأصاب آخرين بجراح. وفي 12 أكتوبر من سنة 2000 أي العام الأول للانتفاضة الثانية قصف الكيان الصهيوني مراكز البث والتقوية للإذاعة الفلسطينية في رام الله فدمرها. وتكررت العملية نفسها في عدة مناسبات بغرض إسكات صوت الحق ومن أجل التضليل والتعتيم.
  • إسرائيل الدولة التي تدعي الديمقراطية واحترام الحريات الفردية وحقوق الإنسان تمارس الإرهاب الإعلامي اليومي على الصحافي الفلسطيني والصحافي الأجنبي وتعرضهما لمذبحة إعلامية حقيقية في زمن يظن البعض أن عهد الرقابة قد ولى مع مجيء عصر الفضائيات والانترنيت وعصر الصورة والمجتمع الرقمي. رغم كل ذلك يبقى الكفاح اليومي للصحافي الفلسطيني وسام شرف كبير لأنه يكافح على عدة جبهات وبقلمه من أجل إيصال الحق إلى العالم ومن أجل اختراق الإمبراطوريات الإعلامية العالمية التي يحركها اللوبي الصهيوني في الاتجاه الذي يريده والذي يخدم مصالحه وأهدافه. السجل إذن، مليء بالتجاوزات وبالاعتداءات السافرة على الممارسة اليومية للصحافة وللإعلام، ومع الأسف الشديد، نجد أن الاهتمام بهذا النوع من الإرهاب الصهيوني وهو إرهاب خطير لأنه يمس العقل والفكر والحقيقة، ضئيل لا يكاد يذكر، فالكل يركّز على التصفيات الجسدية والقتل والبطش والجرائم الوحشية وهدم البيوت والاستيلاء على الأراضي، لكن الكل ينسى أن الفلسطيني كذلك محروم من الحريات الأساسية وعلى رأسها حرية الرأي والفكر وحرية الصحافة، كما يجهل أو يتجاهل الرأي العام العالمي أن الطفل الفلسطيني البريء الذي يرشق الإسرائيلي بالحجارة لا يطالب إلا بحقه في أرضه ليس إلا. هذه هي الحقائق التي يريد الكيان الصهيوني تغييبها عن العالم الذي أصبح يحصل على صورة مغايرة تماما للواقع وللحقيقة.
  • أما بالنسبة للصحافيين والمراسلين الأجانب فالأمر لا يختلف كثيرا حيث أن الممارسات الإرهابية وإسكات الأصوات التي تخرج عن الإرادة الصهيونية أمر لا مفر منه. وكم من صحافي أجنبي راح ضحية الإرهاب الصهيوني وهو يبحث عن الحقيقة لتقديمها للرأي العام العالمي. فالمؤسسات الإعلامية بمكاتبها ومراسليها والتي تسير في الخط الإسرائيلي تنعم بكل التسهيلات وكرم العلاقات العامة، أما كل من يخرج عن الإطار الصهيوني فإنه يحارب بكل الوسائل والطرق. فالمراسل الأجنبي الذي يغطي المقاومة يتعرض لمختلف المضايقات من قبل أجهزة المخابرات والجيش الإسرائيلي الذي لا يتردد في إطلاق النار على الصحافيين والمصورين عندما يتعلق الأمر بكشف الوقائع والأحداث والصور التي تكشف همجية وجرائم الكيان الصهيوني. ومن ضحايا المضايقات وإطلاق النار مصور وكالة الأسوشيتد براس يولا موناكوف ومسؤول مكتب شبكة سي.أن.أن التلفزيونية الإخبارية بن ويدمان والصحافي الفرنسي بيرتراند جوير مراسل التلفزيون الفرنسي وغيرهم كثر.
  • المعركة محتدمة وليست بسيطة وليست سهلة كذلك، ورغم كل ما حققته المقاومة الفلسطينية فالمعركة الإعلامية مازالت تحسم دائما لصالح العدو. نخلص إلى القول أن الأداء الإعلامي بشأن القضية الفلسطينية لم يرق إلى مستوى تضحيات المقاومة الفلسطينية وإلى مستوى القضية النبيلة والشريفة التي يستشهد من أجلها شباب في مقتبل العمر. تناقضات الكيان الصهيوني وممارساته الإرهابية والإجرامية وتصرفاته الدكتاتورية والاستبدادية وغير الديمقراطية لم يستطع الإعلام العربي بمختلف مشاربه الكشف عنها وتقديمها للرأي العام لا محليا ولا دوليا، رغم أن النظام الصهيوني يحمل بذور فنائه وزواله لأنه مبني على أسس غير سليمة وواهية مصيرها الانهيار والموت البطيء. هل يدري الكيان الصهيوني أنه بقتل الأطفال والأبرياء يقدم خدمة كبيرة للقضية الفلسطينية؟ وهل يعلم أنه لا يستطيع إخفاء الحقيقة عن طريق الحرب الدعائية التي يشنها من خلال وسائل الإعلام العالمية المتواطئة. فهناك أحرار في مختلف أرجاء العالم يناضلون ويكافحون من أجل نصرة الحق وتعرية الباطل.  
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!