-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إنصافا للمتقاعدين

عمار يزلي
  • 31903
  • 2
إنصافا للمتقاعدين

الالتفاتة الكبيرة بضرورة مراجعة مِنح التقاعد للأجراء ولغير الأجراء التي أقرّها رئيس الجمهورية في آخر اجتماع لمجلس الوزراء الأحد، تمثل حرص الرئيس شخصيا على تقاسم الأعباء بين كل العمال والمهنيين وتوازن القيمة لدى كل قدماء الأجراء وغير الأجراء، بما يضمن توازن القدرة الشرائية لهذه الفئة التي قدَّمت الكثير في وقت صعب وتعيش اليوم في وقت أصعب.

هذا الحرص يأتي من باب الرغبة في إرساء العدالة الاجتماعية لدى كل الفئات وليس فقط الفئات العاملة: هذه الفئة، سواء عملت أم لم تعمل، تعيش اليوم في ظروف أقلّ ما يقال عنها إنها صعبة وغير متكافئة مع حاجياتهم وقياسا بما قدَّموه وعاشوه وكابدوه وتكبّدوه، فعمّال السبعينيات والثمانينيات بعد 32 سنة أو أكثر من العمل، أغلبهم خرج بمعاش أو منحة لا تمكّنه اليوم من العيش حتى لشخص واحد بعدما صارت حاجاته أكبر إلى الرعاية الصحية والأطباء والتحاليل والاستشفاء، كما صارت حاجته أكثر إلى العيش بمعاش لا يلبِّي هذه الحاجة. هذه هي المعضلة التي تعيشها هذه الفئة وهي ليست بالهيّنة، فهي تمسُّ نحو 3 ملايين شخص، وأغلبهم، وخاصة ممن خرجوا في تقاعد بداية التسعينيات أو منتصف الثمانينيات، خرجوا بتقاعد زهيد، كان في وقت ما كافيا نسبيا، لكون القدرة الشرائية بنفس الراتب قبل التقاعد أو بعده، كانت متوازنة، لكن بعد ثلاثين سنة، لم يعد الأمر كذلك مع بقاء المعاشات والمِنح بعيدة عن واقع أجور اليوم، حتى إن المتقاعد بـ2 ملايين سنتيم أو حتى 3 قبل سنوات، وجد نفسه رغم الزيادات التي كانت تعرفها المعاشات والمِنح بنسبة لا تزيد عن 2 في المائة، بعيدة وأقلّ بكثير من مرتّب عامل أو موظف مبتدئ، في المهنة أو الوظيفة نفسها.

الشعور بانعدام العدل بعد كل ما قدّمه العمال المتقاعدون سنوات الكد وصعوبة ظروف العمل ومشقة النقل والتنقُّل والبُعد ومضاعفة الجهد النفسي والبدني سواء في المهن الشاقة أم حتى المهن غير الشاقة، هو شعورٌ بانعدام العدالة، وهذا ما يعمل رئيس الجمهورية على القضاء عليه.

التفاتة رئيس الجمهورية إلى هذه الفئة بطريقة يبدو أنها ستكون ذات وقع طيِّب وحسن، بعد تلك الزيادات التي أقرَّها لهذه الفئة تباعا منذ نحو أربع سنوات، على غرار باقي الزيادات لدى الأجراء العاملين، تأتي حرصا منه على ردِّ الاعتبار لهذه الفئة التي لها الفضل الكبير اليوم على وضعنا الاقتصادي والأمني والسياسي والاجتماعي، حتى ممَّن لم يعملوا لفترة طويلة لسبب أو آخر، الذين يتقاضون منحة التقاعد، إلا أنهم إنسانيا في حاجة إلى أن يعيشوا في كرامة لكونهم كوّنوا أسرا وكانوا مربين لجيل وأكثر وأرباب أسر وعائلات وماكثات في البيت وعاملات وعاملين عملوا وعاشوا أحلك الظروف وأقساها.

تقاسم أعباء العدالة الاجتماعية التي يريد رئيس الجمهورية أن يكرسها اليوم وغدا، تتمثل في ضرورة دعم صندوق التقاعد، ليس فقط عبر الاقتطاعات من الكتلة العاملة التي تمثّل الحجر الأساس للصندوق، بل أيضا من خلال نسبة الدعم الذي يُقتطع من التحويلات المالية، لكون هذه الفئة في حاجة ماسّة إلى تعديل ميزانها الاقتصادي الذي يعرف خللا غير منصف قياسا بما قدّموا ويقدّمون اليوم جهدهم السابق إنفاقا على العلاج أكثر من أي شيء آخر.. العلاج الذي يعرف الجميع رغم خدمات الضمان الاجتماعي المشرفة التي يحسدنا عليها الكثير في دول الجوار، إلا أن حجم التعويضات على الفحوص لدى الخواص والتحاليل والأشعة وغيرها هي ما يرهق كاهل المتقاعد الذي صار تندُّره صائبا بكونه “موت ـ قاعد”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • جزاءري

    من يتقاضون اكثر من 5 ملايين بدأت قدرتهم الشرائية في التراجع سريعا وسيصبحون بعد سنة أو سنتين من الان في عداد الفقراء بسبب التضخم الكبير . يجب تدارك هذا الأمر حتى لا تتسع داءرة الفقر في غضون سنوات قليلة .

  • عمر

    إن شاء الله تكون الزيادة في معاشات المتقاعدين معتبرة مع الغالى الفاحش في المستهلكات اليومية للمواطن و المتقاعد خاصة ربي أجيب الخير للبلاد والعباد تحيا الجزائر 🇩🇿🇩🇿