الرأي

إنها الحرب

صالح عوض
  • 1169
  • 9

من يظن أن العدو التاريخي والاستراتيجي لشعب أو أمة يستسلم بعد هزيمةٍ ما في موقعة ما إنما يكون كمن يأمل عودة أهل القبور.. فالاستعمار الذي أخرجته بنادق الثوار لا يكل أن يعود إلى الديار بقفاز الحرير وثقافة الإتيكيت ومطبوعات دور النشر الموجهة وأكاديميات صُنعت لهذا الغرض خصيصا.. وهو لا يكتفي بهذه الأسلحة الفتاكة وليجعل لنفسه حدا بل هو جاهز في كل وقت أن يشن غارته بأشد الأسلحة فتكا.
ما يجري على الأرض السورية والسودانية دليل قوي أنهم بعد سبع سنوات حرب على سورية وإلحاق هزيمة نكراء بمجاميعهم المسلحة باد للناظر والمتابع أنهم خروا إلى الأرض مكسورين وانسحبوا من الميدان مدحورين فذهب البعض من الذين شغلت الطيبة قلوبهم وسحرتهم كلمات النصر الأولى إلى الإحساس بأن جولة قاصمة قد أنجزت لصالح الأمة وبعدها سيكون المسير إلى القدس الشريف.. إلا أن الواقع المر يقول أشياء أخرى.. فهاهو العدو المكلل بالخزي في معارك سابقة يدور على نفسه ويستجمع أدوات أخرى ويشن الغارة من جديد.. فتقوم طائرات الكيان الصهيوني بغارات تشمل مساحات كبيرة من سورية في مسلسل عدواني مستمر منذ عدة سنوات يزداد الآن بعد أن فشلت أدوات التخريب الأخرى.. وفي السودان ظن البعض أن قبول السودان بالتنازل عن جنوبه سيعطيه فرصة التحلل من حروب أرهقته واستنزفت قدراته وقتلت عشرات الآلاف من أبنائه وأن قبوله بالابتعاد عن شعاراته السابقة بنشر ثقافة المقاومة والإسلام في إفريقيا والتصدي للاختراقات الصهيونية في إفريقيا سيجعله أكثر أمنا واستقرارا وابتعادا عن غضب الأمريكان والصهاينة، ولكن ها نحن نتابع وخلال سنوات طويلة كيف أن الحصار استمر على السودان والملاحقات المتواترة من قبل المؤسسات الأمريكية للضغط على المؤسسات الدولية لمعاقبة السودان.. وبعد أن ظن السودانيون أنهم تمكنوا من تفكيك الحصار وأحدثوا نهضة عمرانية واقتصادية في البلد نقلته نقلة بعيدة عما كان عليه في التسعينيات عاد الاستعماريون إلى تحريك أداوت تقليدية معروفة بالولاء للأجنبي ولبريطانيا خصوصا.. ومن خلال تحريك وإثارة الفوضى أرادوا للسودان أن يغرق في مستنقع التصارع الداخلي، هذا يتم ليس فقط لأن السودان يقف مع قضايا الأمة وفلسطين كما أحب أن يقول عمر البشير الرئيس السوداني ولكن أيضا لتحطيم قوة الرفض في السودان إزاء المخطط الصهيوني جاري التنفيذ في تشاد والنيجر وإريتريا حيث وصل التغلغل الصهيوني مداه وهناك تقام معسكرات التدريب للمجموعات المسلحة تحت رعاية صهيونية..
إنها الحرب ولا توقفَ لها حتى يتم الانتصار النهائي.. وهنا لا بد من التوضيح أن وحدة البلدان العربية المتضررة من مشاريع التفسيخ وتعاونها الأمني والاستراتيجي ضرورة بالغة من دونها سيأكلوننا بلدا بلدا.. ولعلنا نختصر مسافة الثيران. تولانا الله برحمته.

مقالات ذات صلة