الرأي

إنها مضيعة للوقت…!

محمد سليم قلالة
  • 1257
  • 5

المساعي السياسية التي يتفرغ لها البعض منذ أسابيع خَلَت من خلال تقديم المبادرات أو الدعوة لعقد ندوة أو ندوات، هي في تقديري مضيعة أخرى للوقت ومحاولة لتعطيل التفكير الموضوعي في حلول أكثر فعالية للمجتمع والدولة على حد سواء…
كان من المفروض على هؤلاء وغيرهم أن لا يخوضوا في قضايا ناظِمة للحياة السياسية فَصَلَ فيها الدستور وضبطتها قوانين الجمهورية، بل أن يضعوا أنفسهم جنودا لتحسين تنفيذها والسَّهر على أن يتقدموا خطوة في هذا المجال وهم الأعلم بالنقائص والصعوبات… ولهم في ذلك واسع النظر كما يقول رجال القانون… ولم يكن من حقهم أبدا “التفلسف” حول الحد الأدنى من المكاسب التي تقوم عليها الجمهورية مثل الانتخابات أو الآجال الانتخابية، وإلا تم تحطيم ما بقي من أمل في إمكانية ترميم ما فسد من دعائم الدولة وإمكانية تعزيز ما بقي صالحا…
كنت أنتظر مثلا أن يتمحور نقاش السياسيين حول كيفية تجنيد نخبة الخبراء الجزائريين في الداخل والخارج لإنجاز رؤية منسجمة لهذا البلد تمتد لربع قرن من الآن… وأن يتفقوا على إجراء انتخابات شفافة توصل مَن توصل للحكم على أن يلتزم بتنفيذ الرؤية التي يَتفق بشأنها ما بقي حيا من أدمغة الجزائر… وإذا ما حاد هذا المنتَخَب عن ذلك أو عَجَزَ، يتم تغييره انتخابيا بعد خمس سنوات من الآن. أما إذا وُفِّق فليس أمامه إلا خمس سنوات أخرى ليترك المهمة لغيره لعله يكون الأفضل ويتجنب أخطاءه… وهكذا دواليك إلى أن يتم ترسيخ مبدأ التداول على الحكم، وتأكيد أن البلاد لا يُمكنها أن تُبنى من غير رؤية متكاملة ومشروع مستقبلي مُتَّفق بشأنه يصنعه ما بقي حيًّا من أهل العلم والخبرة، لأن الغالبية قد ضاعت أو أهينت أو شُرِّدت إلى غير رجعة…
هي ذي أبسط منهجية يُمكن لأي مواطن أن يتوقع اتباعها لتتطور الدولة وتستمر… وهي لا تحتاج إلى كثير من الكلام أو الشرح، لأنها بطبيعتها واضحة وقابلة للتطبيق… يكفي فقط كثير من الصدق للتعامل معها وما لَزِمَ من جُهد وعمل لكي تتحقق… بعيدا عن كل هرولة بدون بوصلة لهؤلاء أو هؤلاء وبعيدا عن كل تلك السيناريوهات المفبركة والواضح تملُّقها للأشخاص التي أعيَتْنا بطبيعتها المُصطَنَعَة والكاذبة…
إن بلادنا اليوم هي بحق في حاجة إلى تصحيح مسارها إن كُنَّا بالفعل نُريد بها خيرا، وذلك لن يتم دون وضع حد لِما أراه تملقا زائدا أو ركضا بلا معنى لخدمة هذا الشخص أو ذاك… ألم نُدرِك بعد أن أكبر انتصاراتنا، وأولها ثورة التحرير المباركة، إنما تحققت عندما انحازت القيادات السياسية إلى التطلعات الشعبية ووضعت طموحاتها الشخصية جانبا، وأن أكبر الانكسارات إنما وقعت عندما حدث العكس وتم تغييب العقل والمعرفة والكفاءة والعلماء…؟؟

مقالات ذات صلة