الرأي

إنهم‮ ‬يعبثون‮ ‬بنا‮!‬

محمد يعقوبي
  • 4542
  • 6

الذين يسيؤون إلينا بالإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم نجحوا في جرنا إلى نقاش هامشي هم المستفيدون منه بالدرجة الأولى، فأصبحنا نناقش كيف يمكن أن نحتج هل بالمظاهرات أم بالاعتصامات أم بحصار السفارات وحرقها، عوض أن نناقش الموضوع الأساسي وهو لماذا يسيؤون إلينا بهذه‮ ‬الوقاحة‮ ‬ولا‮ ‬يتورعون‮ ‬في‮ ‬نقل‮ ‬واستنساخ‮ ‬هذه‮ ‬الإساءات‮ ‬من‮ ‬بلد‮ ‬إلى‮ ‬بلد،‮ ‬ومن‮ ‬قناة‮ ‬إلى‮ ‬جريدة‮ ‬ومن‮ ‬جريدة‮ ‬إلى‮ ‬مجلة،‮ ‬ونحن‮ ‬مثل‮ “‬البُلَهاء‮” ‬نلهث‮ ‬خلف‮ ‬المعارك‮ ‬الوهمية‮ ‬التي‮ ‬يفرضها‮ ‬علينا‮ ‬المسيؤون‮ ‬إلينا‮. ‬

هم‮ ‬يوفرون‮ ‬ظروف‮ ‬الإساءة‮ ‬لنا‮ ‬ويسكتون‮ ‬عنها‮ ‬بحجة‮ ‬حرية‮ ‬التعبير،‮ ‬ثم‮ ‬يجروننا‮ ‬للنقاش‮ ‬حول‮ ‬الكيفية‮ ‬التي‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬نحتج‮ ‬بها‮ ‬بعيدا‮ ‬عن‮ ‬سفاراتهم‮ ‬ومصالحهم‮.‬

ونصرةً لرسولنا الكريم علينا أن نعيدهم إلى البدايات، لماذا يسيؤون إلى رسولنا أصلا؟ ولماذا يسمحون بذلك ويحمون المجرمين الذين يقترفون هكذا قذارات؟.. ولا علاقة لهم بالكيفية التي علينا أن نحتج بها، لأنهم بطريقة أو بأخرى يسيؤون لنا مرتين، الأولى بالإساءة إلى نبينا‮ ‬والثانية‮ ‬بالقول‮ ‬إننا‮ ‬همج‮ ‬لا‮ ‬نعرف‮ ‬حتى‮ ‬سبل‮ ‬الاحتجاج‮ ‬السلمي‮.. ‬ببساطة‮ ‬لأنهم‮ ‬لا‮ ‬يعلمون‮ ‬أن‮ ‬ديننا‮ ‬يعلمنا‮ ‬أنه‮ ‬من‮ ‬استغضب‮ ‬فلم‮ ‬يغضب‮ ‬فهو‮ ‬حمار‮!‬

إنهم‮ ‬يستغفلوننا‮.. ‬فكل‮ ‬من‮ ‬أراد‮ ‬الشهرة‮ ‬يضربنا‮ ‬بهذا‮ ‬العنف‮ ‬تحت‮ ‬الحزام،‮ ‬ثم‮ ‬ترتد‮ ‬علينا‮ ‬الضربة‮ ‬فتتحول‮ ‬إساءتهم‮ ‬إلى‮ ‬حرية‮ ‬تعبير‮ ‬ويتحول‮ ‬احتجاجنا‮ ‬إلى‮ ‬تخلف‮ ‬وهمج‮ ‬وتطرف‮.‬

لعلنا وصلنا إلى نقطة اللا رجوع، إما تتوقف الإساءات لرسول الله صلى الله عليه وسلم بطريقة أو بأخرى، أو نحن ذاهبون لا محالة إلى حرب صليبية باردة قد تعيد إحياء الأحقاد حتى لا يأمن الذمي بيننا على نفسه ولا يأمن المسلم على نفسه في بلاد الغرب. ولعل أقصر طريق إلى وقف هذا الانحدار هو إقرار الأمم المتحدة قانونا يجرم الإساءة إلى لأنبياء جميعا دون استثناء، مثلما فعلت وتفعل مع كل الخائضين في حيثيات المحرقة اليهودية، فاليهود عرفوا كيف يدافعون عن أنفسهم، أما نحن فمنذ سنوات يساء إلينا فنخرج ونتظاهر ثم نعود إلى بيوتنا في انتظار‮ ‬إساءة‮ ‬جديدة‮!‬

وهنا يجب أن نتساءل أين منظمة المؤتمر الإسلامي، بل أين الجامعة العربية؟ هذه الجامعة التي رأينا كيف سارعت وخلال 24 ساعة أصدرت قرارها باستقدام الناتو إلى ليبيا، حتى رأينا طائرات قطرية وأردنية ومغربية تقصف الشعب الليبي الشقيق! أما عندما يساء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن هذه الجامعة التي يتأبطها حمد بن جاسم بطريقة فهمها ورد عليها المبعوث الأممي ابن تابلاط لخضر الإبراهيمي، هذه الجامعة لا تكترث لما يحدث من حرائق في صدور العرب والمسلمين، ولا همّ لها سوى كيفية الإجهاز على بشار الأسد حتى لو كان الثمن شعبا يُباد‮ ‬عن‮ ‬آخره‮.‬

إنه محمد صلى الله عليه وسلم يا جماعة، يا رؤساء، ياملوك، ياحكومات، فلو أن أحدا أساء إلى شخوصكم لما أمِن على نفسه ليله واحدة، أما أن يساء إلى خير الخلائق فلا خير فيكم ولا في شعوبكم إذا لم تنتفضوا، مثلما فعلها التابلاطي لخضر الإبراهيمي في وجوه شيوخ قطر لأنه جزائري‮ ‬يحب‮ ‬الشعب‮ ‬السوري‮ ‬ويرفض‮ ‬أن‮ ‬يبيعه‮ ‬إلى‮ ‬أحد‮ ‬طرفي‮ ‬الصراع‮.‬

علينا الانتباه، لأن المعركة على هذا النحو سوف ترتد علينا ونصبح عوض الاحتجاج والغضب، نعتذر للمسيئين عن تكسير زجاج سفاراتهم، وهم من كسروا قلوبنا وأهانوا كرامتنا كمن يوجعك ضرباً ثم يحرمك حتى من أن تتوجع..

مقالات ذات صلة