إهانة رسمية!
-
-
1112
-
0
لا يمكن الحديث عن دخول مدرسي ناجح حتى وإن حلّت مشكلة الكتاب، ولا يمكن اختصار المشاكل العويصة في الوسط التربوي في الكتاب المدرسي، التي كان الأولياء والتلاميذ يحلّونها بإمكاناتهم البسيطة سواء بالاستعارة أو الشراء من السوق السوداء أو حتى بالتصوير الفوتوغرافي.
رشيد ولد بوسيافة
إن توفير الكتاب مع تجاهل المشاكل الأخرى التي تتخبط فيها المدرسة الجزائرية هو خطأ آخر يضاف إلى مسلسل الأخطاء التي وقعت فيها الوزارة الوصية سابقا، كما أن القول بأن مشكل الوزارة مع الأستاذ والمعلم انتهى هو محاولة للقفز عنوة على الواقع المتردي الذي يعيشه الأستاذ، هذا الواقع لا يمكن تحسينه بإضافة 3000 دينار إلى راتبه الشهري، كما لا يمكن تجاوزه بالعبارات المتفائلة وسيل الأرقام التي يتحفنا بها المسؤولون في كل مناسبة وكأن الأمر يتعلق بدروس في المصفوفات!
أخبرونا عن ثلاثة ملايين تلميذ يستفيدون من الكتاب بالمجان، لكنهم لم يخبرونا عن عدد التلاميذ المحرومين من النقل المدرسي، ولم يخبرونا كم قسما تربويا لا يوجد به جهاز تدفئة، كما لم يشرحوا لنا كيف يصرف ولي التلميذ المعوز مبلغ الـ 2000 دينار، هل يشتري به الحذاء والقميص ويتركه يذهب إلى المدرسة بدون محفظة أو يصرفه في الخبز والحليب ويعفي ذهنه من عناء التفكير.. أما السؤال الكبير، فهو لماذا يكثر المسؤولون من الحديث عن هذه المنحة الحقيرة التي تحولت إلى إهانة رسمية لولي التلميذ الذي يقف بالساعات أمام شبابيك البلديات وأمام المدارس للحصول عليها.
المسؤولون نسوا أهم إصلاح في المنظومة التربوية وهو وضعية الأستاذ والمعلم التي لم تعد تغري البطالين الذين لا مستوى لهم، فما بالك بالمثقفين منهم وخريجي الجامعات، وقالوا إن مشاكلهم مع الأستاذ والمعلم انتهت حين ضخوا في جيبه الصغير ما يكفيه لشراء “ساندويتش فريت” يوميا، ولا زال هؤلاء يحاولون إقناعنا بنجاح الإصلاح من خلال مصفوفاتهم الرقمية التي يتلونها صباحا ومساء حتى حفظناها عن ظهر قلب، ونسينا واقع المعلم الذي غالبا ما يكون أول من يصل إلى مكتب البريد في ذلك اليوم السعيد الذي تُحوّل فيه المنحة الغذائية التي نقول عنها تعسفا “راتبا شهريا”!!
