الرأي

إيجابيات شباب

محمد سليم قلالة
  • 6263
  • 2

لعل الكثير لن يقرأ هذا العمود من عنوانه لأننا اعتدنا باستمرار على جلد الذات، على نسبة كل الشرور إلى أنفسنا، على اعتبار أن كل شيء أسود في هذه البلاد، على اعتبار أنه لم يبق هناك رجال أو نساء أو شباب أو شيوخ لإنقاذ المركبة من الغرق. الجميع يؤكد أن الغرق آت آت، وأن لا بديل للناس سوى القفز من على المركبة والفرار، أو البقاء على ظهرها والهلاك…

غير صحيح هذا مطلقا، على الأقل من الزاوية التي أنظر منها للأشياء:

ـ  كم من شبابنا يجهر بالصيام ويكسر حرمة رمضان ويتطاول على قيم وأخلاق المجتمع، وفي وسعه ذلك؟

ـ كم من شبابنا يرفض العمل إذا ما تم عرضه عليه من غير إهانة أو مساس بكرامة؟

ـ كم من شبابنا لم يتوقف عن الكد والجهد ليتم دراسته رغم الظروف المثبطة والمناخ الداعي باستمرار إلى اليأس؟

ـ كم من شبابنا تَطلُب مساعدته عند الحاجة في الطريق العام أو في السوق أو أي مكان ولا يتقدم متطوعا دون أن ينتظر جزاء أو شكورا؟

ـ كم من شبابنا من لا زال يقاوم إلى حد اليوم مغريات الانحراف ودعوات الدخول في عالم الفساد والمفسدين؟

ـ كم من شبابنا اليوم من لا زال يبر والديه ويتمنى أن يرد لهما الجميل؟

ـ كم من شبابنا من لا زال محبا لوطنه وشعبه يرفع شعار: بلادي وإن جارت عليّ عزيزة 

 

وقومي وإن ضنوا عليّ كرام.

ـ كم من شبابنا في  الأحياء الشعبية أو المداشر الجبلية أو الواحات الصحراوية أو في الهضاب والسهول ما زال متمسكا بقيمه يسعى لأن يعيش بعرق جبينه دون أن يمد يده إلى القريب أو البعيد؟

ـ كم من شبابنا هو اليوم في عز شهر رمضان يتصبب عرقا ليحصل على قوت يومه بالحلال دون أن تثبّطه أخبار الفاسدين والمفسدين؟

ـ وكم شابة هي اليوم الآن تسهر على راحة والديها لا تنتظر سوى رضا الله ورضاهما…

الملايين هم من هذا النوع في بلادنا… بل إنهم الأغلبية الساحقة حيثما وجدوا…

فلماذا نسعى إلى إحباطهم بنشر مزيد من ثقافة اليأس؟ لماذا نسعى لحرمانهم من الأمل؟ لماذا نمنعهم من التطلع إلى غدا أجمل تُطرد فيه الرداءة، ويُحارب فيه الفساد، ويَنتصر الأكفأ، وتعود فيه القيمة للعمل والذكاء والأخلاق؟ لماذا لا نشرع في العمل مع  هذه الشريحة الواسعة ممن لا زالوا إلى حد الآن يثقون في قدراتهم وإمكانية التغيير لديهم، بدل الرفع من شأن شريحة ما فتئ المفسدون يريدون أن يُقنعونا بأنها هي الغالبة ولا مجال إلا للاستسلام لها والدخول في منطقها باعتبار ذلك هو السبيل الوحيدة للنجاة…

 

أظن أن الوقت قد حان لنرفع شعار: لا، نحن الغالبية لسنا من المفسدين ولا مع المفسدين ولا نريد أن نكون كذلك وسننتصر.. بإذن الله…

مقالات ذات صلة