الرأي

إيران وتركيا ولعبة الموت

صالح عوض
  • 1763
  • 14

دفعت الإدارة الأمريكية بالحرب ضد بلدين اسلاميين استراتيجيين في لحظة واحدة، فلقد وصلت الليرة التركية إلى وضعية متردية وازداد الخناق على الاقتصاد التركي والاتهامات المتبادلة إلى درجة تجميد حسابات وزيرين تركيين والأمور آخذة في التصعيد وليس من المتوقع ان توقف الإدارة الأمريكية هجومها الاقتصادي والأمني على تركيا.
في الوقت نفسه تشن الإدارة الأمريكية حربا واسعة ضد الاقتصاد الإيراني وتلقي بكامل ضغطها لكي تحدث تحولا عميقا في الحياة الاقتصادية الايرانية، ويبدو ان حزم الإجراءات الامريكية العقابية سيصل إلى مستوى خطير للغاية عندما يصبح النفط الايراني بلا قيمة، بل ومخزونات الذهب والمعادن المختلفة، كما يتم ملاحقة الشركات التي سوف تخرج عن مسار العقوبات.
هكذا امريكا بعد ان دمرت بلدين إسلاميين كبيرين وهما العراق وافغانستان وحطمت أبنيتهما الاقتصادية والأمنية وألقت بهما في مدار المجهول وألحقت ذلك بعدوان مستمر في ليبيا وفلسطين واصبحت كثير من البلدان العربية قاب قوسين او ادنى من الهجوم الأمريكي.. لقد كانت الحجج واهية تماما في حبكها على افغانستان والعراق ولم يكن أي مبرر قادر على الصمود وانكشفت مع الزمن دعاواهم الكاذبة ولكن بعد فوات الأوان..
ان بروز تركيا وايران في العشرية الأخيرة أوحى لصانع القرار الأمريكي انه ازاء قوى اقليمية يمكنها الدخول في نادي الكبار لاسيما بعد حدوث الطفرة الاقتصادية التركية وحصول ايران على حقها في النووي، ثم حضور الدولتين في مجريات أحداث المنطقة وتطوراتها.
لن تسمح امريكا ببروز قوى اقليمية عربية او اسلامية تدخل باب الشراكة او التفاهم معها، انها لن تقبل الا بوجود تابعين أذلاء ينفذون ما يؤمرون به، ولهذا من المستبعد تماما ان يغير الأمريكان توجههم المعادي لبلداننا ومن العبث التفكير بإمكانية تحييد الأمريكان.
امام تركيا وايران تحد خطير.. صحيح انه متفاوت، ولكنه متشارك في مصير واحد فإن توجيه ضربات عنيفة لاقتصاد احدهما او مؤسسات حيوية في أي منهما سينتهي إلى ارباك المنطقة كلها وستصبح سورية بلا جدوى بعد ان لملمت أجزاءها وصنعت المعجزة بأن طهرت أرضها من قوى المجموعات المسلحة المدعومة من شتى دول العالم.
امام تركيا وايران وكذلك الدول العربية والاسلامية رفضُ الإجراءات الأمريكية والتوجه نحو المحيط العربي والاسلامي وإصلاح ما فسد من علاقات وإبداء تنازلات عميقة لبعضهم البعض لمواجهة التحدي الأمريكي الذي يسوق في ركابه أوروبا العاجزة.
ان عدم وجود استراتيجية عربية اسلامية هو الذي يقدم الفرصة كاملة للأمريكان كي يدمروا بلداننا بالجملة او فرادى.. متى ننتبه إلى ان الحرب لا تستهدف انظمة انما أمة تحاول النهوض والسير في طريق الانعتاق والحرية؟ تولانا الله برحمته.

مقالات ذات صلة