الرأي

إيقاع الشباب لرقصة رئاسيات 2019

حبيب راشدين
  • 3813
  • 8

مع مطلع السنة الجديدة، انطلقت حملة على الشبكة يدعو أصحابُها إلى التوقيع على عريضة تحمل رسالة تأييد وتشجيع لترشيح رئيس الحكومة الأسبق السيد مولود حمروش للرئاسيات القادمة، باعتبار ما عُرف عنه في مساره الشخصي كـ”رجل دولة نزيه، صاحب رؤية واعية، وبُعد إنساني، وباعتبار نضاله لصالح قيم السلام والعدالة الاجتماعية والمساواة” كما جاء في الوثيقة.

الجهة التي تقف خلف المبادرة مجهولة حتى الآن، وقد تكون من بعض المقرَّبين من رئيس الحكومة الأسبق، أو هي مبادرة مستقلة من بعض الشباب الراغب في استباق ركبان الرئاسيات القادمة، المتخوِّف من غلق محتمل للعبة حين تظهر بوادر التسويق لمرشح النظام، أو هي تعبيرٌ متنكر عن رفض مسبق لأي مبادرة تناول لعهدة خامسة، وهي في كل الأحوال مبادرة جيِّدة محمودة، سوف تساعد في الحد الأدنى على كسر حالة الجمود، واستفزاز هِمم المعارضة المتعودة على الرقص على إيقاع يضبطه النظام.

غير أن ما هو مطلوب من الشباب المتعلم، الراغب في تحويل الاستحقاق القادم إلى فرصة لكسر احتكار النظام والمعارضة لإدارة الاستحقاقات الانتخابية، ليس فقط التجمهر خلف شخصية وطنية كما فعلت هذه المجموعة، والدعوة للدعم والتأييد على الهوية، مهما حسُن الظن بها أو بغيرها، بل يجب الانتقال إلى مرحلة متقدمة يشارك فيها الشباب في صياغة برامج الحكم، ولو في خطوطها العريضة، لأن مطلب التمكين لانتقال المشعل من “جيل طاب جنانو” إلى جيل شاب، لا تعني بالضرورة اختيار مرشحين شباب، بقدر ما تعني إيصال برامج حُكم متناغمة مع تطلعات الشباب وطموحاته.

حتى الآن لا نعلم يقينا كيف يفكر هذا الجيل؟ وما هي تطلعاته وطموحاته؟ وأي دولة يريد أن تحكمه وتحكم البلد؟ وكيف ينظر إلى الخيارات القليلة المتوفرة للانتقال بالبلد إلى مصاف الدول الناشئة؟ ومواقفه من توزيع الثروة وحق الأجيال القادمة فيها، أو مواقفه تجاه متطلبات بناء دولة القانون ومحاصرة الظلم والاستبداد، ومقدار انفتاحه على مقتضيات العيش المشترك مع المخالفين، والموقف من حاجة البلد إلى فترة طويلة من السلم والاستقرار، وما هو مطلوب فيها من جهد وعرق وتضحيات تكون من نصيب هذا الجيل، تُصرف لصالح الأجيال القادمة.

وعلى المستوى الاقتصادي، نحتاج من جيل الشباب المتعلم، المتعطش للرفاهية الغربية كما تنقلها له وسائل الإعلام المهيمنة، أن يكون على دراية بكلفتها الحقيقية، وما تحتاجه من عَرق ودموع وتضحيات تُطلب في الغالب من الشرائح الأضعف وفق مبدأ البقاء للأصلح الذي هو بوابة كريهة لقيام استبداد الأقوياء على الضعفاء، حتى تحت الرايات الكاذبة للديمقراطية والتنافس الحرّ على السلطة.

يقيناً لا نتوقع من جمهور المرشحين عن السلطة كما عن المعارضة طرح هذه الأسئلة، التي لا يمكن لأي برنامج إصلاحي أن يتجاهلها، وإن تم تداولها بالعرض، فستُعرض كعناوين فضفاضة للتسويق والإغراء، وليس كالتزامات تحتاج إلى بناء أدوات دستورية وقانونية يفترض أن تكون الجزء الأهمّ في برامج المرشحين، وعليه يكون أفضل لمجموعات الشباب التي تريد أن يكون لها يدٌ في الاستحقاق الرئاسي القادم، أن تبادر إلى صياغة دفتر شروط  يوضح الحدَّ الأدنى المطلوب في برامج المرشحين، وعلى ضوء التزامهم به يتحدد موقف الناخبين ـ وأغلبهم من الشباب ـ من دعم هذا المرشح أو ذاك، بعيدا عن الأهواء والانطباعات الذاتية التي قد تصيب وقد تخطئ.

مقالات ذات صلة