-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اجتياح الجزائر في 3 أيام !

حسين لقرع
  • 104
  • 0
اجتياح الجزائر في 3 أيام !

شكّل تهديدُ الحاكم الفعلي لمصر عبد الفتاح السيسي بـ”اجتياح الجزائر في ظرف ثلاثة أيام إذا تعرّض أيّ مصري لمكروه؟” مفاجأة غير متوقعة، فماذا أصاب السيسي حتى يُصدر هذا التصريح الذي قد يوقظ الفتنة النائمة بين البلدين والشعبين؟ وهل يعي ما يقول، أم أنه أخطأ التعبير؟

المعروف أن مصريين يعملون في ليبيا، وعرباً من جنسيات مختلفة، أنشأوا منذ أشهر ما يُسمى “الجيش المصري الحرّ”، لمحاربة النظام الانقلابي بمصر، وقد أجرى منذ أسابيع قليلة “استعراضاً عسكرياً” في مدينة درنة الليبية قرب الحدود مع مصر، ويتهم الانقلابيون قطر وتركيا وإيران بدعم هذا “الجيش” الذي يدرّبه مقرّبون من الظواهري ويرفع راية “القاعدة”، وقد دعا الإعلاميُ المعروف عماد الدين أديب السلطاتِ الانقلابية إلى إرسال “قوّات تدخل سريع” مصرية إلى ليبيا للقيام بـ”ضربة استباقية” ضد هذا “الجيش” والقضاء على خطره هناك.

لا نريد الدفاع عن السيسي، فهو قائد الانقلاب على الشرعية في بلده، وقد ندّدنا مراراً بمذابحه ضد المتظاهرين العزّل، وبحصاره للفلسطينيين في غزة، ولكننا لا نعتقد أنه يقصد الجزائر التي لا تأوي “الجيش المصري الحر” على أراضيها، ولم تعارض انقلابَه على الشرعية، واستقبلت وزيرَه للخارجية منذ أشهر. ربما كان السيسي يقصد اجتياح ليبيا في ظرف ثلاثة أيام، للقضاء على “الجيش المصري الحرّ” الذي توعّده في تصريحه المثير للجدل، ولكنه أخطأ التعبير فتحدّث عن “اجتياح الجزائر” عوض “اجتياح ليبيا إلى غاية حدودها مع الجزائر”، ليُثير بذلك حساسية شديدة لدى الشعب الجزائري الذي شعر أن هذا التصريح استخفافٌ به وبقدرات جيشه وبلده…

كان على السيسي أن يحسن انتقاء كلماته بعناية ودقة، فهو ليس مجرّد مرشح للرئاسة، بل إن العالم كله يعرف أنه هو الحاكمُ الفعلي لمصر منذ انقلابه على الشرعية في 3 جويلية 2013 إلى حدّ الساعة، ولا تعني استقالته من وزارة الدفاع ليترشح لانتخابات الرئاسة، شيئاً، فهو يبقى الحاكم الفعلي الذي يدير الحكم من وراء ستار، ولذلك كان يجب أن لا يقع في خطأ من هذا النوع، ويعرِّض العلاقات بين البلدين لموجة توتر ويتسبّب في غليان شعبي جديد في الجزائر، لاسيما وأنه لم يمرّ وقتٌ طويل على انتهاء الأزمة الناجمة عن مباراة أم درمان في 18 نوفمبر 2009، وما خلّفتها من حملة شتائم وسباب مصرية منحطّة خلّفت آنذاك أسوأ الآثار في قلوب الجزائريين، فضلاً عن برود العلاقات بين البلدين.

أما قدراتُ الجزائر وشعبها فهي معروفة ويكفي أن نقول إن فرنسا، وهي قوة عسكرية عالمية عظمى منذ قرون، لم تستطع “اجتياح” الجزائر كلها والوصول إلى أقصى نقطة بالجنوب إلا في عام 1909؛ أي بعد 79 سنة كاملة، مع أنها واجهت فقط منذ 1830 مقاومة عفوية لقبائل في مختلف جهات الوطن، لا تملك إلا أسلحة بسيطة، آخرها مقاومة الشيخ آمود في الطاسيلي، ولم تُواجه جيشا منظَّما يملك أسلحة حديثة كما هو حال الجيش الجزائري الآن.

وسواء كان السيسي يعني الجزائر فعلاً، أو كانت “زلة لسان” ويعني ليبيا الشقيقة، التي لا نوافق أيضاً على تهديدها والاستئساد عليها، فقد كان الأولى له أن يهدّد باجتياح الكيان الصهيوني وتحرير فلسطين إذا كان يؤمن حقا بأن الجيش المصري قد أصبح قوة جبّارة، ولكنه لم يفعل، لأنه بحاجة إلى استمرار الرضا الصهيوني – الأمريكي على نظامه الانقلابي الدموي، ولأنه استخلص الدرسَ من مقولة جمال عبد الناصر الشهيرة قبل حرب 1967 “سنرمي إسرائيل في البحر” والبقية تعرفونها. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!