الرأي

احترموا عقول الجزائريين!

قادة بن عمار
  • 3453
  • 8
ح.م

بعيدا عن مضمون قانون المحروقات وحجم الرافضين له من الداعمين، أو حتى ما يقال عن خطورته على الاقتصاد والسيادة الوطنية، فإنّ الأزمة الأخيرة أثبتت أنّ المشكلة الأساسية التي تعاني منها الحكومة الحالية، زيادة عن رفضها شعبيا، هي مشكلة اتصال.

حكومة بدوي، وكغيرها من الحكومات السابقة، لا تعرف كيف تتصل، أو لا تريد أصلا أن تتصل، ولا تفعل ذلك إلا بعد فوات الأوان وسقوط الفأس على الرأس.

ويمكن تلخيص أشكال هذه الأزمة في عدة مؤشرات:

أوّلها: وزارة الطاقة التي تُعنى أساسا بإعداد هذا القانون وصياغته، لم تنشر مضمونه سوى بعد أسبوع كامل من الأخذ والرد، والقيل والقال وكثرة السؤال.

بل إن وزير الطاقة نفسه، خرج في أول يوم ليدافع عن القانون، قائلا إنه “جاء نتيجة استشارة دولية، وبموافقة من الشركات العالمية”، فظهرت الحكومة، وفقا لقاعدة “وشهد شاهدٌ من أهلها” في صورة الباحث عن إرضاء الخارج واستمالة الأجنبي، بدلا من البحث عن شرعيةٍ للقانون في الداخل!

الغريب أن الوزير ذاته وهو محمد عرقاب، وبعد أسبوع من كلامه الأول، عاد ليقول إن “القانون أعدّته كفاءات جزائرية”، ناسيا أو متناسيا، أنه وفي زمن المعلومة، سيتمكن الجزائريون وعبر بحثٍ بسيط من معرفة عدد المكاتب الأجنبية التي أعدَّت القانون ومعرفة عناوينها، وفي مقدمتها، مكتب أمريكي كانت له الكلمة الأخيرة في صياغة البنود!

ثانيا: مدير المحروقات بوزارة الطاقة، وبدلا من طمأنة الجزائريين على مستقبلهم، فضّل تخويفهم، بقوله إن عدم تطبيق القانون بشكله الحالي، سيُدخل البلادَ والعباد في أزمة اعتبارا من سنة 2030؛ إذ “لن تستطيع الجزائر تصدير الغاز بل ستستورده”، وهو كلام يذكِّرنا بأسطوانة نضوب البترول واختفاء هذه النعمة الإلهية، رغم أن مدير سوناطراك السابق ولد قدور سبق له الإدلاء بدلوه في هذه النقطة تحديدا، إذ اعترف بأنه ليس لدينا نظامٌ لقياس آبار النفط “فنحن وحتى اليوم لا نعرف على وجه الدقة، كم ننتج ولا كم نستهلك، ولا كم هي احتياطاتنا”!

ثالثا: أظهرت الأزمة الأخيرة تداخلا في الصلاحيات بين وزارة الطاقة ومسؤولي سوناطراك، وسبب الأزمة أن بوتفليقة وقبل سنتين، منح الشركة العملاقة كل الصلاحيات من أجل إنجاح إستراتجيتها المزعومة (2030)، لكنه ترك الباب واسعا للصراعات وبناء العلاقات القائمة على المحسوبية والزبائنية والولاءات بدلا من الكفاءة والنزاهة والحياد… واسألوا كم عدد الإطارات التي تم تهجيرُها بسبب التعسُّف لتعمل في الخليج وأوروبا بدلا من بلدها الأصلي!

خلاصة القول، إنه وبعيدا عن مضمون القانون، وما إذا كان سيخدم البلاد أو لا، فإن الأسئلة الحقيقية ترتبط أولا بالجهة التي أصدرته وتتمسك بتمريره بعيدا عن رأي الخبراء المحايدين، وفي ظرفٍ سياسي معقَّد، ناهيك عن الأزمة المتمثلة في غياب اتصالٍ شفاف وصريح، يحترم عقول الجزائريين ويتعامل معهم بشكلٍ لائق، بعيدا عن الوصاية والاستعلاء.

مقالات ذات صلة