جواهر
بعدما كان شهر رمضان مخصصا فقط للختان

احتفالات خطوبة صاخبة تزاحم أصوات المصلّين في المساجد

أماني أريس
  • 3903
  • 8
ح.م

ارتبطت الزغاريد في شهر رمضان بأفراح العوائل بمعتمريها الغادين أو العائدين من البقاع المقدسة، أو بختان الأطفال في أيام وليال معينة من هذا الشهر الفضيل، كالنصفية والسابع والعشرين، وتتم هذه المناسبات في أجواء من الفرح والعادات المباحة دينيا واجتماعيا، غير أنّ السنوات الأخيرة حملت لنا الكثير من التغيرات والظواهر الجديدة، حيث أصبحت حفلات الخطوبة بأهازيجها وزغاريدها تزاحم أصوات المصلّين في المساجد.

وبين من تجبرهم الظروف، ومن يختارون ذلك تبرّكا بأيام رمضان، ونكهتها الخاصة، يبقى أمر قبولها أو استهجانها متعلّقا بمدى مراعاتها حرمة الشهر الفضيل، حيث يكتفي بعضهم بإطلاق الزغاريد إعلانا على إتمام الخطوبة، أو ترديد بعض المدائح الدينية والأغاني الشعبية. بينما يقيم آخرون احتفالات بالأهازيج الصاخبة والرقص، ورنين السيارات معتبرين الأمر عاديا بعد الإفطار.

وتتحسر سلاف على إتمام مراسيم خطوبتها بحفل بسيط جرت تحضيراته على عجلة، و لم تحضره سوى عائلتها وعائلة خطيبها، وهي التي طالما حلمت بحفل خطوبة كبير تهتزّ فيه أرجاء الحيّ الذي تقيم فيه، بالأهازيج والزغاريد والرقص، بحضور الأقارب والأصدقاء، و تقول عن ذلك: “لم أتوقع يوما أن يكون حفل خطوبتي كأنّه مأتم، خاليا من أجواء الفرح والأغاني التي اخترتها وحمّلتها خصيصا لهذه المناسبة، للأسف اتفقت مع خطيبي على إجرائه في الأسبوع الأول من عيد الفطر، لكن ظروف عمله وسفره، أفسدت حساباتنا، واضطر إلى تسبيق الموعد، والمجيء هو وعائلته لخطبتي في خامس ليلة من رمضان.”

ولعلّ ندى التي تولي موضوع جمالها اهتماما كبيرا، وتعتبره الورقة الرابحة في أول مقابلة مع أهل خطيبها، تمنّت لو غابت كلّ المراسيم في يوم “شوفتها”، ولم تغب نضارة وجهها جرّاء الصيام والأعمال المرهقة، وأناقتها التي اعتادت أن تحرص على الظهور بها في المناسبات، حسب ما صرحت به، وتضع الشابة كل العتب على والدها الذي اتفق مع والد خطيبها على موعد حضورهم لأول مرة دون أن يمنحها فرصة للاستعداد، ما جعلها تظهر في خطبتها بوجه شاحب وهو ما لا تتمناه أي فتاة على حدّ قولها.

 أمّا هديل 26 عاما فلا يهمّها أن تعلن خطوبتها بالأغاني الصاخبة بقدر ما يهمّها التميز في استقبال أهل خطيبها، لذلك لم تجد انسب من سهرات رمضان لترسيم علاقتها مع الشاب الذي ارتضته ليكون شريكا لحياتها، وإقامة حفل خطوبتها، وعن سبب اختيارها لهذا الحدث المميز في حياتها في شهر رمضان تقول: “أردت أن اصنع جوا من التآلف بين العائلتين في شهر رمضان بالذات حيث يجتمع والد زوجي مع والدي ويذهبان سويا إلى المسجد بعد مأدبة إفطار جماعية، وتكون السهرة الرمضانية مميزة بين النساء” وعن تفاصيل الحفل تقول الفتاة: “جرت وفق التقاليد العادية، غير أننا لم نشغل الأغاني، واكتفت الحاضرات بترديد بعض الأغاني الشعبية المحترمة وإطلاق الزغاريد”.

وبالنسبة لأحمد فلا فرق لديه هو وأفراد عائلته بين رمضان وسائر الأيام مادام الأمر يتعلق بالزواج على سنّة الله ورسوله، كما لا يجدون حرجا في الاحتفال بهذه المناسبة كما في كل أيام السّنة، حيث بمجرد أن خرج الشاب رفقة عائلته من بيت خطيبته، أطلق العنان للأغاني الصاخبة في سيارته، تزامنا مع صلاة التراويح، وترى أخته التي شاركته الاحتفال بالرقص والزغاريد، أنها لا توجد فتوى تحرم الفرح بالخطوبة والزواج على وقع الأغاني والرقص والزغاريد في شهر رمضان.

وبالنّظر إلى رأي الشريعة الإسلامية فلا حرج في إقامة حفلات الزواج خلال شهر رمضان، ما لم تتجاوز حدود المحرّمات، وينتهك فيها المخطوبان أو الزوجان حرمة الشهر الفضيل، إلاّ أنّ ما يجعلها مستهجنة دينيا واجتماعيا، هو حضور الأغاني الخاصة بالأفراح، التي يتقبّلها الناس ويسكتون عنها في الأيام العادية، لكنهم يرفضونها في شهر رمضان لما يحمله من قداسة وقيمة روحانية لدى شريحة واسعة من المجتمع الجزائري، تجعلهم يحافظون على حرمته، ويتجنّبون فيه المحرمات والمكروهات.

مقالات ذات صلة