-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

احذر الفتور في شهر مضاعفة الأجور

سلطان بركاني
  • 2005
  • 0
احذر الفتور في شهر مضاعفة الأجور

ما من عبد مسلم، مهما كان على درجة من الصّلاح والاستقامة، إلا ويعتريه الفتور بين الحين والآخر، ويجد في نفسه ضعفا في إقبالها نحو الطّاعة، وميلا نحو الدّعة والرّاحة ونحو كلّ ما تراه سهلا ميسورا يوافق هواها، لذلك أوصى النبيّ- صلّى الله عليه وآله وسلّم- أن يقتطع المسلم من وقته ساعات يُجمّ فيها فؤاده ويُؤنس فيها روحه ببعض المباحات حتّى لا يتسرّب إليها الملل ويعتريها الكلل.

الفتور الذي لا يخلّ صاحبُه بالواجبات ولا يقع معه في المحرّمات، ويأخذ برهة من وقته ثمّ يعود إلى نشاطه ويستأنف طريقه؛ هذا الفتور لا يُلام صاحبه ولا يعاتب، إنّما العتب على من يجاري نفسه في فتورها فتتدرّج به شيئا فشيئا على سلّم التقهقر والتّراجع؛ يبدأ بترك النّوافل والمستحبّات، ثمّ تسوّل له التّثاقل في الواجبات والتّساهل في المكروهات، ثمّ تغريه بالتّهاون في الفرائض والتّساهل في أمر المحرّمات، وهكذا حتى يترك الفرائض ويأتي الممنوعات، وينسلخ عن الاستقامة إلى حياة التّيه والغفلة والحرمان.

كثير هم أولئك الذين يتوبون مع أوّل يوم من رمضان، وفي أنفسهم أنّهم سيبدؤون حياة جديدة تستمرّ معهم بعد رمضان، لكنّهم مع توالي أيام الشّهر الفضيل، يتسرّب إليهم الفتور شيئا فشيئا، فيتخلّون في البداية عن الجلوس في المساجد لقراءة القرآن، ثمّ يكتفون بصلاة بعض الركعات من التراويح، ثمّ يتركون التّراويح كلّها، ثمّ يصلّون الفجر في البيوت، ثمّ يتركون صلاتها في البيوت أيضا، وهكذا.. لا تكاد تنقضي العشر الثانية من رمضان حتى يعودوا إلى ما كانوا عليه قبل هذا الشّهر، والسّبب أنّهم لم يتنبّهوا لنوازغ النّفس مع أوّل خطوة، ولو تنبّهوا وقطعوا عليها الطّريق عند أوّل خطوة ما طمعت في الخطوات التي بعدها.

فيا أخي المؤمن.. يا من تبت في رمضان.. إياك أن تنسيك نفسك أنّك تبت لتبدأ حياة جديدة في كنف طاعة الرّحمن.. إياك أن تنسيك أنّك عاهدت الله وعاهدت نفسك على أن تكون ممّن يصومون ويقومون رمضان إيمانا واحتسابا.. إياك أن تنسيك أنّك عزمت على أن تصبر إلى آخر ليلة وآخر يوم لعلّ الله يمنّ عليك بعتق رقبتك من النّار، ويرحل رمضان يوم يرحل ليشهد لك عند الله.. إن أحسست بأنّ الفتور قد بدأ يتسلّل إلى نفسك، فاستعن بالله وادعُه أن يثبّتك على طاعته، واعقد العزم على أن تزيد في كلّ يوم من أيام رمضان الباقية شيئا من الطّاعات إلى برنامجك، ولو أن تزيد استغفارك وصلاتك على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلّم، ولو أن تزيد بعض الدّقائق إلى الوقت الذي تجلسه للدّعاء والاستغفار في وقت السّحر، ولو أن تزيد عدد الصّفحات التي تقرؤها من المصحف… وهكذا… خذ نفسك بالحزم حتى لا تطمع في التراخي، والله الموفّق والهادي إلى سواء السّبيل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!