“ازهاو.. البترول مازال”؟
عاد الوزير الأول، عبد المالك سلال، ليصحح الأخطاء الكثيرة التي ارتكبها- ربما عن حسن نية- عندما نقل إلى المواطنين من الشلف، بأن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة دعاهم إلى التوقف عن “تسوّل” المساعدة من الدولة، بهاته الطريقة، التي جعلت الأيادي تصاب بشلل العمل، وتتحول إلى أياد ممدودة إلى دول، مدّت هي الأخرى دائما يدها إلى أموال النفط، والرسالة هي في حقيقتها للوزير الأول ولطاقمه الحكومي قبل الشعب، لأن الجميع صار يتمرغ في آبار النفط، ونسي بأن بناء الدولة يكون بالعمل وحده كما حدث في تركيا وإيران وأندونيسيا وغيرها من الأمصار.
وكان الوزير الأول في خرجاته الأخيرة، بقدر ما أضحك المواطنين وهو يقدّم نكاته، وأيضا لغته المتميزة، بقدر ما أبكى الكثيرين خاصة في مدينة خنشلة عندما خاطب الشباب بالقول بأنه من حقهم أن يبتهجوا ويرقصوا ويغنوا لأن الله أعطانا الغيث وزادنا النفط بالاكتشافات الأخيرة.. وهي الرسالة التي فهمها الشباب، على أن لهم حقوقا كثيرة على هذا الوطن يجب أن يطلبوها، دون أن يبذلوا واجبا واحدا. كما فهمها المسؤولون بأنه لا خوف من المساءلة، خاصة أن الزيارات الكثيرة كانت كلها مليئة بالأرقام، في شتى المجالات، ومن دون علامات استفهام أو تعجب، رغم أن عجلة الجماعات المحلية تسير دوما إلى الخلف، وتبيّن منذ عقد أن المال الكثير لا يحلّ المشاكل الكثيرة بقدر ما يعقدها.
أكيد أن الوزير الأول لا يقصد من رسالته إلى أبناء خنشلة، بأن يناموا ولا يعملوا، ما دام المطر الأبيض والأسود يتهاطلان بكثافة على الجزائر، رغم أنه قالها بدارجة واضحة لا تحتاج إلى ترجمة.. وأكيد أنه عندما ناقض نفسه وقال من الشلف إن الدولة هي التي تنتظر من المواطنين المساعدة، لا يقصد أن المواطنين سيقودون ثورة اقتصادية من دون قيادة الدولة لها، لكن الكلام الكثير للوزير الأول، جعل المواطنين يفقدون البوصلة نهائيا، ولا يعرفون المكان الحقيقي الذي صارت تتواجد فيه الجزائر على الأقل اقتصاديا.. فالوزير الأول تارة يقول إن دولا كثيرة تحسد الجزائر، وهي تتساءل كيف يمكنها أن تدعم كل المواد الأساسية.. وفي نفس الوقت يقول إننا مازلنا في الركب الأخير، ولم نلتحق بدول أقل منا إمكانات.. وعندما يجد المواطن وزيرا أولَ، هو حاليا الملموس والمسموع والمرئي الوحيد في الدولة الجزائرية، سابحا يمينا ويسارا، فإنه سيغرق في الخوف الذي ينتاب الجزائريين، الذين لم يتمكنوا من التخلص من الاعتماد الكلي على النفط مع سبق إصرار الدولة، وترصد الشعب لأي معلومة عن تاريخ نفاد النفط.
الزيارات الكثيرة للوزير الأول إلى مختلف الولايات، كرست السياسات القديمة التي جعلت الجزائر تعجز عن مواكبة بقية الأمم. فالوزير الأول وضع حجر أساس بناء مركبات رياضية في مدن، دون أن يسأل عن سبب الخراب الذي حدث في المركبات الرياضية الموجودة في تلك المدن، ومنح أموالا إضافية لمشاريع السكن، دون أن يفتح تحقيقا عن السكنات الذي ذهبت إلى غير مستحقيها، ضمن معادلة “نزهاو ونضحكو ونتمرغو فالبترول كاين”.. أو كما قال الوزير الأول بالحرف الواحد.