-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بعد يأسها من المفوضية الأوروبية.. مدريد تلعب ورقة أخرى خائبة:

استدراج “الحلف الأطلسي” إلى معركة خاسرة مع الجزائر

محمد مسلم
  • 19080
  • 0
استدراج “الحلف الأطلسي” إلى معركة خاسرة مع الجزائر
أرشيف

رعب لدى الحكومة الإسبانية تؤججه مخاوف فريق بيدرو سانشيز من العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية التي فرضتها الجزائر على مدريد في خضم الأزمة الحاصلة بين البلدين، على خلفية ما يعتبر “خيانة” من الطرف الإسباني للقضية الصحراوية.

وبعد ما لجأت إسبانيا إلى المفوضية الأوروبية أملا في الاحتماء من العقوبات الجزائرية، الجمعة المنصرم، والتي خلفت غضبا في الجزائر كما في مدريد من قبل الطبقة السياسية هناك، تتجه حكومة بيدرو سانشيز نحو انزلاق جديد يتمثل في السعي إلى إقحام منظمة حلف شمال الأطلسي “الناتو”، باعتبارها عضوا فيه، في الأزمة الدبلوماسية والاقتصادية مع الجزائر، ما يؤشر على حجم الارتباك الذي يوجد فيه بيدرو سانشيز.

وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة “إل موندو” الإسبانية أن “مدريد ستطلب من الناتو التحرك ضد الابتزاز بالهجرة والطاقة عبر حدودها الجنوبية”، خلال القمة التي تحتضنها في نهاية الشهر الجاري، عبر محاولة إدراج هاتين المسألتين “ضمن المفهوم الأمني الجديد للحلف الذي ستتم الموافقة عليه في القمة المقبلة”.

الإشارة واضحة هنا، والمستهدف هو الجزائر التي تدهورت العلاقات معها، باعتبارها مورّدا أساسيا للغاز نحو إسبانيا، كما تعتبر أيضا من بين الدول التي ينطلق منها مهاجرون غير شرعيين، إلى جانب بقية دول المغرب العربي الأخرى، وإن كانت آخر الإحصائيات الإسبانية بهذا الصدد، تشير إلى أن المهاجرين السريين القادمين من مملكة المخزن المغربي، أكثر بمرتين من أولئك الذين يصلون من الجزائر، بالرغم من تطبيع العلاقات بين مدريد والرباط منذ نحو ثلاثة أشهر.

محاولة مدريد توظيف منظمة الحلف الأطلسي في صراعها مع الجزائر، جاء بعد أن يئست مدريد من ورقة الضغط عبر المفوضية الأوروبية، انطلاقا من اتفاق الشراكة الموقع بين الجزائر والاتحاد الأوروبي في عام 2002، والذي تزعم مدريد أن الجزائر أخلت بواحد من أهم بنوده وهو عرقلة التجارة البينية، رغم نفي الجزائر رسميا.

وتسود قناعة لدى السياسيين والخبراء الاقتصاديين في إسبانيا، أن الضغط على الجزائر عبر المفوضية الأوروبية سوف لن يؤتي أكله، لأن كبرى الدول الأعضاء في الاتحاد، في صورة كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، ستُغلب مصالحها على أي نزاع ثنائي مع الجزائر، وقد وقفت مدريد على هذا المعطى، في الزيارة التي قادت كاتب الدولة الألمانية لدى وزارة الخارجية، كاتيا كول، إلى الجزائر بحر هذا الأسبوع وكللت بالتوقيع على اتفاقيات للتعاون في مجال الطاقة وقطاعات أخرى، فضلا عن المكالمة الهاتفية التي جرت بين وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة ونظيرته الفرنسية، كاثرين كولونا، وتمحورت أيضا على تعزيز الشراكة بين ضفتي البحر المتوسط.

وقبل ذلك وفي عز الأزمة بين الجزائر وإسبانيا، استغلت إيطاليا الظرف وعززت علاقاتها مع الجزائر ولاسيما على الصعيد الطاقوي عبر إبرام عقود جديدة تضمن المزيد من شحنات الغاز، خلال زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى روما الشهر المنصرم، الأمر الذي أغضب مدريد التي سارعت إلى التواصل مع الحكومة الإيطالية والاستفسار عما إذا كانت تلك الاتفاقيات على حساب المصالح الطاقوية لإسبانيا في الجزائر.

أما المقاربة الثانية لدى الإسبان، فمفادها أن استمرار تدهور العلاقات الثنائية مع الجزائر سيكبد مدريد خسائر اقتصادية وجيوسياسية فادحة، لأنه حتى في حال انسياق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وراء مدريد في أزمتها مع الجزائر وهو أمر مستبعد في ظل تشعب المصالح، فإن الحل لن يكون على المدى المنظور، لأن القضية ستحال إلى لجان مشتركة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي للنظر في الشكاوى التي قدمتها مدريد، وهذا سيأخذ شهورا طويلة، وحينها ستكون الشركات الإسبانية التي تعتمد على السوق الجزائرية قد تكبدت خسائر فادحة.

المقاربة الأخيرة تحدثت عنها بإسهاب صحيفة “ABC” الإسبانية في عددها الصادر الأربعاء، حيث أظهرت على صدر صفحتها الأولى صورة لكاتبة الدولة الألمانية لدى الخارجية، كاتيا كول، وهي توقع على اتفاقيات بحضور وزير الخارجية رمطان لعمامرة، خلال زيارتها الأخيرة إلى الجزائر، وقالت إن كلا من فرنسا وإيطاليا وألمانيا، يستغلون الفشل الإسباني في الجزائر لتعزيز مصالحهم الطاقوية معها على حساب مدريد، كما أشارت إلى وصف الجزائر لوزير الخارجية الإسبانية بـ”مؤجج الفتن”، استنادا إلى مقال رأي في وكالة الأنباء الجزائرية.
وفي سياق متصل، قال مسؤول الاقتصاد والمالية في حكومة مدريد المحلية، خافيير هيرنانديز لاسكويتي، إنّ “أسوأ ما يمكن أن تفعله إسبانيا هو استعداء مورّدها الرئيسي للغاز”، مشيرا إلى الجزائر.

وأكّد المسؤول في حديث لقناة محلية: “في الوقت الذي يواجه فيه الغرب بأكمله، أزمة مع أسعار الطاقة، فإن أسوأ ما يمكن أن تفعله إسبانيا هو استعداء مورّدها الرئيسي للغاز، مثل ما فعل بيدرو سانشيز”.

وتابع لاسكويتي: “أعتقد أن هذا القرار غير المسؤول على الإطلاق لحكومة بيدرو سانشيز بالسعي للعداوة مع الجزائر في قضية ذات أهمية قصوى، سيكلّف المواطنين والشركات الكثير”، مضيفا أنه “لا يمكن لإسبانيا تغيير موقفها بشأن الصحراء الغربية بين عشية وضحاها، من دون تقديم تفسيرات لذلك”.

وختم تنديده ضد سانشيز بالقول “عندما تكون في خضم أزمة إمدادات الغاز، فإن كل ما سيحصل يقع على عاتق الحكومة فقط، لأنهم لم يتشاوروا مع أحد”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!