-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

استراتيجية التأليب

الشروق أونلاين
  • 1143
  • 0
استراتيجية التأليب

سالم زواوي

يظهر من الاستراتيجية الجديدة ­ القديمة المعلنة من طرف الرئيس بوش للمرحلة القادمة من الاحتلال الأمريكي للعراق أنه استغل في إعدادها الحكم الصادر في حق الرئيس العراقي صدام حسين وكيفية تنفيذه وصور الفيديو المتسربة عنه لتكون ذريعة لمواصلة التواجد الأمريكي في العراق بتلك الطريقة التراجيدية المعروفة ولتوسيع هذا الإحتلال إلى بلدان وأماكن أخرى في المنطقة.حتى أنه بدا من إعلان الرئيس بوش وكأنه أعد إعدادا لصدور الحكم وتنفيذه لكي يجعل الأوراق التي اختلطت عليه تختلط على الجميع في العراق وخاصة على السنة والشيعة من أجل إذكاء نار الفتنة وقطع الطريق على أية حلول داخلية ممكنة.

لقد استبعد الرئيس بوش في استراتيجية الجديدة أي إمكانية لمغادرة العراق أو رفع الاحتلال طالما لم تحقق القوات الأمريكية كل الأهداف المتوخاة مسبقا من هذا الإحتلال بدعوى حماية العراق ذاته من الحرب الأهلية وضمان استتباب الديمقراطية في ربوعه رغم أنه ثبت أن ذلك لن يتحقق أبدا وخاصة في ظل الاحتلال الذي يدخل سنته الرابعة ولم يجن منه العراقيون سوى المزيد من الانشقاق والموت الجماعي وفقدان حرية العيش وحتى فقدان حق الحياة، وهي مآس وويلات ترتبط بضمان حماية المصالح الأمريكية الحيوية في هذا البلد كما عبر عن ذلك الرئيس بوش ضمنيا، وعلنا على ألسن وزرائه ومساعديه مثل وزيرة الخارجية ووزير الدفاع الجديد والناطق باسم البيت الأبيض.

وفي تناقض صارخ لا تجيد ممارسته إلا الولايات المتحدة الأمريكية حاول الرئيس بوش أن يوهم شعوب وقادة المنطقة، ونجح في ذلك إلى حد بعيد، أن المستهدف من عملية شنق الرئيس صدام بتلك الطريقة هم أهل السنة في العراق وفي غيرالعراق وأن من يقف وراء ذلك هما إيران وسوريا، فأعلن الحرب المفتوحة عليهما واستثناهما كليا وبصريح العبارة من جميع المساعي التي ستجرى مع بقية بلدان المنطقة لإيجاد مخرج للوضع في العراق بالإضافة إلى إعتبارهما مصدرا لكل ما يجري للعراقيين ودعمهما لما يسميه بالإرهاب هناك.

وتتضمن الاستراتيجية الجديدة تأليبا يكاد يكون مباشرا لدول المنطقة السنية على كل من إيران وسوريا من خلال الدعوة إلى تكوين شبه حلف بين دول المنطقة المعروفة بعمالتها لأمريكا لمواجهة إيران تحت غطاء مساهمة دول المنطقة في خروج العراق من الأزمة، ولكن الهدف الأساسي هو حمل هذه الدول على الدخول في علاقات متوترة للغاية مع كل من إيران وسوريا استعدادا ربما لتورطها في دعم التدخل الأمريكي المباشر ضد هذين البلدين، خاصة ضد البرنامج النووي الإيراني، تماما كما كان الشأن بالنسبة لدعم التدخل العسكري الأمريكي ضد نظام صدام حسين في العراقي سنتي 1998 و 2003 وهو ما بدأت ملامحه ترتسم من خلال قرار البيت الأبيض بدعم القوات الأمريكية في العراق بعشرين ألف جندي إضافي، ومن خلال قيام القوات الأمريكية أول أمس باقتحام القنصلية الإيرانية في مدينة أربيل العراقية واعتقال دبلوماسييها رغم أنف السلطات العراقية والقوانين الدولية.

هذا يعني أن أمريكا تريد إنقاذ ماء وجهها ومصالحها في العراق بإدخال المنطقة كلها في صراعات وحروب عرقية وطائفية ستكون مفتوحة على ملايين القتلى والدمار الشامل، وبدل أن ينتبه القادة العرب والشعوب العربية إلى هذه العواقب فإن أغلبها وخاصة في ما تسميه أمريكا بالدول المحورية لا يجد ما يرد به غير التهليل للمشروع الأمريكي والتنافس على الإندماج فيه رغم أنه يقود مباشرة إلى الهاوي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!