استعيدوا “رشدكم الكروي”
لا أصدق ما يحدث في بطولتنا المسكينة من فوضى واتهامات بالرشوة ومسلسلات الإقالات والاستقالات للمدربين والرؤساء، وعودة العنف مجددا إلى الملاعب والمدرجات.. “تدهور” تام يقابله صمت مطبق للمسؤولين على الجلد المنفوخ، بعد أن وقعوا في مستنقع من المشاكل الكبيرة والبعيدة عن الكرة، وأضحوا رهائن ضعف في إصدار عقوبات ردعية تعيد الأمور إلى نصابها قبل فوات الأوان وقبل أن يقع “الفأس على الرأس” وتخرج منافستنا التاريخية عن صوابها وطريقها ونصبح أضحوكة في العالم، بعد ما أذهلنا المتتبعين بنتائجنا الإيجابية في كأس العالم والتأهل قبل الجميع إلى كأس إفريقيا القادمة، التي نجهل مكان إقامتها بعد التخوف الذي أبداه المغاربة من احتضانها بسبب الإيبولا، الوباء الخطير والفتاك الذي أصاب قارتنا السمراء.
ما يحدث في بطولتنا “المنحرفة” منذ بدايتها هذه السنة قد يدخلنا إلى موسوعة غينيس للأرقام القياسية، لتبقى شاهدة على المهازل التي أصبحت تصول وتجول في ملاعبنا أسبوعيا ولم نستطع العودة إلى “رشدنا الكروي”، فبعد مرور سبع جولات فقط منذ الانطلاقة تم إقالة أو استقالة نصف مدربي الأندية والقائمة مفتوحة إلى إشعار آخر، لأسباب لا يعرفها حتى المعنيون بالأمر، فكيف لرئيس يغير أربعة أو خمسة مدربين في الموسم الكروي دون أن يحاسبه أحد، لا مكتبه المسير ولا الوزارة ولا الاتحادية ولا الرابطة ولا حتى ضميره، ضاربا عرض الحائط كل الأعراف الكروية أمام الصمت غير المفهوم من مسؤولينا، الذين أصبحوا لا يعيرون أدنى اهتمام لما يحدث في ملاعبنا وهمهم الوحيد هو نهاية البطولة خوفا من العار أمام الهيئات الدولية.
سئمت الحديث عن كرتنا التي أصبحت لا تجلب لا نكهة ولا فرحة للأنصار، ولا حتى للمتفرجين العرب بعد ما أصبحت بطولتنا تبث خليجيا في قناة الكأس القطرية وبيين سبورت.. ألم نفكر لحظة واحدة أننا أصبحنا نصدر كرة أصابها مرض مزمن لا يعكس الوجه الحقيقي للجزائر، التي أصبحت بفضل منتخبها نموذجا يقتدى به، خاصة بعد الوجه الطيب لـ”الخضر” في البرازيل والتأهل السهل إلى أمم إفريقيا.
هل يحق لمسؤولي الأندية الذين أصبحوا لا يخافون من العقوبات أن يبيعوا ويشتروا في بطولتنا دون حسيب ولا رقيب..؟ وهل يسمح للحكام فعل ما يريدون في الملاعب أسبوعيا..؟ دون أن يجدوا من يحاكمهم ويزج بهم في السجون، ونسمح لأنصار بالقيام بأعمال شغب تتسبب في قتلى وجرحى دون إحالتهم على العدالة لأخذ جزائهم، مثل ما حدث مؤخرا في البليدة، أين أعطى المشاغبون درسا في الفوضى أمام مرآى كاميرات التلفزيون دون أن تتحرك لجنة العقوبات ومعاقبتهم ليكونوا عبرة لكل المشاغبين في كل أنحاء الجزائر.
رسالتي مستعجلة إلى كل من يهمهم الأمر، سواء الوزير تهمي، ورئيس الاتحاد روراوة، ورئيس الرابطة قرباج، وكل رؤساء الأندية وحتى المدربين واللاعبين.. تيقنوا إن الاحتراف في الجزائر فشل فشلا ذريعا، ولا أحد يستطيع إنقاذه، لهذا أدعو لوقف مشروع الاحتراف بـ”النسخة الهزيلة” الحالية، وأطالب بإعادة صياغة قوانينه وأسسه.. عودوا إلى نقطة الصفر وابدأوا بنظام صحيح، على كل المسؤولين وخاصة من قضوا نصف عمرهم في الكرة أن يعودوا إلى بيوتهم ويتركوا المشعل للشباب.. رجائي لا تدخلوا المنتخب الوطني في مشاكلكم.. لا نريد أن يعود الخضر إلى نقطة البداية.