-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

استقم على طاعة الله ولن تخيب أبدا

سلطان بركاني
  • 5417
  • 0
استقم على طاعة الله ولن تخيب أبدا

في قصّة بدء نزول الوحي المعروفة، حينما عاد الحبيب المجتبى –عليه الصّلاة والسّلام- إلى بيته وأخبر زوجه خديجة –رضي الله عنها- بما كان من أمر الملك، قالت: “كلاّ، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق”.. كلمات صادقة أنطق الله بها الصديقة زوج النبي الكريم وأم المؤمنين؛ تدلّ على عقيدة راسخة استقرّت في قلب امرأة مؤمنة في الأيام الأولى لبعثة خاتم النبيين. كلمات تنضح باليقين تنزل بردا وسلاما على كلّ قلب يؤمن بأنّ كلّ ما في الكون يسير بتدبير عليم خبير رحيم بخلقه عامّة وبعباده المؤمنين خاصّة، كيف لا وهو القائل سبحانه: ((هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا)) (الأحزاب، 43).

إنّنا في هذا الزّمان الذي طغت فيه الماديات وتعلّقت كثير من القلوب بالمحسوسات والملموسات، لفي أمسّ الحاجة لأن نغرس في قلوبنا الثقة بالله وحسن الظنّ به، أنّه ما أمرنا –سبحانه- بطاعته والاستقامة على دينه إلا لأجل أن تَصلُح أحوالنا ونسعد في الدنيا بدينه وشريعته وفي الآخرة برحمته وفضله.. محال في حقّ العدل سبحانه أن يخذل ويخزي عبدا يسعى في طاعته وطلب رضاه، كيف لا وهو القائل جلّ شأنه: ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)).. ربّما يَبتلي الله سبحانه عبده المؤمن المستقيم على طاعته ليرفع درجته ويعلي قدره ويعظم أجره، فإذا ما صبر وأوى إلى مولاه فرّج عنه وفتح له أبواب رحماته وأغدق عليه من فضله.

الذي ينقص كثيرا منّا معاشر المسلمين في هذا الزّمان هو اليقين والثّقة بالله، وانكسار القلب ولهج اللّسان بدعائه سبحانه.. ما ينقصنا هو أن نغرس في قلوبنا أنّ من اختار الاستقامة على طاعة الله فلن يخيّبه الله أبدا؛ من اختار أن يسعى في طلب رضا الله فلن يضيّع الله أمله فيه؛ سيكلؤه ويحوطه ويرعاه، ويدّخر له الخيرات، حتى إذا فتح له أبوابها أدهشته عطاياه.

سنينُ الجَهدِ إن طالت ستطوى * لها أمدٌ وللأمد انقضاءُ

لنا بالله آمالٌ وسلوى * وعندَ الله ما خابَ الرّجاءُ

إذااشتدّت رياحُ اليأس فينا * سيعقب ضيق شدّتها الرخاء

فبعد العتمة الظلماء نورٌ * وطول الليل يعقبه الضياء

أمـان ينـال هـاربٌ كريـم * إذا أعط سيُدهشنا العطاء.

إنّ من أعظم أسباب السعادة في هذه الحياة أن يستشعر العبد المؤمن أنّه يسعى في دنياه وعين الله تكلؤه وترعاه، ((وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا))، ويتذكّر دائما وأبدا أنّ مولاه أرحم به من والديه، بل من نفسه، وأنّه لا يؤخّر عنه خيرا إلا وقد ادّخر له ما هو خير له في الدّنيا والآخرة.

إنّنا مدعوون لنراجع علاقتنا بخالقنا ومولانا، وينظر كلّ واحد منّا في قلبه وحاله؛ هل يحسن الظنّ بربّه الكريم؟ هل يطيعه وهو على يقين بأنّه لن يضيّعه ولن يخذله ولن يخزيه؟ أم أنّه ربّما يثق بالمخلوقين أكثر من ثقته بالخالق سبحانه، وربّما يترك طاعة الله خوفا من أن يفوته حظّه من الدّنيا.. إنّ من أمارات ضعف اليقين بالله وقلّة الثّقة به سبحانه أن ترى المسلم يؤخّر الصّلاة وربّما يتركها خوفا على وظيفته أو تجارته، أن تراه يبكّر ويستيقظ من نومه نشطا كلّما كان على موعد مع سفر لمصلحة دنياه أو كان على موعد مهمّ مع شخص مهمّ بالنّسبة إليه، لكنّه –في المقابل- ينام عن صلاة الفجر ولا يصلّيها إلا في رمضان.. من أمارات ضعف اليقين وقلّة الثّقة بالله أن ترى المسلم يأخذ الحرام ويعطي الحرام ويخلط الحرام بالحلال لأنّه يخشى ألا يكفيه الله بالحلال. أن ترى العبد المسلم يعقّ والديه ويحسن إلى أصحابه وخلانه. أن تراه يخشى المخلوق ويهتم برضاه وينسى الخالق ولا يعبأ برضاه أو سخطه جلّ شأنه. أن ترى المرأة المسلمة تأنف من لبس الحجاب الواسع خشية أن تطعن الصديقات والقريبات في ذوقها وأناقتها. أن ترى المسلمة تتبرّج أو تلبس حجابا متبرّجا وتضع الأصبغة والعطور كلّما خرجت من البيت، وكأنّها ترى أنّ نصيبها من الزّواج لا يأتيها إلا إذا عصت الرزّاق سبحانه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!