الرأي

استهتارٌ خطير بالحجر الصحي!

حسين لقرع
  • 6633
  • 10
ح.م

أحدث مئاتُ المغتربين العائدين من مرسيليا إلى وهران مؤخرا فوضى كبيرة حينما وصلوا إلى الميناء وفوجئوا بأنّ السلطات قد قررت وضعَهم في الحجر الصحي بمركّب الأندلسيات السياحي، في حين أنهم كانوا يتوقعون السماح لهم بمغادرة الميناء والالتحاق بعائلاتهم فورا. وثار هؤلاء المغتربون على القرار، لكنّ تدخّل الأمن كان حازما وأجبرهم على الخضوع للحجر الصحي بالمركّب.

هذه الخطوة غير المفهومة من المغتربين تؤكّد أن هناك غيابا للوعي أو استهتارا في التعامل مع هذا الفيروس الفتّاك الذي ضرب معظم دول العالم، وأصاب قرابة رُبع مليون شخص، وأصبح يقتل الآلاف يوميا، بل إنه قتل في إسبانيا وحدها 747 شخص في يوم واحد، وفي إيطاليا يقوم الجيشُ بإخراج جثث ضحايا كورونا ليلا لحرقها حسب قناة “بي بي سي عربي”، وفي ضوء التصاعد المذهل لعدد الإصابات بهذا البلد، بدأت أصواتٌ تتعالى هناك داعية إلى منح الأولوية في أجهزة الإنعاش للشباب وترك الشيوخ يواجهون مصيرهم!

إلى هذه الدرجة بلغت خطورة هذا الوباء الفتّاك في بعض دول العالم، وهناك بلدانٌ بأكملها وضعت سكانها كلهم في الحجر الصحي ومنعتهم من الخروج، وهناك دولٌ تتوقع إصابة نحو ثلثي مواطنيها بعد أن تفشّى فيها الوباء. وإذا عدنا أسابيع قليلة إلى الوراء، نجد أنّ عدد الإصابات بكورونا في هذه الدول قليلٌ، وكان يمكن محاصرة الفيروس في بدايته، لكن استهتار المواطنين وعدم حزم سلطات هذه البلدان في اتخاذ إجراءات وقائية ضرورية، ومنها الحجر الصحي لمواطنيها العائدين من الخارج، جعل الفيروس ينتشر فيها بهذا الشكل المخيف.

وفي الجزائر، انتشر الفيروس بسبب تقاعس السلطات عن اتخاذ قرارات حازمة وصارمة منذ البداية وتركت مغتربين يدخلون من المطارات ليلتحقوا بعائلاتهم وأقاربهم، من دون أيّ فحوص طبية، وكانت نتيجة هذا الخطأ ظهور عدّة حالات إصابة بالفيروس في بوفاريك لأقارب مغتربٍ حضر عرسهم وغادر البلاد باتجاه فرنسا من دون أن تظهر عليه أعراض المرض، لينقلوا بدورهم الفيروس إلى أقارب آخرين احتكّوا بهم. وفي مدنٍ أخرى تنقّلت العدوى بالطريقة نفسها من مغتربين إلى أقاربهم، حتى بلغ عددُ الإصابات 90 إصابة، وأضحت نسبة ضحايا الفيروس في الجزائر هي الأعلى في العالم برمّته.

أبعد كل هذا يمتعض المئاتُ من المغتربين العائدين من مرسيليا ويثورون على قرار وضعهم في الحجر الصحّي؟ هل يريد المصابون المفترَضون منهم نشر المرض بين أقاربهم بدورهم؟ أليس المفترَض أن يبادروا هم إلى المطالبة بوضعهم في الحجر الصحّي مدة 14 يوما حفاظا على أرواحهم وأرواح ذويهم وأحبابهم؟

المغتربون مواطنون جزائريون، ومن حقهم زيارة بلادهم في أيّ وقتٍ يشاؤون ومن الصعب مطالبتهم بالبقاء في المهجر إلى أن ينجلي المرض، ولكنّ على الأقل يجب أن يقبلوا بالخضوع للحجر الصحي وعدم إثارة أيّ فوضى، حتى أصبحت السلطات تشترط عليهم إمضاء تعهُّدات شرفية وهم في الخارج بالخضوع للحجر الصحي فور عودتهم. هل هذه المسألة المصيرية تحتاج إلى تعهُّدٍ شرفي؟!

أخيرا نودّ أن نشيد بسلوك مواطنين في المسيلة وعنابة اتصلوا بالأمن للإبلاغ عن إقامة عرسين بقاعتيْ حفلات بالمدينتين، فتدخّل وأفشل الحفلين، وأحالت ملفَّي مالكيهما إلى العدالة.. مثل هذا السلوكات تؤكّد أنّ الوعي بدأ ينتشر بين المواطنين بخطورة الوباء، وبأنهم مسؤولون أيضا عن مكافحته بطرقهم الخاصّة، فحينما يصبح الخطر داهما، ينبغي تطبيق حديث “منع خرق أسفل السفينة” حتى لا تغرق فيهلك الجميع.

مقالات ذات صلة