-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الانتقاد الهدام والسخرية في طابع المزاح

اضطراب نفسي يولد العدوانية والضغينة بين أفراد المجتمع

نسيبة علال
  • 1101
  • 0
اضطراب نفسي يولد العدوانية والضغينة بين أفراد المجتمع

يعتبر الكثير من الأفراد أن انتقاد الغير حق مشروع، ويصنفون أقوالهم اللاذعة وتعابيرهم المشينة التي يطلقونها في كل مناسبة سانحة في خانة حرية التعبير، لا يهمهم كم الأذى الذي تسببه للغير، ولا تعنيهم في ما بعد آثارها النفسية، وسواء كان هذا الأمر مقصودا أم عن حسن نية، للخبراء رأي آخر بخصوصه.

انتقاد الشريك اهتمام أم انتقاص من شأنه

بالنسبة إلى الكثير من السيدات، تعليقات أزواجهن حول مظهرهن الخارجي، جمالهن ولباسهن.. أو طريقة طبخهن، أو أسلوبهن في الحديث وغيرها حتى وإن كانت سلبية، فهي جزء من العلاقة وطقس من طقوس النقاش، إلى درجة أن الكثير من السيدات قد يبلغ بهن الأمر إلى تقبل هذا النوع من النقد الذي يعيب جوانب في شخصهن، كما يتقبلن الغزل والإطراء، فقط لأنه يأتي في طابع المزاح، تقول بهية: “من عادة زوجي أن ينعتني بالبقرة، لأن وزني زائد، ينتقد طبخي أيضا ويخبرني أنه لا يصلح للمساجين، إذا مشيت أمامه يعلق ساخرا مستهترا كأنه يمزح فينعتني بالحمامة الخفيفة، أما إن تحدثت فلا يكف عن التهكم على لهجتي، كل هذا أمام عائلته، التي سمحت لنفسها مع الوقت لمخاطبتي بالأسلوب ذاته”. أصبح الأمر لا يطاق بالنسبة لهذه السيدة، ما سبب لها مشاكل نفسية كثيرة، تفسرها الأخصائية مريم بركان على أنها نتيجة لنقص يعاني منه الزوج، وهي في ذلك تقول: “لا يعد الانتقاد اللاذع والهدام الذي يقدمه الشريك في طابع المزاح أو الغزل، أمرا طبيعيا ولا يجب أن يكون مقبولا، فالأصل أن يتبادل الزوجان الإطراء والتقدير، في إطار الاحترام والمودة، أما العبارات الجارحة ما إن لم تكن في موضع خلاف، فهي انعكاس لاضطراب أو نقص يعاني منه الطرف المتسبب في الأذية، وإلحاقه ضررا نفسيا بالطرف الآخر يغنيه عن الشعور بهذا النقص، ويسد حاجته لإكماله أو تصليحه”.. وتقصد الأخصائية هنا مثلا، الزوج أو الزوجة الذي يجد أن مستواه التعليمي والثقافي متدن وأقل من مستوى الشريك، قد نجده يتعمد إظهار الجانب المظلم للآخر، كافتقاده المال مثلا، ويربط ذلك بالدراسة والتعليم والعمل.. أحيانا تجد الطرف الذي لا يمتلك الجمال الخارجي يتعمد انتقاد حجم الطرف الآخر، أو أسلوب لبسه وذوقه، ويكون دائم التهكم عليه.

يعانون من عقد مدى الحياة.. الأطفال أكثر ضحايا السخرية

يظهر الواقع أن بعض المضطربين نفسيا المندسين في المجتمع يستخدمون الأطفال لتمرير رسائلهم المسمومة إلى أوليائهم أو أقاربهم، فينتقدون فيهم خلق الله وينعتونهم مزحا بأقبح العبارات التي تلتصق بهم أحيانا مدى الحياة، هذا الأمر عانت منه وبشدة السيدة حليمة، التي تعرضت للانتقاد من قبل عائلة زوجها في كل ما يخص تربية أبنائها، ما انعكس على مستقبلهم، تقول: “كانت جدتهم تنعتهم بالأغبياء على الدوام، لا تناديهم بأسمائهم إلا نادرا، أما أعمامهم فلا يستعملون سوى حيوانات كالشمبانزي، القرد، الغوريلا لمناداتهم، وكأنهم ينتقدون خلق الله الذي جعل أبنائي يتميزون يشعر أسود كثيف..” تضيف حليمة متحسرة متألمة: “في قاموس عائلتهم هذا يعتبر مزاحا ونوعا من الدعابة المرحة، لكن في الواقع هذا دمرني وجعلني أعزف عن تعليمهم ومتابعتهم، لأنه وبساطة دمرهم أيضا وجعلهم مقتنعين تماما بأنهم متخلفون عن أقرانهم وغير صالحين، حتى نتائجهم سيئة، وأصبحوا عدوانيين أيضا ويكنون حقدا للجميع”. في مثل هذه الحالة، يرجح خبراء أن ينشأ الأبناء بنفس السلوك الذي تعرضوا إليه أو ربما أكثر حدة، ينتقدون ويجرحون في الغير بلا مبالاة، لأنهم يعتقدون أنه سلوك عادي، ومن حقهم ذلك، في حال لم يتم متابعة اضطرابهم من مختصين، وإخضاعه للتوعية والتوجيه

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!