-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اقتداء الصحابة بسيرة النبي (3)

خير الدين هني
  • 119
  • 0
اقتداء الصحابة بسيرة النبي (3)

كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقول عند الخروج من الخلاء: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي”. وهناك أدعية أخرى رويت عنه -صلى الله عليه وسلم-ما يدل على أنه كان ينوع الأدعية تنويع شكر وحمد وثناء على نعم الله المتعددة، وكان يقول عند اقتراب حلول شهر رمضان: “اللهم بلغنا رمضان وبارك لنا فيه وارزقنا صيامه وقيامه، وكان يودع رمضان بقوله: “اللهم لا تجعله آخر العهد من صيامنا إياه، فإن جعلته فاجعلني مرحوماً ولا تجعلني محروماً”.

هذه الأفعال والأقوال التي كان يفعلها رسول الله –صلى الله عليه وسلم-كان يقتدي بها الصحابة في جميع أحوالهم، وكان البعض منهم ممن أسلموا آخرة يسألون ويبحثون ويستقصون سنة رسول الله إما للعمل والاقتداء بها، وإما لروايتها كيما ينالون أجر طلب علم الحديث وروايته بين المسلمين، حينما توسعت رقعة الفتوح وأصبح المسلمون من الموالي يطلبون علوم التفسير والحديث واللغة، للانتفاع بها في أمور دينهم وقضاء حوائجهم وأداء فرائضهم.

وقد تأسست مدارس لجمع الحديث في المدينة والبصرة والكوفة ومصر والشام، وبلدان المغرب العربي والأندلس وغيرها، وقد وضعوا منهجا صارما لقبول الحديث، والتثبّت من صحة عدالة الرواة وصحة الرواية متنا ومعنى، وكان أبو هريرة أكثر الصحابة اهتماما بجمع الحديث من النبي والصحابة وروايته، فعل أبو هريرة –رضي الله عنه- حيث أسلم في السنة السابعة من الهجرة ولكنه كان كثير الرواية عن النبي -عليه الصّلاة والسّلام- لأنه لزمه منذ أن أسلم سنة 7هـ، وكان خصيب الذاكرة قوي العارضة كثير الاهتمام بجمع الحديث، وذلك ما ساعده على حفظ عدد كبير من الأحاديث النبوية، ذكر الذهبي في ترجمته لأبي هريرة في كتابه «سير أعلام النبلاء» أن أحاديث أبي هريرة، بلغت في مسند المحدّث القرطبي بَقِيِّ بن مخلّد 5374 حديثا، اتفق البخاري ومسلم على 326 حديثا منها، وانفرد البخاري بـ 93 حديثًا، ومسلم بـ 98 حديثًا، وكثرة روايته عن النبي مع قصر المدة التي لزمها مع النبي يدل على أنه -رضي الله عنه- كان مولعا بتتبع أثر النبي في كل الأحوال.

وبعد وفاة النبي-صلى الله عليه وسلم- أخذ الصحابة في سرد تفاصيل غزوات النبي وسراياه وبعوثه ومراسلاته لملوك الأرض، مشافهة لأن سيرته -صلى الله عليه وسلم- كانت تنقل بين الناس بالرواية الشفوية كما كان ينقل الحديث وعلوم التفسير واللغة والشعر، لكون العرب لم تكن أمة تكتب وتقرأ وتدون تاريخها وآثارها، مثل الأمم المتحضرة التي كانت تحيط بهم، وكان محمد  ابن إسحاق أول من ألف في السيرة النبوية في كتاب نقله من قصص الصحابة، ومما جمعه أبان ابن عثمان وغيره ،كما كان من أوائل من ألّف في تاريخ العرب، قال ابن سعد: “محمد بن إسحاق أول من جمع مغازي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وألفها”، وقال صاحب سير أعلام النبلاء (الذهبي): “محمد بن إسحاق أول من دون العلم بالمدينة، قبل مالك وذويه، وكان في العلم بحرا عجاجا”.

والخلاصة أن الصحابة كانوا يتأسون برسول الله في كل شيء، وكانوا يتنافسون في الاقتداء بسنته حتى وافتهم المنية، ولحقوا به وهم ملتزمون. اللهم اجعلنا على من الملتزمين بتعاليم القرآن وسنة خير الأنام. آمين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!