جواهر

اقطعوا أرجلهن!

سمية سعادة
  • 5530
  • 9
ح.م

من المؤكد أن المبادرة “الذكية”التي قام بها أصحاب المراكز والمحلات التجارية الكبرى بنشر فيديوهات السرقة التي سجلتها الكاميرات على موقع يوتيوب، سيشكل صدمة كبيرة وضربة موجعة للنسوة اللواتي اتخذن من السرقة مصدر رزق، وسيدفع بهن هذا الأمر إلى”اعتزال”المهنة، أو ربما التفكير في إيجاد أساليب جديدة أكثر أمانا، حتى ولو تطلب الأمر الاستعانة بطاقية الإخفاء!.

قبل سنوات، لم نكن نسمع أو نرى أن امرأة فكرت، حتى مجرد تفكير، في أن تدخل محلا تجاريا لبيع الألبسة أو المجوهرات أو غيرهما من المواد الاستهلاكية، وفي نيتها أن تقوم بفعل السرقة، بمعنى آخر، سرقة مع سبق الإصرار والترصد. أما اليوم، فلم تعد المرأة تسرق فقط، لكنها تسرق ويتم تصويرها وبث صورها على وسائل التواصل الاجتماعي، وفوق ذلك كله، تصبح تلك الصور متاحة أمام المتصفحين للتندر والفكاهة، ولم يعد التجار وأصحاب المحلات يترددون، ولو للحظة، في التشهير بـ “السارقات” من خلال استعمال الصور التي تم التقاطها عبر الكاميرات الخفية التي زودوا بها محلاتهم.

لكن الأمر الوحيد الذي قد لا يمكن الجزم به هو ردود فعل أولئك النسوة اللواتي تمت عمليات تصويرهن، وإلى أي مدى تأثرن بتلك “التبهديلة” التي وقعن فيها بدافع أو بآخر، وردود فعل أهاليهن وعائلاتهن إزاء تلك الفضائح المنشورة بالصوت والصورة.

إذا حاولنا مقاربة فعل السرقة، ربما لن نختلف في كونه من الأفعال التي جاء الإسلام لتحريمها وزجرها بما سنه من أحكام رادعة للقضاء عليه وعلى آثاره، ولعل من أشهر المأثور عن الرسول صلى الله عليه وسلم غضبه حين جاءه أسامة بن زيد يحاول أن يتشفع لديه في المرأة المخزومية التي سرقت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَأيْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا”، وهذا يدل على ما لفعل السرقة من آثار اجتماعية وخيمة لا يجوز التساهل والتسامح فيها، ويظهر ذلك في قسم الرسول صلى الله عليه وسلم على أنه لم يكن ليتسامح في حد من حدود الله، حتى ولو كان مقترف السرقة أقرب الناس إليه، فاطمة رضي الله عنها.

ومن الناحية النفسية، يرجع المتخصصون في علم النفس هذا السلوك المشين إلى  حب المرأة السارقة للتملك ما يجعلها تمد يدها إلى شئ لا يخصها حتى وإن كانت ميسورة الحال، بينما تبرز التربية غير السوية التي تحرم الأبناء من الحب والعطف، كأحد الأسباب المساهمة في سيطرة هذا السلوك على الفرد في شتى مراحل حياته.

لكن في الأخير، تبدو هذه الأسباب الدينية والنفسية والتربوية واحدة، ولا تجد ما يبررها سوى أن هذه المرأة الراشدة التي تستطيع أن تفرق بين الحلال والحرام، وبين المقبول والمحظور اجتماعيا، تبدو في هيئة مقرفة وهي تخبئ المسروقات في ملابسها وحقيبة يدها بطريقة احترافية كاشفة عن شخصيتها المنحرفة التي يمكن أن تفسد أي شيء وضعت يدها عليه، فكيف يمكن لهذه اللصة أن تنجح في حياتها الزوجية وهي تعود إلى بيتها بمأكل وملبس حرام؟!، وكيف تربي أبناءها تربية صحيحة وهي التي تصطحبهم في بعض”غاراتها” إلى الأماكن التي ستسرق منها؟! وهذا ما كشفته بعض الفيديوهات على يوتيوب.

إن مثل هؤلاء النساء يتوجب “قطع” أرجلهن حتى لا يغادرن بيوتهن، إلى أن يتبن توبة صادقة من هذا الفعل المخزي، ويدركن ذنبه العظيم، وخطورته على الأسرة والمجتمع.

مقالات ذات صلة