-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
إقبال على الأواني والأجهزة الكهرو ـ منزلية

اكتساح تونسي لأسواق شرق البلاد عشية رمضان

سمير مخربش
  • 11731
  • 2
اكتساح تونسي لأسواق شرق البلاد عشية رمضان
أرشيف

تعرف مدينة العلمة بولاية سطيف، هذه الأيام توافدا متزايدا للتونسيين، الذي نظموا إنزالا حيويا اكتسحوا من خلاله الفضاءات التجارية في الجزائر، لاسيما الولايات الشرقية، في حركية مكثفة تسبق شهر رمضان امتزجت فيها عادات الشعبين مثلما امتزجت دماؤهم ذات يوم في ساقية سيدي يوسف.
التجول اليوم بحي دبي التجاري بالعلمة، تطغى عليه الغُنّة التونسية وما تحويه من كلمات اعتاد عليها سكان مدينة العلمة وزوارها.
فمنذ سنوات والحركة من تونس إلى الجزائر تعرف حيوية كبيرة وتضاهي نظيرتها من الجزائر إلى تونس في فصل الصيف، فالأشواط متبادلة بين الطرفين والتقاطعات على محور الطريق السيار في تزايد مستمر، خاصة بعد إكمال الشطر الأخير من هذا المسلك الحيوي، الذي زاد في متانة الروابط بين الجزائريين والتونسيين.
والملاحظ أن الحركة التونسية باتجاه العلمة بلغت ذروتها هذه الأيام، حيث يكثر الإقبال على بضاعة الحي التجاري التي اتسعت لتغطي كل شيء قابل للاستهلاك. ويشمل التسوق التونسي مختلف المنتجات الالكترونية والملابس والخردوات والهواتف والأجهزة الكهرومنزلية، وكل المنتجات المستوردة من الصين وكذلك المصنعة محليا في الجزائر، هذه الأخيرة أصبحت تستهوي التونسيين نظرا لقلة تكلفتها.
ولهذه الأيام خصوصيتها مع اقتراب شهر رمضان الذي طبع ألوانه على التسوق بشارع دبي، الذي اعتاد على التكيف مع كل المناسبات. فالإقبال مركز على مستلزمات الشهر الفضيل المتعلقة بالدرجة الأولى بالأواني والأجهزة الكهرومنزلية، التي تلقى رواجا كبيرا وسط الجزائريين والتونسيين على حد سواء، وذلك وفق عادة تجديد الأواني مع مجيء رمضان. وبما أن حركة الاستيراد قد انتعشت في الآونة الأخيرة في الجزائر فقد انعكس ذلك على تجارة الأواني المنزلية بمختلف أشكالها، والتي سجلت تراجعا في الأسعار نظرا لوفرتها ودخول عدد معتبر من الحاويات المحملة بهذا النوع من البضائع استعدادا لشهر رمضان.

تجديد الأواني.. تقليد جزائري ـ تونسي
فالمشهد هنا بحي دبي بالعلمة أخذ منحى آخر بعد رفع وتيرة التهافت على الأواني المستوردة والمحلية، والإقبال على هذا النوع من البضائع له طابعه النسوي الذي اشتركت فيه الجزائريات والتونسيات جنبا الى جنب، فالمحلات اكتظت وضاقت بالنسوة ومن معهن، وتعذرت الحركة وسط الحي التجاري وتعالت أصوات الصحون والكؤوس والأواني بمختلف أشكالها وأنواعها. واختلطت معها اللهجة التونسية بتداول كلمة “برشة” وغيرها من المصطلحات التونسية.
وحسب التجار الذين تحدثنا إليهم، فإن هذه الأيام التي تسبق الشهر الفضيل تعرف انتعاشا في الحركة التجارية بالعلمة، وعاد الحي التجاري إلى أيام زمان. فكل ما له علاقة برمضان هو الآن عملة مطلوبة تلقى إقبالا كبيرا، خاصة من طرف النساء التونسيات والجزائريات. وعملية تجديد أسطول الأواني في المنازل قبل رمضان لم تعد عادة جزائرية فقط، بل انتقلت عدواها إلى التونسيات اللواتي يتعمدن اليوم مفاجأة أزواجهن وأبنائهن بأوان جديدة مصدرها السوق الجزائرية بالعلمة.
ومن جهتنا تعمدنا التجول في حي دبي التجاري والاحتكاك بالتونسيين، وفي مقدمتهم التونسيات المنتشرات في كل أرجاء مدينة العلمة. وحسب السيدة نزيهة التي جاءت من المنستير فإن التسوق بالعلمة عاد علينا بالفائدة وحرك التجارة بتونس، فقد اعتاد التونسيون على هذه السوق، وهذه الفترة الاهتمام منصب على الأواني مع اقتراب شهر رمضان، والأسعار هنا مقبولة إلى أبعد الحدود، كما أن هناك وفرة وتنوعا وهناك أوان للبسطاء وأخرى فاخرة، والتركيز تقول محدثتنا يكون على الصحون وكل ما يزين مائدة رمضان التي لها نكهة خاصة. وأما السيدة سعيدة التي جاءت من باجة فقد اعتادت منذ سنوات على التسوق في دبي العلمة، وهي تهتم خاصة بالهواتف النقالة، لكن مع قدوم شهر رمضان فقد فضلت تغيير الوجهة نحو الأواني المنزلية التي تلقى رواجا أيضا بتونس.
وتقول الآنسة ليلى التي التقيناها بمحل للأواني بحي دبي: “وجدنا ضالتنا في مدينة العلمة، فكل شيء متوفر وبأسعار معقولة، كما أن تجار العلمة يعاملوننا معاملة حسنة ويقدرون المرأة التونسية، ما سمح لنا بخلق علاقات تجارية وأخوية في نفس الوقت، وقد تطور هذا التعامل مع تجار العلمة وأسس بين الطرفين روابط متينة، أصبح فيها القرض والتقسيط من التعاملات اليومية. وهناك من يأخذ البضاعة ولا يدفع لصاحبها حتى يبيع ويعود في الرحلة المقبلة، وهو العامل الذي عزز الروابط التجارية بين التوانسة والجزائريين وقد أعجبنا الحال برشة”.

خط ساخن يؤسس لعادات مشتركة
وعن التوافد المتزايد للتونسيين على مدينة العلمة وما جاورها، يقول السيد منصف وهو منظم رحلات بأن “عدد الحافلات القادمة من تونس في ارتفاع مستمر، وأصبحت تشرف عليه وكالات خاصة لها خط مباشر من عدة مدن تونسية باتجاه العلمة، وقد كثفت نشاطها في الآونة الأخيرة مع اقتراب شهر رمضان، حيث كثف التونسيون من نشاطهم وانغمسوا في الحركية التي يعرفها هذا الشهر الفضيل، والشيء الجميل يقول محدثنا لا نواجه أي مشاكل في الطريق، بل هناك تسهيلات كبيرة ومعاملة جيدة لكل التونسيين”.
هذا الخط الساخن لم تعد تحكمه التجارة فقط بين الجزائريين والتونسيين، بل امتد إلى العادات والتقاليد، وخلقت هذه الحركية تبادلا للبضائع والأفكار وأساليب الحياة وطرق التعامل مع المناسبات الدينية، كما هو الحال مع شهر رمضان، أين استفاد التونسيون من التجارب الجزائرية، من حيث الاهتمام بالأواني وكذلك الأطباق التي تزين مائدة رمضان.
وانصب اهتمام التونسيات على الأكلات الجزائرية الخاصة برمضان، فاكتشفت المرأة التونسية شربة الفريك وطجين الزيتون وطجين البرقوق الحلو والشباح الصفراء القسنطينية والمسفوف المعروف كطبق السحور في رمضان، وغيرها من الأطباق التي دفعت التونسية إلى نقل هذه الثقافة الشعبية إلى تونس، وبالتالي اقتناء مختلف المواد الموجودة في السوق كالبرقوق والزبيب والشباح الصفراء الجاهزة والفواكه المجففة.
فالإقبال مركز هذه الأيام على هذه المواد الغذائية التي يقتنيها التونسيون من العلمة، ومن حي الباطوار بسطيف المعروف بتجارة الجملة للمواد الغذائية، حيث تشد الرحال إلى هذه المنطقة لاقتناء أيضا المعلبات والمخللات والطونة والزيتون والزيت بأنواعه والمايونيز، ومختلف المواد الغذائية التي تغري التونسيات لوفرتها وتنوعها، ولسعرها الذي يسمح لهن بتحقيق ربح معتبر عند بيعها في تونس.
لقد ساهم التونسيون في إنعاش الحركة التجارية بالعلمة، وخلقوا حيوية كبيرة في الفنادق التي ارتوت بهذا التدفق، خاصة في هذه الأيام، حيث تسجل تشبعا وأغلبية الفنادق محجوزة عن آخرها إلى غاية شهر رمضان.
وبالمقابل، نقل التونسيون ثقافتهم إلى الجزائر من خلال نشر الأطباق التونسية التي اكتسحت هي الأخرى بعض المدن الجزائرية، وفي هذا الصدد يقول محدثنا السيد كمال عامر صاحب فندق بمدينة العلمة بأن للتونسيين أثرا كبيرا على انتعاش الحركة الفندقية والسياحية بالمنطقة، وقد خلق هذا التوافد علاقة حميمية بين الطرفين تطورت إلى أجواء عائلية بين التونسيين والجزائريين، حيث وجد الزوار كل الظروف الملائمة للإقامة المريحة، مع معاملة حسنة زادت في تعلق التونسيين بالمدن الجزائرية وأهاليها.
ويضيف السيد كمال عامر أن هذا النشاط زاد في حيوية الفنادق التي تطورت خدماتها، وأصبحت تصب في رغبات التونسيين والتونسيات فتخصص لهم الفنادق أماكن آمنة لحفظ سلعهم وتتساهل معهم في نشاطهم التجاري وما يترتب عنه من تحركات يومية. ويقول محدثنا حتى فيما يتعلق بالوجبات داخل المطاعم فقد تفاعلت هذه الأخيرة مع ذوق التونسيين، الذين اكتشفوا الأطباق التقليدية الجزائرية كالشخشوخة والمفرمسة والزفيطي وغيرها من الأطباق الشهية، مع تعمد بعض الفنادق تلبية رغبات التونسيين في تحضير أطباق تونسية خاصة، بل هناك طباخين استقروا في العلمة لتحضير الأكلات التونسية المعروفة بنكهتها الحارة.
وحسب العارفين بالسوق فإن توافد التونسيين سيستمر حتى في شهر رمضان، والصيام سيكون مشتركا بين الجزائريين والتونسيين، وستجمعهم مائدة الإفطار مثلما جمعتهم محتوياتها من الأواني والأطباق المتنوعة التي امتزجت بحكم رابطة الجيرة والدين، وكذلك الدم الذي امتزج بين الشعبين أثناء ثورة التحرير ولازالت كرياته الحمراء والبيضاء تربط الشعبين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • سيف حدي

    مدام الدينار التونسي يساوي 70في السوق السوداء و45في البنك يشري كل منتجات العلمة خير من يشري من الصين لان الدينار الجزائري رآه في الهاوية الله يحفظ ابلادنا وخلاص

  • علي بن داود

    ما دام الدينار التونسي ب 7 دينار جزائري . يشرب 3 قهاوي و يبقالوا الصرف بدينار واحد تونسي . هذا مثال . بدون التحدث عن البنزين و غاز السيارات .