العالم
الناطق الرسمي لحزب التحرير التونسي رضا بلحاج لـ الشروق:

الأحزاب الإسلامية تسلّطت على الدين و”النهضة” تروّج لـ”إسلام لايت”

الشروق أونلاين
  • 1709
  • 8
الأرشيف
رضا بلحاج

اختلف عن كل مكوّنات الطبقة التونسية الحديثة .. ينادي بالخلافة، ولكن بالوسطية والاعتدال، يرفع شعار “أمة واحدة.. دولة واحدة.. راية واحدة”، إنه “حزب التحرير” التونسي، الذي قاطع الانتخابات، وأدان الإسلاميين. التقت “الشروق” الرجل الأول في الحزب، فكان الحديث على واقع تونس والتيار الإسلامي في الوطن العربي.

 

 بدايةً، كيف ترصدون المشهد السياسي العام؟ 

المشهد في تونس مسكون بكثير من التناقضات، نحن أمام فرصة تاريخية رائعة، من 17 ديسمبر 2010 بدأ تغييرٌ كبير في البلاد، هنالك اختراق لحاجز الخوف، وأصبح هنالك متاحٌ سياسي كبير، وللأسف وقع التفاف عليه، وبسرعة من قوى الردّة، والثورة المضادة التي تعتبر مصالحها مسألة حياة أو موت. 

في بداية الثورة، انطلقوا من فكرة   نحكمكم أو نقتلكم”، وفعلا تمت أعمال مريبة، وعدد الذين قتلوا بعد 14 جانفي أكثر من الذين قتلوا في فترة الثورة، وبعدها جاء الضغط على الناس في تجسيد لمنطلق “نحكمكم أو نجوّعكم”، والذي تمّ بدعم من اتحاد الشغل، لكن الطبقة السياسية التفّت حول المطالب الشعبية، كما هو الحال مع “نداء تونس”، والذي أعتبره مجرد مجمّع وليس حزباً، انضم إليه مجموعة مصالح من الانتهازيين، واستغلوا الوضعية، وكأنهم قدموا أنفسهم كسيارة الإسعاف التي لا نطلق عليها النار، بل نساعدها على السّير، وهكذا جاءت حكومة إنقاذ زادت في التأزيم والإرهاب، وهو العنصر الخطير في المشهد العام، فبعد سنتين من الثورة لم تقع عمليات إرهابية خطيرة، لكن الأمر انفجر، وبعد اغتيال شكري بدأت تشتغل، الأمر الذي يدفعنا إلى القول إن الإرهاب ليس تلقائياً، بل مصنوع ومدفوع.

 

لكن الدافع الإيديولوجي للعمل الإرهابي هو ديني؟

الجهة المنفذة هي عجينة مبللة تصنع بها ما تريد، نعم هنالك أرضية خصبة، هنالك أشخاص غاضبون، أو لهم توجّهات دينية، لكن لا يُعقل أن أحداثا كبيرة وقعت في تونس من قتل وذبح لعسكريين، ثم يقال إن مجموعة لا تتعدى 60 نفراً ترتكب تلك الأفعال، ثم تنسحب بسلام.

ما يحصل أدخلنا إلى حالة لا معقول، المواطن التونسي الآن لا يصدق الروايات الرسمية لأنها مثقوبة، والكثير من الأدلة أن الإرهاب ماكنة، إلى حد الآن لم تُسوّ أي محاكمة، ما ترك الناس وبغريزة حب البقاء، إنهم لا يريدون الموت والدماء، هكذا جاءت ماكنة نحكمكم أو نقتلكم”، أو “نحكمكم أو نجوعكم”، أو “نحكمكم أو الفوضى”.

وإجمالا، حالة الالتفاف والأسئلة المعلقة جعلت المواطن يبحث عن الأخف والأقل ضررا، والنتيجة انتخابات باهتة وبلا زخم.

 

فيمَ تختلفون عن الأحزاب ذات المرجعيات الإسلامية؟

الإسلام موصوفٌ قبل أن يكون صفة، الصفة قد يتم انتحالها، الصفة الإسلامية للجميع، وقد ينتحلها البعض، وهذا موجود، نحن نرسم الخط المستقيم عند الخط الأعوج، نحن لا نتسلّط بالدين ولا نتسلط على الدين، التسلط بالدين يكون بالتحول إلى رجال دين، ويصبحون كمالكين لصكوك الغفران أو التوبة، ونحن لا نتسلط على الإسلام بالتأويلات الليبرالية أو العلمانية، وأصبح الإسلام مميعا لا يكاد يبيّن له منهجا، هذا تسلط على الإسلام باسم عقلنة الإسلام، الإسلام يزن ولا يوزن، والآن يقال عدّلوا الإسلام مدنيا حتى نقبله، أو ليبيراليا، وقبله جعلوه اشتراكيا حتى يُقبل.. هذا تسلط، لقد طوّعوا الإسلام.

 

هل من أمثلة على المظاهر التي تحدثت عنها؟

لما ترى بعض من يزكي نفسه بأنه المسلم الوحيد، يتحوّل ليحاكم الآخرين، هذا مسلمٌ، وهذا علماني، والآخر اشتراكي ومرتدّ، ويأخذ إجراء كأنه دولة، يقتل إخوانه بعدما يكفرهم، هذا محرّم شرعا، والمصيبة أن هذا الذي يزكّي نفسه كان قد انتهى لتوّه من قراءة أول كتاب في حياته، حتى الاختلاف الفقهي لا يقبله، هذا نوعٌ من التسلط، كما أن هنالك تسلطاً آخر؛ هنالك “إسلام لايت”، فأصبح الإسلام باهتاً يستوعب كل شيء، ويرضي كل المنظومات الإيديولوجية، وأصبح انبطاحيا. في تونس “النهضة” عليها العديد من الأسئلة: أين الإسلام حقا؟ أين خطاب الثمانينات؟ اليوم يقع التسلّط عليه بمقولات عجيبة غريبة، الغنوشي قال إن الإسلام علماني يقبل اللائيكية المعتدِلة.

 

إذن، التجربة الإسلامية فشلت في منظورك؟

ليس كل من تسمى إسلامياً فهو إسلامي حقيقي، حركات سميت إسلامية لكن التسمية ألحقت زورا، ما تسمى الحركة الإسلامية في تركيا تسميتُها زور، لأنها تنصّلت، وتقول إنها ليست إسلامية، صفة الإسلامي ألحقت بأردوغان، هل لأنه يصلي وزوجته ترتدي الحجاب والخمار!؟ لقد تم تلويث الصفة، فحركة النهضة تقول إنها حركة مدنية، وباختيارها التصنيف يجب أن تُحاسب عليه، الإسلام السياسي لم يفشل، لأنه لم يدخل إلى الحكم، من فشل أشخاص وليس الإسلام، المخاض الذي تعيشه الأمة حاليا جيّد، لأنه يميّز الخبيث من الطيب.

 

العناوين التي تحملها لا تختلف عن العناوين التي يرفعها أبو بكر البغدادي، خاصة “الخلافة الإسلامية”؟

الحقّ مطلوب لذاته، والحق يبقى حقا، سواء سبق إليه زيدٌ أو عمر، ويُعرف الرجال بالحق، حزب التحرير تأسس سنة 1957، وقبل نشأة التيار السلفي، ومسألة الخلافة أمرٌ عظيم لم يتخلف عليها مذهبان ولا فقيهان، هي من بديهيات الإسلام، هذا قول طاهر بن عاشور وابن باديس، ولكن عندما ادّعى الانجليز الخلافة عبر شريف مكة للانقلاب على العثمانيين، هل تبطل الخلافة كهدف؟

لكن هذا التنظيم أي “الخلافة الإسلامية” في سوريا والعراق، غايته تبرر الوسيلة، ويعتمد القتل المفتوح، وفتح الجبهات على المسلمين قبل الأعداء، ويسمّونهم منافقين، هذه نظرية مرعبة وخطيرة، وهذا باطلٌ وحرام.

مقالات ذات صلة