-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الأخضر الإبراهيمي يخوض آخر مغامرة دبلوماسية

عابد شارف
  • 3897
  • 6
الأخضر الإبراهيمي يخوض آخر مغامرة دبلوماسية

فرضت الأزمة السورية على الأخضر الإبراهيمي أن يخوض مغامرة دبلوماسية جديدة. لكن النتيجة لن تكون هذه المرة مرهونة بقدرته على المراوغة، إنما باستعداد الأطراف الفاعلة على قبول حد أدنى من التنازلات…

مباشرة بعد تعيينه وسيطا أمميا جديدا في الملف السوري، خلفا للسيد كوفي عنان، أثار قبول السيد الأخضر الإبراهيمي لهذه المهمة المستحيلة نوعا من الحيرة، سواء في الأوساط الدبلوماسية أو عند من يتابعون مجريات الأحداث في بلاد الشام. وفعلا، فإن كل المعطيات تشير مبدئيا إلى استحالة الوصول إلى حل يرضي الطرفين، بسبب تفرع المشاكل وتعدد الأطراف الفاعلة، مع العلم أن كل طرف وضع حدودا يرفض التفاوض دونها.

وجاء أول هجوم ضد السيد الإبراهيمي من المجلس الوطني السوري ومن قناة الجزيرة، التي فرضت نفسها كمتعامل له دوره في الأزمة السورية. وقد طلب المجلس الوطني السوري من السيد الإبراهيمي أن يعتذر لأنه لم يطلب استقالة الرئيس بشار الأسد كنقطة انطلاق للمفاوضات. وبطبيعة الحال فإن السيد الإبراهيمي يعمل طبقا لمنطق آخر، وليس عليه أن يملي شروطا قبل بداية عمله، على أن يتم اتحاذ القرارات في وقتها وفي الإطار المحدد لها.

وكان من الطبيعي أن يبادر المجلس الوطني السوري بمثل هذا التصريح لأنه يريد أن “يغلي الشربة”، ويرفع مستوى المزايدات، حتى يضغط على السيد الإبراهيمي. ومن الطبيعي أن يستقبل الإبراهيمي هذه التصريحات بهدوء كبير لأنه يعرف أن المجلس الوطني السوري، حتى وإن استطاع أن يفرض نفسه إعلاميا، إلا أنه يخضع لقوى تسانده وتستطيع أن تضغط عليه إذا اقتضى الأمر.

هل سيساهم الأخضر الإبراهيمي في تخفيف آلام الشعب السوري، وهل سيساهم في وضع حد لتدمير هذا البلد الذي اختاره الأمير عبدالقادر في منفاه؟

أما قناة الجزيرة، التي غرقت بين الإعلام والنضال، فإنها جعلت من السيد الإبراهيمي طرفا في النزاع ليظهر وكأنه مساند للنظام القائم في سوريا. لكن وزير الخارجية الأسبق رفض التعامل مع هذا التصرف وركز على أساس مهمته الجديدة، وهو يعرف جيدا أن القرارات الحقيقية لا تؤخذ في الدوحة بل في واشنطن وباريس وموسكو وبكين ولندن وطهران.

وهنا تظهر طبيعة الأزمة السورية، التي ربما كانت يوما ما أزمة نظام داخلية، لكنها تغيرت مع الأيام والأشهر، وتحولت إلى أزمة جهوية ثم دولية، لا يمكن التعامل معها كحلقة بسيطة من حلقات الربيع العربي. ولا يمكن حل مثل هذه الأزمة بفضل الحنكة أو التجربة أو العلاقات الشخصية، ولا حتى باستعمال الرصيد التاريخي والشبكات الدبلوماسية إذا غابت الإرادة السياسية عند الأطراف الفاعلة.

ولا يمكن للسيد الإبراهيمي أن يتجاهل ذلك، ولا بد أنه يعرف أن البلدان الغربية قررت ألا تترك سور يا قبل سقوط نظام بشار الأسد، وأن سوريا مرحلة ستليها حلقة أخرى تسمى القضاء على تنظيم حزب الله في لبنان، قبل المرحلة الأخيرة المتمثلة في تركيز كل الجهود ضد إيران. وما عسى أن يفعل السيد الإبراهيمي في هذه الوديان والشعاب، وهو يعرف جيدا قواعد اللعبة وأهم المشاركين فيها؟

من هنا ظهرت القراءات المختلفة لتعيين السيد الإبراهيمي، أولها أنه كان يعرف منذ البداية أن هناك استعداد لفتح بعض الأبواب أمام المفاوضات، خاصة من جانب السلطة السورية التي تكون قد قبلت فكرة استقالة الرئيس بشار الأسد كنقطة انطلاق لحل الأزمة. وقد صدرت التصريحات الأولى في هذا الاتجاه من طرف رسميين سوريين، مما قد يعطي معنى سياسيا لمهمة السيد الإبراهيمي.

ويقول أحد المتتبعين للملف السوري إن السيد الإبراهيمي يكون قد قرر التكفل بهذه المهمة دون أية ضمانات، إما بدافع المساهمة في وضع حد لتدمير سوريا، إما لأسباب شخصية تمسه بصفة خاصة. ولم تظهر بوادر تؤكد أن السيد الإبراهيمي تحصل على موافقة من السلطات الجزائري، رغم أن أحد أصدقائه يستبعد وبصفة مطلقة أن يكون السيد الإبراهيمي قد قام بهذه المبادرة دون استشارة السلطات الجزائرية. ونحن نذكر أن وزير الخارجية الأسبق محمد بجاوي ترشح لرئاسة منظمة اليونسكو ضد الموقف الجزائري…

وهناك أخيرا من يذكر أن السيد الإبراهيمي قد لعب أدوارا مماثلة في الماضي في لبنان وأفغانستان على الخصوص، وهي الأدوار التي انتهت بحلول فيها وعليها… وفي لبنان كان دوره أساسيا لتحضير اتفاق الطائف، أما في أفغانستان، فإنه احتل الواجهة في مرحلة انتقالية سمحت للولايات المتحدة أن تفرض رأيها وتتصرف مثلما شاءت. فهل سيكون دور السيد الإبراهيمي في سوريا مرحلة بسيطة قبل فرض الحل السعودي الأمريكي، ليؤكد أن السيد الإبراهيمي يسبح في هذه المياه منذ زمن بعيد، أم أن دوره سيخفف فعلا من آلام الشعب السوري ويساهم في وضع حد لتدمير هذا البلد الذي اختاره الأمير عبدالقادر في منفاه؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • م. بلحاج

    تمنيت من السيد الابراهيمي أن يرفض المهمة لأن عائلة الابراهيمي عائلة علم و همة ،والأمر الآخر سوف تلقى الله يا سي لخظر أمام الله تذكر عندما
    تذهب لدمشق و تصافح المجرم،الذي تلوثت يديه بدماء الشعب السوري الحبيب تذكر الأطفال و الشيوخ و العجائز ،استقل و دع المقاومة تنسفه فان الله سيمكن لهم،لا تنسى الشعب السوري الذي استقبل البشير الابراهيمي و أحبه لا تنسى مساعدة الشام لنا أيام ثورتنا الدنيا الى زوال و المال لا ينفع .

  • عليان - س - الثقفي

    لابد من ذهاب بشار اولا ليكون اي حل ممكن ومنصف لابد من انتهاء النظام الطاغيه وزبانيته وعلى الاخضر الابراهيمي الانحياز للاحرار في الجيش السوري الحر ودول الخليج -هؤلاء الاحرار هم من يعول عليهم وبيدهم الحل والعقد -اما اي حل لا يكون فيه خروج بشار من المشهد ومن سوريا كلها--فهو مضيعه للوقت -وهذا النظام -ساقط بقوة الله لأن اغتصاب النساء ونحر الاطفال وهدم البيوت على ساكنيها والاعدامات الجماعيه -جبروت وطغيان سيكون جوابه من عند الله مهما علا وطغى المجرمون ومهما حصلوا على دعم من امثالهم الظالمون ---

  • طارق

    سؤال للاخ عابد شارف.. علاش حكومة اسرائيل و انا اقول اسرائيل ليس للاستفزاز ولكن واقع هي خائفة من الابراهيمي ... و ايضا دول الخليج ك قطر و السعودية والاعلام العربي ك فرانس24 و سكاي نيوز الاماراتية و صحفيوها يتهمون الابرهيمي ودائما يستفزونه بالاسئلة انك مع النضام الجزائري كانهو مبعوث من الجزائر ومنصب من بوتفليقة وانه مع النظام السوري ومع العلم انه الامم المتحدة نصبته وهو لا علاقة له بالجزائر ...الامم المتحدة صادقة في نيتها ام هناك اشياء تحت الطاولة المفوضات..وشكرا...

  • بثينة

    وفقه الله

  • سوسن

    نتمنى له التوفيق في حل الازمة واتمنى ان يكون صادقا ولا ينحاز الى امريكا و حلفاؤها بل ان يتاكد من راي اغلبية الشعب .كان يطالب باجراء استفتاء لمعرفة الحقيقة. لان تسليم السلطةللمجلس الوطني التابع لامريكا لا يقبله كل السوريين ولا العرب الاحرار منهم والافضل هو اختيار الشعب فهو افضل من يفصل بينهم

  • مذكور حمدي

    لاتنقصوا من قيمة الجزائري الاخضر الابراهيمي وهو مهندس مؤتمر الطائف الذي اوقف الحرب الاهلية بين الفرقاء اللبنانيين كما كان وسيطا بين الافغانيين وحركة الطالبان وهو اليوم يختار وسيطا بين السوريين نظرا لتجربته الظويلة ولمعرفته واطلاعه عن قرب بجغرافية سوريا وطوائفها المختلفة ونسبه للاردن ولبنان وانا واثق بانه سينجح في هذه المهمة النبيلة التي ستوقف وديان سيل الدماء بين الاخوة الاعداء. ان شاء الله وعلى بشار الاسد والمجلس الوطني السوري التنازل لصالح الشعب السوري وعقد صلح دائم يقيهم من الحرب والدمار