الرأي

الأرض لمن ينهبها!

جمال لعلامي
  • 3468
  • 4

الكثير من الاتصالات والتعليقات حول ملف “الشروق” الذي حمل عنوان “حتى الأرض كلاوها”، المتطرّق إلى نهب العقار وآلاف الهكتارات من الأراضي، أكدت أن ما تم نشره ما هو إلاّ نماذج فقط مهرّبة من الخروقات والتجاوزات التي تورّط عدّة مسؤولين ومقاولين وإداريين ومصالح حوّلت شعار: الأرض لمن يخدمها، إلى: الأرض لمن ينهبها أو يسرقها، وفي السرقة والنهب فليتنافس المتنافسون!

لقد ضاعت آلاف الهكتارات من الأراضي الفلاحية والعقار الصناعي والتجاري، وتمّ بيع آلاف الهكتارات “المؤمّمة” بالدينار الرمزي، والمصيبة أن العديد من المستفيدين، استفادوا من هذه العقارات خارج القانون والأخلاق، ومنهم من تحوّل إلى بزناسي يبيع ويشتري الأراضي ويسمسر فيها بما ألبسه جلباب الثرّي الذي لم يسل عرقه أبدا!

المطلوب فتح تحقيقات عاجلة وعادلة، لاصطياد المفسدين في الأرض، وناهبيها وسرّاقها ومؤممّيها وليس مؤمنيها، فقد أمّم متورطون ومتواطئون حسب شهادات وقرائن، تبقى في حاجة إلى أدلة موثقة، أمّموا أوعية عمومية كانت مخصصّة لإنجاز مشاريع عمومية تتعلق ببناء مساجد ومساكن اجتماعية ومحلات تجارية وأسواق، والأدهى والأمرّ، أن مفسدين استحوذوا على مساحات خضراء وجيوب “منسية” عبر المدن وخارجها!

التحقيقات عليها أن تشمل الوكالات العقارية ومصالح عبر الدوائر والولايات والبلديات، حتى يتمّ “كشف البازڤة”، ومحاسبة ومعاقبة المتورطين والمتواطئين معهم، والبداية تكون بسؤال: “من أين لك هذه الأراضي”؟

هل يُعقل أن يبقى هؤلاء الطماعين و”الإقطاعيين الجُدد” بلا حساب ولا عقاب؟ وقد تسبّبوا في تعطيل ومنع إقامة أو إتمام مشاريع عمومية لفائدة الشعب والدولة، نتيجة التهامهم لهكتارات تكفي لإسكان أو تشغيل الآلاف من الجزائريين الذين يُعانون أزمتي البطالة والسكن!

من الطبيعي أن تعجز الحكومات المتعاقبة عن حلحلة تراجيديا السكن، طالما أن أشخاصا معنويين وماديين استحوذوا على مساحات تكفي لإنجاز برامج المليوني وحدة سكنية، وتكفي لإقامة مصانع إنتاجية توظف الآلاف من “الشومارة”، ولعلّ مصيبة المصائب، أن تستحوذ ثلة من “المحظوظين” والمحتالين على هكتارات طويلة عريضة ويقتطعون من أراضي الدولة، بينما لا يجد زوالية أربعة أمتار تحفظ كرامتهم وتسترهم من البرد والأمطار والإهانة!

ليس خافيا، وبشهادة الشهود، أن “أميار الفيس” أهدوا أراض لحاشيتهم وعائلاتهم بداية التسعينيات، ليواصل رؤساء المندوبيات التنفيذية “المجزرة” في حقّ أراضي الدولة، وبعدها استمرّ الاقتطاع في عهد “أميار الأرندي”، قبل أن تلغي السلطات العمومية صلاحية البيع والتوزيع!

الطامة الكبرى، أن توقيف البيع والتوزيع والتنازل، ظلّ ظاهريا فقط، فعمليات النهب والسطو والاستحواذ على “بقايا” الأراضي التابعة لملكية الشعب الجزائري، استمرّت، والخطير أنها استمرّت بطرق ملتوية واحتيالية، وقد يكون الأخطر من ذلك، أن سرّاق الأرض لم يتركوا وراءهم أيّ دليل لتقفـّي آثارهم وتأميم المساحات الشاسعة التي نهبوها في الليل والنهار!

هو نوع آخر من الفساد المسكوت عنه، ولو مؤقتا وظرفيا، وحين يتمّ فتح الملف إن آجلا أو عاجلا، فإن الفضائح ستكون “بجلاجل” نظرا لأن الذي حدث لا يُصدّق ويُمكن تصنيف جزء منه في خانة “الجرائم الكبرى” التي استهدفت الأرض، والحمد لله أن الأمر يتعلق بما فوقها وليس ما تحتها من ثروات!

مقالات ذات صلة