الجزائر
من تناقضات زمن كورونا

الأطباء الخواص يغلقون عياداتهم وعمال النظافة يواصلون الكفاح

سمير مخربش
  • 1221
  • 6
ح.م

أغلق أغلبية الأطباء الخواص بولاية سطيف، عياداتهم هروبا من الوباء وتركوا المرضى في حيرة من أمرهم، واكتفى بعضهم بالعلاج عن بعد عن طريق الهاتف، في الوقت الذي يكافح فيه آخرون في الميدان رغم قلة الدخل والإمكانيات.

الأطباء الخواص يعدون اليوم من “المخلفين الذين تولوا يوم الزحف”، فغلقوا الأبواب واعتزلوا الناس خوفا من انتقال العدوى، في الوقت الذي يتواجد زملاؤهم في المهنة في الصفوف الأولى داخل المستشفيات، ولم يغادروها منذ انتشار الوباء، مع العلم أن أصحاب العيادات هم من فئة الأثرياء، الذين اغتنوا من تسعيرة الكشف التي تبدأ من 2000 دج، وقد تتجاوز المليون إذا أضيفت لها خدمات طبية أخرى، رغم وضعهم الحسن، إلا أنهم انسحبوا من الميدان، وتوقفوا عن النشاط، مخلفين حيرة كبيرة وسط المرضى الذين أصيبوا بخيبة كبيرة.

فرغم تعليمة وزارة الصحة التي تأمرهم بضرورة مواصلة النشاط بصفة عادية، إلا أن أغلبيتهم فضلوا الحجر المنزلي في غير محله، في حين تنازل البعض منهم وقاموا بنشر أرقام هواتفهم على صفحات الفايسبوك، وقالوا بأنها مفتوحة للمرضى الذين بإمكانهم الاتصال بهم وسيكونون في الخدمة عبر الهاتف، وهنا يتساءل العديد من المرضى، كيف يكون الكشف عن بعد وأبسط مثال مع المختصين في جراحة الأسنان، هل يمكن قلع الضرس عن بعد، وهل يمكن أن يكون الهاتف فعالا في معالجة الأمراض دون تشخيص عن قرب. مع العلم أن هناك من اتصلوا بالأرقام المنشورة، ولم يجدوا إجابة فزادهم الأمر خيبة على أخرى.

وفي نظر العارفين بالميدان من المفروض أن العيادات الخاصة تضاعف من نشاطها، لأن المستشفيات العمومية منشغلة الآن بوباء كورونا، وقد تم تفريغ أغلبية المصالح للتكفل بالمصابين بالوباء، وبالتالي لا مفر إلا إلى العيادات الخاصة، لكن هذه الأخيرة لم تحترم الواجب المهني، وقد يقع بعض الأطباء في حالة عدم تقديم مساعدة لشخص في وضع خطير. يحدث هذا في الوقت الذي فضل العاملون في القطاع العمومي، مواصلة المعركة والتضحية بحياتهم وذويهم ووقتهم، رغم دخلهم الضعيف جدا مقارنة مع الأطباء الخواص، بل حتى أبسط العمال بقوا في الواجهة كما هو الحال مع عمال النظافة الذين يواصلون عملهم بصفة عادية وحافظوا على نظافة البلاد في عز الأزمة رغم صعوبة ظروف العمل وقلة الدخل.

 فعندما ينسحب الذي له دخل  شهري يفوق المائة مليون سنتيم، وهو معني مباشرة بالمرض. ويبقى الذي دخله لا يتجاوز 2 مليون سنتيم يكافح في الميدان، فذلك من التناقضات التي تكتشفها البلاد في زمن كورونا، وعندما يخرج الطفل الكشاف إلى الميدان، لمحاربة الكورونا بالتضامن والتحسيس، ويبقى الطبيب في بيته يضع رجلا على أخرى ينتظر زوال الفيروس، فهذا يعني أن هناك وباء آخر أصاب العقول وهو الأولى بالعلاج.

مقالات ذات صلة